مارجريت عازر
يشهد العالم العربى فى العقود الأخيرة سلسلة من الأزمات والتحديات التى انعكست على استقراره وتقدمه. تُثار تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذه المشكلات: هل هى نتيجة استهداف خارجى ممنهج؟ أم أنها نابعة من غياب الوحدة العربية؟ أم أن الطمع الغربى لثروات المنطقة يلعب الدور الأبرز على حساب مستقبل الشعوب؟!.
لا يمكن إنكار أن المنطقة العربية محط أنظار القوى الكبرى بسبب موقعها الجغرافى الاستراتيجى ومواردها الطبيعية الهائلة. هذا الاستهداف تجلى فى شكل تدخلات عسكرية مباشرة أو غير مباشرة، مثل الغزو الأمريكى للعراق أو النزاعات التى تغذيها الأطراف الخارجية لتحقيق مصالحها الخاصة، إضافة إلى ذلك، تُستخدم أدوات مثل العقوبات الاقتصادية والدعم الخفى لجماعات مسلحة لزعزعة الاستقرار. الهدف من هذه التدخلات ليس فقط السيطرة على الموارد، بل أيضًا إبقاء الدول العربية فى حالة ضعف تمنعها من التوحد والتأثير عالميًا.
ورغم وجود مؤسسات مثل جامعة الدول العربية، فإن تحقيق الوحدة الفعلية بين الدول العربية ظل بعيد المنال. الخلافات السياسية، والتوجهات المتباينة بين الدول، والانقسامات الطائفية والمذهبية، ساهمت فى تعميق الانقسام العربى. هذا الغياب للوحدة يجعل الدول العربية عرضة للابتزاز والتدخل الخارجى، كما يُفقدها القدرة على اتخاذ مواقف قوية فى مواجهة القضايا الإقليمية والدولية.
الوحدة لا تعنى فقط العمل المشترك على المستوى السياسى، بل أيضًا على المستوى الاقتصادى والثقافى. فالدول العربية تمتلك إمكانيات هائلة تمكنها من بناء اقتصادات قوية ومستدامة إذا ما تعاونت. ومع ذلك، الانقسامات الحالية تُضعف أى محاولات حقيقية لتحقيق التكامل.
على الصعيد الداخلى، تعانى العديد من الدول العربية من أزمات سياسية نتيجة الصراعات على السلطة. هذه الصراعات غالبًا ما تكون بين النخب الحاكمة، أو بين الحكومات والمعارضة، مما يؤدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. فى ظل هذه الصراعات، يُهمل الاهتمام بمستقبل الشعوب واحتياجاتها الأساسية، مثل التعليم والصحة والبنية التحتية.
الطمع فى المال يلعب أيضًا دورًا كبيرًا، حيث إن الفساد المالى والإدارى ينهش فى جسد العديد من الدول، وبدلًا من استغلال الموارد لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة تُبدد الثروات فى مشروعات بيروقراطية غير مدروسة أو تُستخدم لتحقيق مكاسب شخصية.
الشعوب العربية هى الضحية الأكبر لهذه الأزمات. انتشار الفقر، البطالة، والهجرة القسرية باتت واقعًا يعيشه الملايين. كما أن غياب الاستقرار السياسى والاقتصادى أدى إلى تدهور جودة الحياة وزيادة الإحباط لدى الشباب، مما يهدد مستقبل المجتمعات العربية.
لمواجهة هذه التحديات يجب أن يكون هناك إصلاح داخلى شامل فى الدول العربية، يشمل تعزيز الديمقراطية، محاربة الفساد، وتحقيق العدالة الاجتماعية. كما يجب تعزيز الوحدة العربية من خلال مشروعات مشتركة فى مجالات مثل التعليم، الطاقة، والتجارة.
على الصعيد الدولى، ينبغى للدول العربية أن تعمل على تقليل اعتمادها على القوى الخارجية وبناء تحالفات إقليمية قوية. الحلول موجودة، ولكنها تتطلب إرادة سياسية حقيقية وتعاونًا مشتركًا لتحقيق مستقبل أفضل.
فى النهاية، مصير العالم العربى يعتمد على قدرته على التوازن بين مواجهة التحديات الخارجية وتحقيق الإصلاح الداخلى، بما يضمن حقوق الشعوب ويصون سيادة الدول.
نقلا عن المصرى اليوم