الأب جون جبرائيل
في أحد أديرة الدومنيكان في باريس، وجدت نفسي أقيم لبضعة أيام في غرفة متواضعة. في صباح هادئ، طرق جاري الهندي على بابي ليعتذر بلطف قائلاً:  
"صوت مكالمتك كان مرتفعًا قليلاً البارحة."  

أدهشني هذا الشاب بابتسامته الوادعة وملامحه الهادئة. سألته بتلقائية:  
"هل أنت راهب هنا؟"  

ضحك برقة وأجاب:  
"لا، أنا طالب. الدير يؤجر بعض الغرف للطلبة الأجانب."  
انجرفتُ معه في حديث ممتع عن دراسته وبلده، حتى لفت انتباهي شيء على منضدة صغيرة بجوار سريره. كانت صورة فتاة هندية جميلة محاطة بشمعة مضاءة وورود جافة.  

سألته:  
"هل هذه أختك؟"  

ابتسم بإجلال وقال:  
"لا، هذه إلهتي."  

ذكر اسمها، لكنني لم أستطع تذكره. بدافع الفضول، طلبتُ الإذن لتأمل الصورة. قال:  

"بالطبع، تفضل."  

حملتها بيدين، وليس بيد واحدة، وشعرتُ بثقل غير مادي، كأنني أحمل شيئًا يفوقني فهمًا. بينما كنت أتأملها، ترددت في داخلي أفكار متشابكة: كيف يجدر بي أن أحمل باحترام ما يقدسه ملايين من البشر كإلهة؟  

أعدتها إلى مكانها بعناية، متأثرًا بهدوء اللحظة وبعمق احترامه لما تمثله. وقبل أن أغادر، نظر إليّ بابتسامة صافية وقال:  
"يا أبونا، يمكنك الاحتفاظ بها."  

ابتسمت وشكرته، وأنا أعي أنني حملت شيئًا أكبر من مجرد صورة، بل رمزًا لرحلة إنسانية وروحية مختلفة. أدركت حينها أن احترام معتقد الآخر، أو حتى إلحاده، لا يعني بالضرورة إيمانك بأفكاره أو مشاركته إيمانه، بل يعني تقديرك لإنسانيته وما يحمله من عمق ومعنى لحياته.