هاني صبري - المحامي
هناك كلمات مرفوضة وبغيضة يدعيها البعض على المسيحيين أنهم ذميين أو نصاري ، وقد يستغل البعض العديد من المناسبات الدينية، أو الأحداث التي يتعرض لها الوطن أو الأقباط لبث سمومهم البغيضة والدعوة للطائفية والكراهية وتقسيم المجمتع علي أساس ديني لمحاولة الفرقة والوقيعة بين أبناء الوطن الواحد وهذه الإدعاءات الباطلة فيها ازدراء وتحقير من المسيحيين. والإضرار بالمجتمع.

تاريخيا النصارى الذي يذكرهم القرآن والأحاديث هم ليسوا المسيحيين، فكلمة نصراني لا تعني مسيحي على الإطلاق .. بل تعني بدعة مرفوضة من المسيحيين ، بدعة النصاري التي حاربتها المسيحية والإسلام، كانت موجودة في شبة الجزيرة العربية ، وهم اتباع قبائل الناصريين حيث ظهرت في القرن الخامس الميلادي  بدعة الناصريين ( المريميين ) وكان أصحاب هذه البدعة من الوثنيين الذين اعتنقوا المسيحية، وكانوا قبلا أي في زمان وثنيتهم يعبدون "كوكب الزهرة" ويقولون عنها "ملكة السماء" وعندما اعتنقوا المسيحية .. اعتبروا مريم هي ملكة السماء أو إلاهة السماء بدلا من "الزهرة" ولذلك أطلقوا على أنفسهم اسم "الناصريين" وكانت عقيدتهم الهرطوقية هي الإيمان بثلاثة آلهة هم: المسيح وأمه والله. والمسيحية رفضت هذه البدعة قبل ظهور الإسلام، وأنه بمجرد ظهور هذه البدعة حاربتها المسيحية، وقاومت تعليمهم وحرمتهم من شركة الإيمان .. وحرمت كل من يقول بقولهم.

ويتساءل الكثيرين كيف تبدل الاسم من ناصريين إلى نصارى؟
الجواب يأتي من اللغة العربية عينها. فكل كلمة في العربية ينتهي آخره بألف مقصورة يدل على صفة فيها علة. هو جمع “سلبي”. فنرى مريض يضحي مرضى، كسول يضحي كسالى، أحمق يضحي حمقى.. وعليه، من هذا المنطلق كلمة نصارى هي تصغير للناصرين.

ونرفض تسمية المسيحيين بالنصاري لأنها تنم عن عدم معرفة ويريد من يفرض الاسم احتقار المسيحية وهو يجهل التاريخ والحقائق الثابتة.

فنحن مسيحيين لأننا تلاميذ الرب يسوع المسيح مخلصنا الصالح، وسُمت باسمه منذ تكويني، وبنعمته سأحمل هذا الاسم حتى النفس الأخير.

وفي الكتاب المقدس نرى أنه يصف يسوع بـ “الناصري ” 13 مرة.؟
أولا : لأنه من مدينة الناصرة.

ثانيًا : وهو السبب الأهم، لأن الرب يسوع المسيح  نذير مُسح وكُرس بالروح القدس وكلمة ناصري باليونانية (ναζωραῖος) تأتي من كلمة “نذير” التي تعني بالعربية “مكرس” أو “ نذير” أو “مفصول للمقدسات”. الرب يسوع المسيح  نذير مكرس لأنه قدوس الله، الذي مُسح وكُرس بالروح القدس.

كما نرفض مصطلح أهل ذمة ، فنحن لا نريد أن نكون بذمة اية جماعة نحن لسنا عبيد نحن في ذمة أنفسنا أحرار كما خلقنا الله.

نحن في دولة المواطنة التي تعني ببساطة المواطن بعض النظر عن دينه أو نوعه أو لونه أو عقيدته فالكل أمام القانون متساوون في الحقوق والواجبات.
ونرفض جملةً وتفصيلاً مصطلح أهل الذمة ولا ينطبق علينا نحن المسيحيين ولا يمكن أن يوصف به أبناء الوطن الواحد بحال من الأحوال. وهذا المصطلح كان له سياق تاريخي وانتهي ولم يعد هناك وجود له وهذا ما أكد الأزهر الشريف في هذا الشأن.

فضلاً عن وجود أنظمة حديثة تمامًا تقوم علي المواطنة والمساواة أمام القانون.

وأن ما يدَّعيه هؤلاء بهذه المصلحات على المسيحيين يمثل جرائم استغلال الدين للترويج لأفكار غير صحيحة بقصد إثارة الفتنة وتحقير وازدراء الدين المسيحي والطوائف المنتمية له ، والإضرار بالوحدة الوطنية وتكدير السلم والأمن العام.

أن حرية الاعتقاد مكفولة بمقتضي الدستور والقانون ولكن هذا لا يبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه عن عمد، فليس له أن يحتمي في ذلك بحرية الاعتقاد ، وإنما تضع مرتكب تلك الجرائم تحت طائلة القانون.

وهؤلاء أعتادوا التعدي بالقول وبطريق العلانية علي المسيحيين وازدراء المسيحية .

في تقديري أن ما يقترفه هؤلاء المتشددين يعد جريمة ازدراء أديان مكتملة الأركان وهذا ثابت من خلال تصريحاتهم والتعدي بالقول وبطريق العلانية علي الدين المسيحي .

ويستفاد ذلك من نص المادة ( 98 و) من قانون العقوبات تنص علي "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه، ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية".

والقانون يعرف جريمة ازدراء الأديان بأنها احتقار الدين، أو أحد رموزه، أو مبادئه الثابتة، أو نقده أو السخرية منه بأي شكل من الأشكال، أو إساءة معاملة معتنقيه، لأن مثل هذه السلوكيات هي التي تثير الفتن، ومن هنا، فإن الهجوم بأي شكل على كل ما يتعلق بالدين يعد ازدراء له، وأن الازدراء أو التجديف هو عدم إظهار تقدير أو احترام تجاه شخصيات مقدسة في الديانات الإبراهيمية، أو الأعتداء علي قدسية الاعتقاد الديني والإساءة للدين ، ومهاجمة العقيدة ، والذي يعبر عنه بالتطرف الديني، إما باحتقاره، وإهانة الدين، أو التشدد المخل، وهي الصورة الأكثر انتشارا.

ونطالب الكافة عدم ذكر كلمة ذمي أو نصاري على المسيحيين، وان تكون كل الألفاظ والعبارات خالية من كلمة ذمة أو نصاري في أيّ أمور تتعلق بالمسيحيين.

كما نطالب اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية المشكلة بقرار رئيس الجمهورية رقم ٦٠٢ لسنة ٢٠١٨م مواجهة مثل هذه الدعاوي التي تنال من سلامة واستقرار الوطن لمنع حدوث أحداث طائفية تضر بالمجتمع ومواجهتها وقفاً للقانون بكل حزم للمحافظة علي الأمن القومي للبلاد.