كتبها   Oliver
كنا متناثرين علي سلاسل الجبال.من زاجروس بالأهواز حتى حاران قرب ضفاف الفرات. دجلة تخشانا و حول قصور نبوخذنصر القديمة بنينا  ضيعاتنا . نحن جزء من تاريخ  بلادنا فارس و مادى و.نحن المجوس ثلاث طبقات..الأطباء و كهنة زرادشت كلهم مجوس و علماء النجوم أعلى  طبقات
 
المجوس.كان لنا الحق في دخول قصر الملك لأى أمر.إذ كنا المشيرين .نفسر الأحلام و نقرأ النجوم و نربط بين صفحة السماء و الأحداث, نشير على الملك و الوزراء ما يكون و ما لا يكون.حتى أنه لا أحد يقرر فى المملكة قبل أن يستشيرنا .منذ أخذ نبونصر نرجل شراصر كبير المجوس معه و دخل أورشليم صرنا مكرمين في أعين كل الملوك و صرنا لهم صحبة حتى لقبوننا بالملوك نحن أيضاً. دانيال 7: 13-14
 
كانت لنا فرصة أن نقرأ سجلات القصر القديمة التى بدأ تدوينها مع نبوخذنصر و فيها الكثير مما فعله كبير المجوس بلطاشاسر بإسمه البابلي الذى نفتخر به و هو دانيال بإسمه اليهودى.دا4: 19.عرفنا الكثير من سجلات دانيال بالقصر الملكي,كان جريئاً جداً.قالت السجلات أنه ينتظر المخلص الذى سيخلص العالم و أن كوكباً سيصاحبه كما تنبأ بلعام الذى من ضيعتنا.عد24: 17. 
 
و جاء الكوكب فيما كنا نترصد النجوم.إجتمع العشرات من كبارمجوس الفلك يتدارسون و يتحققون منه.قضينا الليالي لنقارن بين سجلات دانيال و بين حقيقة النجم.إننا قرب زمان المسيا.السبعة أزمنة مضت ليأتي الرئيس الذى قص عنه دانيال.نحن على وشك الأيام الأخيرة من السبعة أزمنة. دا9: 25 ألعل هذا الكوكب نجم ملك اليهود مخلص العالم ؟الذى سيجدد أورشليم  و لنا فيه نصيب. .ار39: 3.
 
تشاورنا . تمر الأيام و مع كل ليلة نتأكد من حقيقة النجم.نجمع اللفائف التى أختزنها بعض المجوس في خزائنهم.نعيد قراءت كل القصاصات.كل شيء يؤكد أن النجم هو لملك اليهود.قررنا أن نخضع للنجم الذى توقف كأنه يحملق فينا كي نبدأ المسير.إنتدبنا واحدا منا ليأخذ إذناً من البلاط الملكى حتى نسافر مطمئنين.بينما كلفنا البعض أن يأتى بالهدايا اللائقة بملك اليهود. اليقين ملأ قلوبنا بالملك الآتى فصرنا نتحضر للرحلة فيما نحن ننتظر الهدايا.
- جاء جماعة مجوس يحملون ملء اليدين ألسنة من ذهب و قدموها لنأخذها للملك.آخر وضع قدامنا أكاليل ذهب قائلاً: سيدي كل الذين قدموا الذهب أوصوننا بأن تأخذوا معكم أشواقهم للملك ثم تقدم أحدهم بخجل  و إنكسار قائلاً: سيدي لم أستطع أن أجمع سوي هذا الخاتم. هل تسمحون لي أن أقدمه بنفسي للملك لأن سراً مع الملك  لا أريد سواه أن يسمعه مني .خذونى للملك.مجوسي آخر  و نهنهات الدموع تقاطعه قائلاً:  رئيس الخزانة بعدما منحنا الذهب الكثيرسألنا أن نطلب من الملك المسرة .لم أسأله ما المسرة فأنت إسأل للناس المسرة من ملك اليهود.
 
