هاني لبيب
مع نهاية هذا الأسبوع.. وانتهاء سنة وبداية سنة جديدة، أصدرت وزارة التربية والتعليم السورية، التابعة لحكومة أحمد الشرع (الجولانى سابقًا)، تعديلات فى المناهج الدراسية لمراحل التعليم ما قبل الجامعى. ودون أدنى شك هى تغييرات تتسق مع الفكر القادم مع الإدارة الانتقالية الجديدة.
شملت هذه التعديلات حذف مواد وفقرات مرتبطة بالنظام السابق، وتغيير بعض المفاهيم العلمية والدينية.. مما أثار جدلًا وانتقادات واسعة.
من الطبيعى أن يكون ضمن أولويات هذا التغيير حذف كل ما يخص نظام الأسد من إشادة وتمجيد فى تلك المناهج سواء بالكلمات أو الصور. ومن الطبيعى أن تكون هناك تغييرات أخرى على غرار اعتماد نشر صورة العَلَم الجديد للنظام الحالى بدلًا من علَم النظام القديم.
وأيضًا، هناك بعض التغييرات التى تشير إلى دلالات تحتاج إلى الرصد والملاحظة والتحليل.
من أهم التعديلات الوطنية والتاريخية التى تمت تبديل عبارة «الاحتلال العثمانى» إلى عبارة «الحكم العثمانى» أينما وجدت، وحذف مادة «التربية الوطنية» كاملة، وحذف كافة الموضوعات المتعلقة بحرب أكتوبر ٧٣ المعروفة فى سوريا باسم «حرب تشرين التحريرية»، وحذف كل ما ورد عن الملكة زنوبيا وخولة بنت الأزور.. باعتبارهما من الشخصيات غير الحقيقية من وجهة نظرهم.
وفيما يخص المفاهيم الإسلامية، تم تغيير عبارة «الصراط المستقيم طريق الخير» إلى «طريق الإسلام». وتغيير «المغضوب عليهم الضالين» إلى «ابتعدوا عن طريق الخير»، فى إشارة إلى اليهود والمسيحيين، واستبدال من «العبادات ما لا يصح إلا بالنظافة» لتكون «الطهارة». وتغيير «الشهداء ضحوا للحفاظ على تراب الوطن» إلى «ضحوا فى سبيل الله». واستبدال «مبدأ الأخوة الإنسانية» لتكون «الأخوة الإيمانية». وتغيير «الالتزام بالشرع والقانون» بحذف القانون. واستبدال «أصحاب الديانات السماوية» لتكون «أتباع الشرائع السماوية».
وعلى مستوى العلوم، تم حذف وحدة كاملة عن «أصل التطور والحياة». وعلى مستوى الفلسفة، تم حذف إشارات إلى الآلهة القديمة فى الميثولوجى، وحذف دروس تتعلق بالفكر الفلسفى الصينى. وعلى مستوى اللغات، تم حذف صور المنحوتات والتماثيل.
الملاحظ على هذه التعديلات أنها تعزز الفرز والتقسيم والطائفية بين أبناء الوطن السورى بشكل طائفى بغيض لا يعترف سوى بالشكل الدينى الذى يريده فقط. وهو ما يعنى أيضًا ان غير المعترف بهم ليس لهم مكان على أراضى وطنهم.. كما أن كل تلك التغييرات هى دلالة على توجه النظام السورى الجديد إلى صياغة جديدة للهوية الوطنية السورية بشكل يتسق مع مصالح مشتركة جديدة، سواء مع تركيا أو مع إسرائيل.. ولكن بنكهة «نيو إسلام سياسى» الجديد بعد النيولوك إلى الشكل الحالى.
رد نذير القادرى «وزير التربية والتعليم» أمس الخميس على تلك الانتقادات بأن التوجيهات الحالية تقتصر على حذف ما يمجد النظام السابق، وتصحيح بعض المعلومات والمفاهيم الإسلامية المغلوطة من وجهة نظره.
نقطة ومن أول السطر..
لا أستطيع أن أجد أى تبرير منطقى لعدم استفادة شعوب المنطقة من تجربة مصر بعد أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ ووصول جماعة الإخوان لكرسى الحكم فى مصر.
حقًا، آفة منطقتنا النسيان.. ووباؤها عدم التعلم من التجارب السابقة.. وكارثتها هى عدم فهم ما يحدث من حولنا بحسن نية والاشتراك فى تنفيذه لصالح تحقيق أهداف محددة بسوء نية.
نقلا عن المصري اليوم