هاني صبري - الخبير القانوني والمحامي بالنقض
نجح السير الدكتور المصري مجدي يعقوب في اختراع صمامات قلب طبيعية "تدوم مدى الحياة". وهذا إنجاز اً طيباً يعتبر طفرة في مجال حراجة القلب حول العالم ويمكن تطبيقه في مجالات اخري.

وهناك اشادات في كافة أنحاء العالم بهذا الاختراع ومطالبات بحصوله على جائزة نوبل في الطب.
وأصبح اختراعه حديث كل الصحف العِلمية العالمية، ووصفته بالكنز المفقود فى عالم القلب.

وأحدث هذا الإنجاز  الطبي حالة من الفخر بين الغالبية العظمي من جموع الشعب المصري العظيم.
إلا إن الشيخ حاتم الحويني اتهم الدكتور مجدي يعقوب بالكفر وإنه لن يدخل الجنة.

أعتاد هذا الشخص ومن علي شاكلته التطاول علي المسيحيين واتهامهم بالكفر من خلال وسائل الإعلام المختلفة لأنهم يظنون أنهم بمنأي  عن العقاب، وهذا لا يجوز له أو لغيره نعت أي إنسان علي أنه كافر فهذا اختصاص الله وحْدَه والله يعلم بما في القلوب.

أن السير الدكتور مجدي يعقوب يراه ويسمعه الله ولا يحتاج إلي صكوك جنّة من أحد. ونتساءل ما الخطأ الذي ارتكبه لنعته بالكفر وازدراء دينه وهو أيقونة الإنسانية ورسالة حية للعالم يجول يصنع خيراً ، فالحب والعطاء رسالته وكرس حياته للعلم والمرضي لرفع المعاناة عنهم وحاصل علي أرفع الأوسمة في العالم فهو سفير فوق العادة لمصر.

وأن ما يدَّعيه هذا الشخص هو ترويج لأفكار متشددة لإهانة المسيحيين وازدراء الدين المسيحي وهذه الإدعاءات والتصريحات غير المسئولة منه تضعه تحت طائلة القانون، وفيها أيضا مخالفة لصحيح الدين الإسلامي الحنيف حيث إنه لا يوجد نص في القرآن الكريم يكفر أي اتباع ديانة سماوية أخري.
يعتقد الكثير من الناس على خلاف الحقيقة، إن المسيحية لا تؤمن بوحدانية الله ويتهموا اتباعها بالكفر، وتحريفهم للكتاب المقدس وأنها عقيدة فاسدة وغيرها الاتهامات الباطلة ، وهذا ينم عن فهم خاطئ وغير صحيح للدين الإسلامي .

ربما اختلط الأمر على الكثيرين لوجود آيات عديدة في القرآن لم يفهموها وفق صحيح الدين ولَم يعرفوا أسباب النزول منها:-
1ـ (سورة الإخلاص 1ـ4): "قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد" 2ـ (سورة المائدة آية 73): "لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد" وفى (سورة النساء:171) ".. إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ 3ـ (سورة المائدة آية 116): "إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أ أنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله" 4ـ (سورة الأنعام آية 101): "بديع السموات والأرض أنى (كيف) يكون له ولد ولم تكن له صاحبة (أي زوجة)"
لعل الكثير يقولون أنه واضح بالفعل من هذه الآيات القرآنية أن المسيحيين يعبدون ثلاثة آلهة ويشركون بالله ، وهذا فهم خاطئ للإسلام الصحيح .

فكثير من الناس يكتفون بظاهر الآيات القرآنية دون محاولة فهم الحقيقة التي تكمن في هذه الآيات القرآنية أو غيرها.

والبعض يري أن هذه الآيات واضحة لا تحتاج إلى شرح، وتدل بحسب وجهة نظرهم أن المسيحيين مشركون يؤمنون بثلاثة آلهة، وهذا ما يحاول هؤلاء الشيوخ الأفاضل أن يقنعوهم به. ولكن دعني أوضح ما يكمن في هذه الآيات القرآنية من مدلولات واضحة للعيان ولنأخذ (سورة المائدة آية 116): "إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أ أنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله"؟

فهل نحن المسيحيين نؤمن بأن أم المسيح إلهة؟ وهل نؤمن أن الله [حاشا له] تزوج العذراء وأنجب المسيح، كما جاء في (سورة الأنعام آية 101): "بديع السموات والأرض أنى (كيف) يكون له ولد ولم تكن له صاحبة (أي زوجة)".