- كان اللبان كثيرُ جداً.أكثر من طاقتنا نحن و الجمال.جاء رجل و إنحني قدامنا في تذلل قائلاً: أنا كنت فى تجارة قادماً باللبان من الهند.قابلنى مجوس في حاران سألونى أن أبيعهم كل اللبان فتعجبت.سألتهم عن السبب فقالوا أنهم يجمعون اللبان هدية لأجل ملك عظيم سيخلص العالم,فقلت لهم لن أبيع اللبان بل سأذهب بنفسي لأقدمه إليه.أنا أريد مخلص العالم ليخلصنى. .و الآن يا كبار المجوس إقبلوا أن أذهب معكم لأتمم نذرى. وافقنا بفرح .وضع الرجال الأحمال فوق الجِمال.لم تكن الجِمال وسيلتنا للتنقل بل الخيول لكن من كثرة الهدايا و وعورة الطريق فضلنا أالسفر بالجمال.
 
- بعد قليل جاءت نسوة حاملات الطيب أى المر المعطر.أخبرتنا النسوة أنهن قضين ليالي طوال يجهزون المر و يطبخونه فيبدأ تركيز المرارة فيه و يقل حجمه و تزيد قيمته.حكت النسوة من الذى تبرع و من الذين طبخوا و من الذين دفعوا أثمانا كثيرة.كان لهن مطلب وحيد أن لا يذوق أحد هذا المر بل يذهب للملك وحده.لعله يكافئ اللواتى أعددن الطيب.كانت النسوة تعلم أننا لن نقبل أن نصطحب أحدا منهن لطول السفر و مشقته.
 
- الآلاف شاركوا فى تجهيز هدايا الطفل كان لكل من ساهم فيها قصة و أمنيات أكثر جداً من كل الهدايا .بالأشواق للملك تمتعوا .لكن الذىن قدموا الهدايا للطفل نالوا بركة أعظم.أسابيع طويلة نتحضر و النجم منتظر.لم يقلقنا و لا تذمر علينا.كأنه قلب متسع يحتوينا كنا هكذا نراه.تبرع البعض لكى يصاحبنا و يصير حراساً للقافلة. و معنا تاجر اللبان و معنا المر الثمين.قلوبنا تدق خوفاً أو لهفة أو شوقاً أو حباً أو يقيناً أو مزيجاً من هذا كله.النجم بدأ يتحرك لأول مرة.كأنه تيقن أننا جاهزون للمسير.خطا بنا النجم أول خطواته.
 
- قدامنا حوالى ألف و خمسمائة كيلو متر نقطعها بالجِمال حتى نصل. بقينا شهورا طوال فى المسيرة..ينتظرنا النجم حين ننام أو نستريح أو نأكل.صار النجم صديق سماوى.نحن المجوس نعلم أنه ليس نجماً كالنجوم الحارقة إذا إقتربت من الأرض.بل هو أمر مختلف عن كل النجوم التى نعرفها. لأنه نجم ملك اليهود.هذا هو كوكب يعقوب الذى أخبر به بلعام بن فغور.نؤمن أن ملك اليهود ملك سمائي أرسل كائنا سمائياً في صورة نجم ليقودنا إليه.
فى منتصف الطريق بدأنا نلاحظ رجلاً يتبعنا.كلما توقفنا يتوقف.يبدو مسالماً.كنا نحن نتبع النجم و كان هو يتبع رائحة المر و اللبان الزكية.لا ندرى إلى أين يذهب لكنه آمن منا و نحن آمنين منه.
 
- أدخلنا النجم أورشليم.أوصلنا إلى مداخل إسرائيل. منذ أكثر من ستمائة عام دخل ههنا نبوخذنصر و هدم أورشليم.حتى صار كل من له سمات البابليين يشكل تهديداً لإسرائيل.لذلك إنقلبت المدينة عند دخولنا لقد كنا نبدو كأننا كتيبة حربية محملة بالذخائر..لم يقتادنا النجم لهيرودس الملك. لقد توقف ينتظرنا قرب حدود الناصرة.أما الجنود فأخذوننا إلى هيرودس. منذ غاب عنا النجم ضعنا.
 
