ياسر أيوب
بنطلون الجينز الذى يرتديه اليوم كثيرون، سواء كانوا صغارا أو كبارا أو سيدات أو رجالا أو أغنياء أو ملوكًا ورؤساء أو نجوما وبسطاء ومعظم الناس.. يختصر أكثر من ٣٠٠ سنة شهد خلالها العالم تحولات اجتماعية واقتصادية هائلة منذ ابتكرته مدينة جنوة الإيطالية، هذا القماش لبحارة المراكب.. ثم أحالته مدينة نيم الفرنسية قماشا يمكن استخدامه بعيدا عن البحر، لكن ظل القماش يحمل اسم جينز نسبة إلى مدينة جنوا.
وسافر مهاجر ألمانى اسمه ليفى شتراوس بهذا القماش إلى الولايات المتحدة وقدمه لعمال مناجم الذهب فى كاليفورنيا.. وبمشاركة ليفى شتراوس والترزى جاكوب ديفيز بدأ الأمريكيون فى ١٨٧٣ يرتدون البنطلون الجينز، سواء رعاة البقر أو العمال أو المزارعون.. وأحالته هوليوود وماكينات الدعاية الأمريكية إلى رمز أمريكى تماما مثل البيتزا التى اخترعتها أصلا مدينة نابولى الإيطالية والهامبورجر الذى ابتكرته مدينة هامبورج الألمانية ومنحته اسمها.. وكان من الطبيعى أن يرتديه الجنود الأمريكيون فى الحرب العالمية الثانية اعتزازا بوطن يحاربون من أجله.. وانتشر الجينز بعدها كدلالة على التمرد العالمى على كل القواعد القديمة للأزياء.. ومنذ يومين فقط كان النرويجى ماجنوس كارلسين بطلا لحكاية تمرد جديد باستخدام بنطلون جينز.
ففى البطولة الدولية للشطرنج السريع، المقامة حاليا فى نيويورك.. أصر ماجنوس على المشاركة فى البطولة مرتديا «بنطلون جينز».. ولأن قواعد الاتحاد الدولى للشطرنج لا تسمح بارتداء بنطلونات الجينز فى بطولاته.. تم تغريمه فى البداية بمائتى دولار وتحذيره من تكرار ذلك.. ولم يستجب ماجنوس للتحذير وأصر على البقاء ببنطلون الجينز ليقرر الاتحاد الدولى إبعاده عن البطولة.. ولم يكن ماجنوس مجرد لاعب شطرنج.. إنما هو بطل العالم خمس مرات والمصنف الأول منذ ٢٠١١ وأصغر من حمل لقب جراند ماستر، بالإضافة إلى لقب موتسارت الشطرنج لأنه يلعب كأنه يعزف الموسيقى.. واعتذر ماجنوس لبلده وجمهوره مؤكدا أنه لم يعد باستطاعته الالتزام بقواعد الزى الخاص بالشطرنج.. ولم يكن ماجنوس هو أول رياضى يتمرد على قواعد الزى التى تفرضها الاتحادات الدولية والبطولات العالمية.. لكن تبقى اللاعبات هن الأكثر تمردا.. وأشهر من تمردت كانت نجمة التنس الأمريكية سيرينا ويليامز فى بطولة رولان جاروس ٢٠١٨ حين رفضت ارتداء الثياب التقليدية التى تتميز بها اللعبة.. لكن التمرد الأكبر كان للاعبات كرة القدم حين أراد بلاتر، رئيس الفيفا السابق، أن ترتدى اللاعبات ثيابا مثيرة ضمانا لرواج وانتشار الكرة النسائية.. ورفضت لاعبات العالم ذلك، ولم يقبلن أن يحيلهن بلاتر لسلعة جنسية بدلا من بقائهن لاعبات كرة فقط.. وتمردت أيضا لاعبات مصر والنرويج للكرة الطائرة الشاطئية ورفضن اللعب بالمايوهات البيكينى ولاعبات النرويج أيضا لكرة اليد.. وأيضا لاعبات ألمانيا للجمباز.
نقلا عن المصرى اليوم