بكل تأكيد المسيحية لا تؤمن بذلك، ولكن هذا يفضي إلى تساؤل آخر وهو: من كان يقصد القرآن بهذا الكلام؟
الإجابة موجودة في كتب التاريخ ففي كتاب "الله ذاته ونوع وحدانيته" لمؤلفه عوض سمعان صفحة 127)، وأيضا كتاب "القول الأبريزي" للعلامة أحمد المقريزي ص 26) وغيرهما من المراجع تقول: "قبيل الإسلام، وفي القرن الخامس الميلادي ظهرت بدعة (أي هرطقة) وكان أصحاب هذه البدعة من الوثنيين الذين اعتنقوا المسيحية، وكانوا قبلا أي في زمان وثنيتهم يعبدون "كوكب الزهرة" ويقولون عنها "ملكة السماء" وعندما اعتنقوا المسيحية .. اعتبروا مريم هي ملكة السماء أو إلاهة السماء بدلا من "الزهرة" ولذلك أطلقوا على أنفسهم اسم "المريميين" وهم كانوا من قبائل الناصريين وكانت عقيدتهم الهرطوقية هي الإيمان بثلاثة آلهة هم: المسيح وأمه والله. هذه هي البدعة التي قصدها الإسلام ليست المسيحية الحقيقية.

اما عن الرد على بقية الآيات التي ذكرتها ويُشْتَمُّ منها إتهام المسيحيين بالشرك بالله؟
آية (سورة الإخلاص): "قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد". فمن عرف الخلفية السايقة التي ذكرتها، يستطيع أن يدرك أن هذه الآية أيضا ترد على بدعة المريميين الذين يقولون أن هناك ثلاثة آلهة: [الآب والأم والابن]، وأن هذا الابن جاء عن طريق التناسل. وبالنسبة لما جاء في (سورة المائدة آية 73): "لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد" تأكيد لنفس المعنى ونفي ما ذهب إليه المريميون بوجود ثلاثة آلهة: الله ومريم والمسيح.

ويتساءل البعض ما ردّك على قول القرآن (وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ) ألا يخاطب المسيحيين؟
ودعنا نرى ماذا تقول التفاسير عن ذلك جاء في (تفسير الجلالين ج 1 ص 133) [المؤلف: محمد بن أحمد وعبدالرحمن بن أبي بكر المحلي والسيوطي، الناشر: دار الحديث - القاهرة ، الطبعة الأولى] "فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا (الآلهة) ثلاثة (الله وعيسى وأمه) : إذن فالمقصود هو: التثليث المحتوي على صاحبة، أي بدعة المريميين، وهذا ما لم تقل به المسيحية.

ويتساءل البعض أيضاً هل تؤمن المسيحية بوحدانية الله؟
نعم تؤمن المسيحية بوحدانية الله، والأدلة على ذلك كثيرة منها: جاء في (مرقس 12: 29) و(سفر التثنية 6 :4) "الرب الهنا رب واحد". (2) وفي (رو 3:29) "لأن الله واحد" (3) ومن هنا صار قانون الإيمان المسيحي هو: "بالحقيقة نؤمن بإله واحد ..." والقرآن يشهد بذلك "و‘إلهنا وإلهكم واحد".

أن القرآن، يذكر الكتاب المقدس بالاحترام والتعظيم ويلقّبه بأعظم الألقاب، مثل قوله كلام الله سورة البقرة 2 :75 ويسميه بها "الفرقان" آية 53" وضياء وذكرى للمتقين" - سورة الأنبياء 21 :48 – "وكتاب الله" - سورة البقرة 2 :101.

فالقرآن يأمر أتباعه أن يعترفوا بالأسفار المتقدمة عليه كما يعترفون به بلا أقل تمييز، وهم مأمورون أيضاً أن يعتقدوا بأن القرآن نزل مصدِّقا لكتاب اليهود والمسيحيين، ومن أمثال ذلك ما ورد في سورة آل عمران 3 :3 "نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقا لمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَان"َ ولزيادة التوكيد على أن التوراة والإنجيل موحى بهما جاء في القرآن تهديد صارم لمن يكفر بهما أو يظن بهما الظنون، ومن ذلك قوله "الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النارِ يُسْجَرُونَ"- سورة المؤمن آية 70.

