ماجد سوس
 لا يوجد ما هو أهم من أولادنا وخلاص نفوسهم وأرواحهم التي استأمنا الله عليها، بها سنقف أمامه يوما لنقدم كشف حساب عنها. والوضع في هذه الايام مع تيارات الشر والانحلال الخلقي المنتشرة في المجتمع الغربي، أضحى خطيرا لا يحتمل المهادنة ولا المداهنة. فلم تعد الحاجه إلى مجرد تعاليم ونصائح نقدمها لهم وحسب وإنما الأمر أصبح خطيرا، عصيا يحتاج لتحرك مجتمعي قانوني سريع ومنظم. يحتاج لنساء ورجال يحملون على أكتافهم مسؤولية إنقاذ هذا الجيل من السير في طريق الهاوية. المجتمع الان يبحث عن رجل كنحميا يبني الجدار ويقف في الثغرة (حز٢٢: ٣٠) ليسدها لينقذ اولاد الله.

و الحفاظ على اولادنا  يحتاج إلى تحرك ثلاثي الأبعاد، البعد الأسري، الديني، والحكومي.

البعد الأول، الأسرة وعليها دور رئيسي في تعزيز الهوية الثقافية عن طريق تعريف أولادها منذ الصغر بالعادات والتقاليد المرتبطة بثقافتهم الأصلية، مما يساعدهم على الشعور بالفخر بانتمائهم الثقافي. وعلى الأسرة أن تحرص على خلق جو من الحوار المفتوح مع الأولاد لمناقشة القيم والتحديات التي يوجهونها في المجتمع الجديد مع تشجيعهم على احترام ثقافة البلد الجديد والتفاعل الإيجابي معها دون التخلي عن قيمهم ومبادئهم الأصلية.

كما أن الأسرة أيضا تلعب دوراً مهماً في تطبيق القيم التي يريدون غرسها في أولادهم من خلال القدوة الحسنة وسلوكهم اليومي وأسلوب حياتهم. في النهاية الأسرة مطلوب منها أن تراقب أولادها فيما يشاهدوه وفيمن يصادقونه والأهم تشجيعهم على الذهاب إلى دور العبادة وممارسة حياة روحية حقيقية.

البعد الثاني، دور العبادة. وأستطيع أن أشهد كقبطي عن الطفرة الهائلة والنشاط الجبار الملموس للكنيسة القبطية في المهجر وبصفة خاصة كنائس كاليفورنيا وبصفة أخص إيبارشية لوس انجلوس وجنوب كاليفورنيا التي يقودها مطران حكيم نشيط وهو نيافة الأنبا سيرابيون والذي استطاع في عقود قليلة أن يصل بالإيبارشية، إلى ما يقارب الستين كنيسة وقرابة المئة كاهن والكل يعمل بجد ونشاط وتفاني ليل نهار.

البعد الثالث، وهو أصعبهم، البعد الحكومي او بالأدق السياسي. وفي الحقيقة هذا البعد هو الذي دفعني لكتابة هذا المقال والفكرة طرحها الأسبوع الماضي نيافة الأنبا سيرابيون في حديثه مع القمص داود لمعي، فقد أشار في حديثه، أنه وفقا لمبادئ كنيستنا وللقانون الأمريكي لا يجوز للكنيسة العمل في السياسة لذا نحن في حاجه إلى أقباط ينخرطون في العمل السياسي ويقفون ضد القوانين التي تؤدي إلى الانحلال الأخلاقي والتي تؤثر على مستقبل أولادنا.

أطلق نيافته فكرة جيدة أتمنى أن تلقى صدى لدى نفوس المهتمين وهي إنشاء كيان سياسي يكون له تأثير على الناخب ولو على المستوى المحلي أولا ثم يمتد يوما إلى التأثير الفيدرالي. الجديد في هذه الفكرة أنه على مدة سنين كثيرة دأب الأقباط على تكوين جمعيات ومنظمات تهتم بالشأن المصري فقط خوفا على وضع الأقليات في مصر وهو أمر جيد بالطبع، ولكنهم كانوا يلتفتون عن شأنهم الداخلي ومستقبل أولادهم في المهجر، لذا آن الأوان ألا نترك هذا ولا ذاك؟  

تأسيس اتحاد سياسي وقانوني لأقباط المهجر، يخضع للدستور الأمريكي، لم يعد مجرد خيارا، بل ضرورة إنسانية ملحة لحماية كل أطفال المجتمع من كل الشعوب والجنسيات، ولا سيما مع إدارة أمريكية جديدة ترفض المساس بتلك القيم وعلينا اقتناص هذه الفرصة الذهبية. ومن خلال هذا الكيان، يمكن لأقباط المهجر التأثير في القرارات السياسية، وتقديم مبادرات قانونية تحمي حقوق العائلات في تربية أطفالها بما يتوافق مع القيم الدينية والأخلاقية.