مودي حكيم
سنة تنقضى، وسنة تَطلُّ، ما هى إلا مصطلح فى التقويم، والأيام متشابهة، فى حُسنها وقُبحها.

السنة التى تنقضى هى سنة فلسطين، والدم فيها، كما الدم اللبنانى، سكيب، وليس ما يُبَشِّرُ بخير قريب على سوريا، والسودان المنسى ينزف، والموت يحصد الناس على الطرقات.

غلَّف الحزن نفوسنا، طغى، وبغى، وكأن أحدًا ليس قابضًا على زمام الأمور، والأمة ثكلى، فى إحباط يكسر الهمم، ويبطل الأشواق، ولأننا نحيا على الرجاء، نستقبل السنة الجديدة وفى قلوبنا، وعلى شفاهنا دعاء:

اللهمَّ، الممجد فى السماء وعلى الأرض، مجدًا لا نهاية له، نقف أمامك على عتبة السنة الجديدة، خاشعين، ضارعين، فامنحنا الحكمة لإظهار المحبة، والقدرة على المسامحة، وعلمنا أن التسامح هو أكبر مراتب القوة، واغدق علينا نعمتك، فنحب بعضنا البعض، كما أحببتنا أنت، وأبعد عنا، وعن وطننا، البغضاء، والكراهية، وعمى البصيرة، والعنف والقسوة، ورفض الآخر، الشريك فى الوطن والمواطنة، والاستكبار عليه، والتجريح به، والتنابذ البغيض. وامنحنا محبة القريب، لنخدم كل محتاج عندنا، بغض النظر عن العرق، أو اللون، أو العقيدة والمعتقد.

اجمعنا، يا رب، ولا تفرقنا، وجنب وطننا الفتن، ما ظهر منها وما بَطَن واستتر، وامنحنا رؤية أعظم لما تريدنا أن نكون عليه، ارشد خطواتنا، وساعدنا فى مواءمة رغباتنا مع إرادتك.

ذكرنا، يا رب، عندما تلفنا الصعوبات، وتتكاثر التحديات، وتعترينا الخيبات، بأنك مصدر قوتنا، وأنت الرجاء العظيم، والأمل الكبير، فاجعل وعودك مرسانا فى أوقات عدم اليقين، وحضورك راحتنا فى كل المواسم.

يا رب، لا تدعنا نُصاب بالغرور، إذا حققنا نجاحًا، ولا باليأس إذا أخفقنا، بل ذكرنا، دائمًا، بأن الفشل هو التجربة التى تسبق النجاح.

يا رب، ارع بلدنا واحمه، نجنا من الشدائد، والمصائب، وشرور الأعداء المتربصين بنا، ردَّ عنا الضربات، وأبعد الأوبئة والأمراض، والقحط، والشحَّ، والغلاء، وكن لنا حافظًا، وحاميًا، ومساعدًا، فى كل ساعة من حياتنا.

ويا رب، نضرع لك، أن تحمى جندنا، الساهرين على حمايتنا، وحماية حدودنا، وسيادتنا على أرضنا، والدفاع عن حريتنا، حتى على حساب حياتهم، كن مع عائلاتهم أيضًا، وأكد لهم حبك واهتمامك بهم. ساعد، يا رب، حكامنا، نوّر بصرهم وبصيرتهم، فيسوسوا الرعية برحمة، وتَدبُّر، وإخلاص، فلا يقعون فريسة الفساد، والطمع، والقمع، والاستبداد، لين قلوبهم، وسدد خطواتهم فى سبيل منعة البلاد، وعزتها، وعزتنا.

■■■

تريدون سنة جديدة، بحق؟

بدلوا ما فى قلوبكم، أدخلوا إليها الرحمة، والمودة، والمُشاركة الحقيقية فى الوطن، وفى الإنسانية السَّمحاء، المُتسامحة، المُحِبَّة، والأمل.

وهذا، لعمرى، يقتضى إحساسًا، وأخاف أن يكون الحس عندنا قد أخذ بالجفاف، نتيجة الخيبات، والمرارات، والضيقة، والفاقة، والعوز، وفقدان الأمل والرجاء. لا رجاء لنا سوى بالتغلب على هذه المرارات، والخيبات، والمنغصات، وأن ننتصب بعد كبوة.

لا رجاء لنا سوى أن نكون من أنصار الحياة.
نقلا عن المصرى اليوم