فمن إين آتي هؤلاء بمزاعم ان المسيحية لا تؤمن بوحدانية الله. وهنالك آيات محكمة وغير منسوخة وقطعية الدلالة وقطعية الثبوت تؤكد الوحدانية في المسيحية.

فالمسيحيون ليسوا كفاراً أو مشركين لأنهم يعبدوا رب واحد.   

تعريف الشرك في القرآن ورد في صورة النساء الآية ١١٦ " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا" . الذي نعرفه أن الشرك هو أن أشرك مع الله أي أشياء أخري ، والمسيحيين في كل العالم بكل مذاهبهم وطوائفهم  يعبدوا إله واحد  .

نحن لسنا في معرض تأصيل فقهي لنشرح ذلك ولكن سوف نرد بآية واحدة من القرآن الكريم ، في سورة العنكبوت الآية ٤٦ " وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ  " وهذه الآية محكمة وليست منسوخة وفق تفسير الأمام الطبري وابن زيد وآخرين . وهذه الآية  دليل وشهادة علي أداب الحوار في الإسلام ، وشهادة علي التوحيد من أهل الكتاب، وشهادة عن صحة الكتاب المقدس، وهناك عشرات الآيات في القرأن الكريم ، والأحاديث التي تقرر ان أهل الكتاب ليسوا كفاراً وصحة الكتاب المقدس .
وأن الكتاب المقدس من أوله إليّ آخره يتكلم عن الوحدانية وردت ٥٢٤٨ آية في الكتاب المقدس تتكلم عن الوحدانية فالمسيحي لا يُؤْمِن بأن الله ثالث ثلاثة ، بل يُؤْمِنوا أن الله واحد وهذا حجر الأساس في العقيدة المسيحية.

وربما يتساءل البعض أيضا عن تعبير "الآب والإبن والروح القدس" قائلا: ألا يعني ذلك ثلاثة آلهة ؟
نحن لا نعني بهذه الألفاظ المعنى الحرفي للكلمة فلفظا الآب والإبن لا نعني بهما التناسل الجسدي كما ظنت البدعة المريمية حاشا ولكن هناك مدلول روحي جوهري كولادة النور من النار، فليس في ذلك أي معنى تناسلي وعندما نقول أبناء العلم، وابن النيل، وابن البادية، وبنات الأفكار لا نقصد قط المعنى التناسلي الجسدي.

وكيف يمكن التوفيق بين القول أن الله واحد، وفي نفس الوقت ثالوث؟.
هنا نعطي مثلاً نستطيع  فيه توضيح ذلك عندما نتكلم عن شخص معين وليكن حضرتك فأنت شخص واحد ولكن: 1ـ لك وجود فعلي، ولست مجرد فكرة 2 - ولك روح تحيا بها 3 - ولك عقل تفكر به . فهل هناك تعارض في هذا الكلام؟ (الإنسان الواحد: له وجود، وله روح، وله عقل فلا تعارض بين كون الإنسان واحد واشتماله على هذه الصفات الذاتية الأساسية لكيانه هو : الوجود، والحياة، والعقل على هذا القياس لا يوجد تعارض بين كون الله واحد واشتماله ككائن حي على هذه الصفات الذاتية الأساسية لكيانه وهي الوجود والحياة والعقل فالوجود نقول عنه الآب لأنه أصل الوجود، وعن عقله: الكلمة الإبن، ونقول عن روح الله: الروح القدس.

والكتاب المقدس ذكر هذه التسميات وأكتفي بآية واحدة ذكرها الكتاب المقدس في: (متى 28: 19)  قول السيد المسيح لتلاميذه "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس".

وقد جاء في القر آن ذكر للصفات الذاتية الأساسية في الله؟
جاء في (سورة النساء آية 171): ".. إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ" تجد هنا أن الله له كلمة وله روح، تماما كما نقول نحن،.

وفي (سورة الفاتحة 1) "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، جاء عنها في (تفسير القرطبي ج1 ص 91 [الناشر دار الشعب القاهرة]) "هذه الآية تضمنت جميع الشرع لأنها تدل على الذات وعلى الصفات. فهذا ثالوث واضح،  وفي كتاب (الإسلام وفلسفة الحكم، الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية ص 273 للدكتور محمد عمارة) "إن لله صفات ثابتة .. منها أنه حي، متكلم ... [ويضيف]: هذه الصفات قائمة بذات الله سبحانه، لاستحالة أن تكون الذات حية بغير حياة، وعالمة بغير علم".