أخذوننا إلى هيرودس.رجل ثيابه آدومية و وجهه كالفلسطينيين.لما كان النجم يقودنا لم نحتاج لأن نسأل الناس فما أن غاب سألنا الملك أين هو المولود ملك اليهود.جمع الفاهمين فأجابوا أنه يولد في بيت لحم. ما خدعنا أحد طوال شهور الطريق لما قادنا النجم و ما أن غاب النجم إنخدعنا بالرجل الخبيث القاتل هيرودس و نحن لا ندرى.هكذا النفوس بلا مرشد.
 
أما هيرودس و هو عالم أن ملك اليهود في مكان ما في بيت لحم تركنا نذهب و هو ينتظر عودتنا إليه ينتوى بالطفل شراً. ما أن خرجنا اتجهنا صوب حدود الناصرة .عاد النجم لنا من جديد فعاد السلام و الفرح و اليقين.كنا نود لو صعدنا السحب لنحتضنه.عرفنا قيمة النجم حين فقدناه لساعات قليلة.
 
- كان الرجل الذى صار يتبعنا من منتصف الطريق في الرحلة واقفا ينتظرنا مع النجم هناك.في يده رسالة من رقائق جلد ملفوفة.بدل ثيابه إلى ما يشبه رعاة إسرائيل.لعله مبعوثاً من ملك يحمل رسالة للملك.لما إقتربنا بانت ملامحه.كأهل ترشيش.لم نتكلم  لئلا نتورط بالثرثرة  ثانية.عدنا نتبع النجم.
- وصلنا إلى حيث كان الصبي.خرجت من النجم بروقاً ففهمنا أنه يشير لموضع الملك.أو كان يودعنا.لُوحنا له كأصدقاء في الطريق إلى الملك.أدمعت عيوننا على فراق النجم.توجهنا فى حارة ضيقة.تتسع فى آخرها على موضع للخراف و شبه كهف جبلى ينبعث منه صوتاً رقيقاً من أم تهدهد طفلها.اوقفنا الجمال.أخذنا وقتاً ننزل حمولاتنا.أما الرجل حامل الرسالة فقد سبقنا إلى الطفل .دخل و خرج بلا رسالة .يبدو أنه ترك رسالته للطفل.
 
- دخلنا حاملين الهدايا و الرسائل و أشواق الجميع.وضعناها جميعاً قدام الصبي.حتى وضعنا أنفسنا معها ساجدين سجود العبادة للطفل الإلهي.قدمنا الهدايا ثم أشرنا لحامل الخاتم  الخجول فقدم لملك اليهود هديته المتواضعة الخاتم البسيط.سجدنا مراراً للصبي الصغير.رأينا اللفافة التي كانت في يد الرجل صاحب السر ممسوكة بيد يوسف القديس البار.ما كان هناك موضع لنبقي طويلاً فخرجنا و فى عيوننا و أسماعنا و قلوبنا ما يفوق الوصف.
 
- أرهقتنا الرحلة فوجدنا أنفسنا قرب بيت زكريا,هناك غفونا من التعب.حلمنا نحن جميعاً نفس الحلم.الأمر الإلهي أن نذهب من طريق أخرى للعودة بعيدا عن هيرودس
دخلنا ظاهرين لكن بعدما قابلنا المسيا صرنا به مستترين.
دخلنا فإنقلبت أورشليم.خرجنا فإنقلب العالم كله على الطفل العجيب.
دخلنا بقيادة النجم و خرجنا بقيادة الحلم.لكي نتعلم أن للرب طرق لا حصر لها لإرشاد طالبيه.
دخلنا كمجوس و خرجنا كمؤمنين بملك اليهود.
دخلنا حين كنا نتمنى أن نسجد له  .نضع قدامه رؤوسنا إلى التراب و خرجنا و نحن لا تحملنا الأرض بل لكل الأرض نحمل بشارة بملك السماء  المتجسد  على الأرض ليخلص العالم.الآن فهمنا قصد دانيال كبير المجوس.عرفنا ما جاء في مدونات الملوك.لأننا رأينا و تبعنا و وصلنا إلى المسيح الرب ملك الملوك.