الأب رفيق جريش
لا يمكن لإسرائيل أن تفى بعهودها، هذا ما عرفناه عنها فى السابق وهذا ما يتم حاليًا على عدة جبهات خاصة لبنان وغزة بعد كل هذا القتل والدمار والتجويع والتشريد التى سببته تريد كسب مزيد من الوقت ربما انتظارًا لحين تولى الرئيس الأمريكى المنتخب ترامب سدة الحكم يوم ٢٠ يناير الجارى والأهم تعطيل محاكمة نتنياهو على فساده فى المحاكم الإسرائيلية. والجانب الإسرائيلى لا يبالى بعدد القتلى والجرحى والمشردين التى يتسبب فيها والمجتمع الدولى لا حول له ولا قوة.
تستند إسرائيل إلى مزاعم واهية بأن عملية انتشار الجيش اللبنانى فى الجنوب تتم بشكل بطىء، وأن حزب الله يسعى إلى الالتفاف على ما جاء فى الاتفاق عبر الحفاظ على مناطق وجود فى الجنوب، ومحاولة إعادة بناء قدراته العسكرية من جديد. وتوازى ذلك مع عمليات تفجير وتوغل بالدبابات تقوم بها إسرائيل فى جنوب لبنان.
ومع اقتراب مهلة الستين يومًا التى حددها اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان، الذى تم التوصل إليه فى ٢٧ نوفمبر الماضى، لانسحاب الجيش الإسرائيلى إلى جنوب الخط الأزرق، على الانتهاء، بدأت إسرائيل فى توجيه رسائل عديدة تفيد بأنها لن تلتزم بتنفيذ ما قضى به الاتفاق من انسحاب من جنوب لبنان، مشيرة إلى أن هذا الموعد ليس مقدسًا، وأن انسحابها سيعتمد على تطورات الوضع الميدانى.
وبالمثل يبدو الوضع فى قطاع غزة بعيدا عن ذلك. إذ ما زالت تل أبيب تماطل وتحاول كسب مزيد من الوقت من أجل مواصلة عملياتها العسكرية التى أنتجت أزمة إنسانية غير مسبوقة فى القطاع، وعرقلت الجهود الحثيثة التى تبذلها قوى إقليمية ودولية عديدة من أجل الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وحتى الآن لا تتوافر الإرادة السياسية الحقيقية لدى الحكومة الإسرائيلية فى إبرام صفقة وإنهاء معاناة الرهائن والمحتجزين بل تستغل المفاوضات لإضاعة الوقت وتنفيذ مخططها فى تدمير قطاع غزة وممارسة جرائم الحرب ضد الفلسطينيين حيث يسقط العشرات يوميًا فى ظل صمت غربى وازدواجية المعايير الدولية وعجز مجلس الأمن عن حماية الفلسطينيين.
من دون شك، فإن هذه السياسة ليست جديدة على إسرائيل، التى لم تثبت أنها تستطيع الانخراط فى التزامات دولية صارمة. وتكشف أحداث وأزمات عديدة ماضية أنها تسعى باستمرار إلى البحث عن مبررات ومزاعم تحاول من خلالها الالتفاف على هذه الالتزامات، وتوسيع هامش الخيارات المتاحة أمامها فى هذا السياق.
من هنا، فإن الحاجة تبدو ملحة لكى يتحرك المجتمع الدولى ويمارس ضغوطا قوية على الحكومة اليمينية التى يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من أجل وقف هذا التعنت والمماطلة، التى يمكن أن تضع اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان أمام أزمة قوية تعيد المشهد برمته إلى مربعه الأول مرة أخرى، وتطيل من أمد الحرب فى غزة.
كذلك على الدول العربية أن توحد سياساتها تجاه هذا التعنت واللامبالاة الإسرائيلية والضغط بقوة عليها لتنفيذ قرارات وقف إطلاق النار وانتقال المباحثات إلى اليوم التالى.
نقلا عن المصري اليوم