وجاء في كتاب (الملل والنحل ج 1 ص 220 و221. اسم المؤلف:  محمد بن عبد الكريم الشهرستاني: 548 هـ، الناشر: دار المعرفة - بيروت - 1404 هـ، تحقيق: محمد سيد كيلاني) جاء توضيح للإيمان المسيحي بقوله: "لله تعالى أقانيم ثلاثة [وأضاف]: الباري تعالى جوهر واحد، أي أنه واحد بالجوهرية ثالوث بالاقنومية [ويشرح ذلك بقوله]: ويعنون بالاقانيم الصفات: كالوجود، والحياة، والعلم وسموها الاب والابن والروح القدس" هذا فهم دقيق لما نؤمن به.

 وفي (جريدة الأهرام المصرية بتاريخ 19 يونيو 2002م بقلم أحمد عبد المعطي حجازي): قال: "المسيحية دين توحيد، والتثليث فيها لا يعني الكثرة أو التعدد، وإنما يشير إلى الصور المختلفة للحقيقة الواحدة، فهي بهذا المعنى شبيهة بفهم المسلمين لوحدة الذات الإلهية وتعدد صفاتها، فالصفات هي عين الذات كما يقول المعتزلة"

وفي كتاب (حوار بالقتل للأستاذ محمد حسان المنير ص 71 الناشر دار الألف والياء سنة 2000م) قال: "المسيحيون يا أصحاب الفضيلة يؤمنون بإله واحد له أقانيم [صفات] ثلاثة، ولا يقولون بأن الله اتخذ صاحبة ولا ولدا، ولا بأن له كفوا أحد، فهذا ادعاء المريميين وهؤلاء ليسوا مسيحيين، لأن المسيحيين يؤمنون بأن الله واحد، حي ذو كلمة وروح [وأضاف]: وفي الخطاب القرآني نجد في (سورة الذاريات 24) قوله: "هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين" فنجد أن الضيف جاءت بالمفرد، وليس بالجمع (ضيوفا أو أضيافا) فيما أن الصفة جاءت بالجمع (المكرمين) .."
ويقول فضلية الشيخ الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الإزهر ، في (موقع الأزهر ـ مفاهيم إسلامية ـ التوحيد) قال: إن كثرة الصفات لموصوف واحد لا تقدح في وحدة الذات".

يتضح من كل ما تقدم عدم اعتراض القرآن ولا علماء المسلمين على ثالوث المسيحية، بل إن اعتراضهم هو على ثالوث المريميين الذي ترفضه المسيحية.

هل المسيحيون  هم النصاري؟
نحن المسيحيون لسنا نصارى كما يدعون، فالنصارى تاريخيًا، هم أتباع بدعة كانت موجودة في شبة الجزيرة العربية وهم قبائل الناصريين،،
والمسيحية رفضت هذه البدعة قبل ظهور الإسلام ، أنه بمجرد ظهور هذه البدعة حاربتها الكنيسة المسيحية، وقاومت تعليمهم وحرمتهم من شركة الإيمان .. وحرمت كل من يقول بقولهم.

ويتساءل الكثيرين كيف تبدل الاسم من ناصريين إلى نصارى؟
الجواب يأتي من اللغة العربية عينها. فكل كلمة في العربية ينتهي آخره بألف مقصورة يدل على صفة فيها علة. هو جمع “سلبي”. فنرى مريض يضحي مرضى، كسول يضحي كسالى، أحمق يضحي حمقى.. وعليه، من هذا المنطلق كلمة نصارى هي تصغير للناصرين.

ونرفض تسمية المسيحيين بالنصاري لأنها تنم عن عدم معرفة ويريد من يفرض الاسم احتقار  المسيحية وهو يجهل التاريخ والحقائق الثابتة.

نؤكد وبحق إذا صار إتباع المسيح وكتابه المقدس دون سواه تهمة فنحن كمسيحيين نفتخر بالمسيح وبكتابنا المقدس.

اما ما يدَّعيه المتشددين، وغير المصرح لهم بالفتوي من دعاوي تحريضية ضد المسيحيين تمثل جرائم استغلال الدين للترويج لأفكار غير صحيحة بقصد إثارة الفتنة وتحقير وازدراء الدين المسيحي والطوائف المنتمية له، والإضرار بالوحدة الوطنية وتعكير السلم والأمن العام.

في تقديري الشخصي أن ما يقترفه هذا الشخص وامثاله من المتشددين يعد جريمة ازدراء أديان مكتملة الأركان وهذا ثابت من خلال تصريحاتهم والتعدي بالقول وبطريق العلانية علي الدين المسيحي .

ويستفاد ذلك من نص المادة ( 98 و) من قانون العقوبات تنص علي "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه، ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية".

والقانون يعرف جريمة ازدراء الأديان بأنها احتقار الدين، أو أحد رموزه، أو مبادئه الثابتة، أو نقده أو السخرية منه بأي شكل من الأشكال، أو إساءة معاملة معتنقيه، لأن مثل هذه السلوكيات هي التي تثير الفتن، ومن هنا، فإن الهجوم بأي شكل على كل ما يتعلق بالدين يعد ازدراء له، وأن الازدراء أو التجديف هو عدم إظهار تقدير أو احترام تجاه شخصيات مقدسة في الديانات الإبراهيمية، أو الأعتداء علي قدسية الاعتقاد الديني والإساءة للدين ، ومهاجمة العقيدة ، والذي يعبر عنه بالتطرف الديني، إما باحتقاره، وإهانة الدين، أو التشدد المخل، وهي الصورة الأكثر انتشارا.

أن حرية الإعتقاد والرأي مكفولة بمقتضى الدستور والقانون، إلا أن هذا لا يبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه عن عمد منه،.. فليس له أن يحتمي من ذلك بحرية الاعتقاد وإنما تضع مرتكب تلك الجرائم تحت طائلة القانون.

كما نصت المادة 25 من قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 علي أن: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الاسرية فى المجتمع المصرى"، وهذا النص يتسع في تاويله لمن ينتهك قيم الأسر المصرية التي يسود فيها الإسلام والمسيحية بل واليهودية من خلال ما يعتنقوه من إحدى هذه الأديان.

وأن مثل تلك الدعوات التي تحض على الكراهية تعد مخالفة أيضاً لميثاق الشرف الإعلامى ومدونة السلوك المهنى، فنحن نحتاج إلى ضبط الأداء الإعلامى، والتدقيق فيما يقدم والبعد عن الأمور التى تحدث أى إثارة أو بلبلة، حيث يرتكب هؤلاء المتشددين بتصريحاتهم غير المسؤولة مخالفة كود الاخلاق الذى نص على عدم التحقير من الاشخاص ، ومخالفة المادة (16) من لائحة الجزاءات والتى تنص على ان استخدام الفاظ تؤذى مشاعر الجمهور مخالفة تقتضى توقيع الجزاء على المخالف.

والدستور المصرى الصادر فى 2014 فى المادة 211 منه أناط بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مسئولية وضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة ووسائل الأعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها والحفاظ على مقتضيات الأمن القومى، وأوجب عليه القانون رقم 180 لسنة 2018 اتخاذ الإجراءات المناسبة اللازمة لبلوغ تلك الغايات، وخوَّله من الاختصاصات والسلطات، وأتاح له استخدام العديد من التدابير وتوقيع ما يراه ملائماً من الجزاءات المعينة له فى هذا المقام.

حيث نصت  المادة (19) من القانون رقم ن 180 لسنة 2018 تنظيم الصحافة والإعلام يحظر على الصحيفة أو الوسيلة الإعلاميـة أو الموقع الإلكترونى، نشر أو بث أخبارً كاذبة أو ما يدعـــو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوى على تمييز بين المواطنين أو يدعو إلى العنصرية أو التعصب أو يتضمن طعنًا فى أعراض الأفراد أو سبًا أو قذفًا لهم أو إمتهانا للأديان السماوية أو للعقائد الدينية..

وطبقاً للمادة 211 من الدستور الصادر عام 2014 والمادة (94) من القانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام واللوائح الصادرة تنفيذاً له، فإن تلك الأفعال غير المسؤولة التي تصدر منهم مخالفة لميثاق الشرف الإعلامى ومدونة السلوك المهنى فى باب أولاً المبادئ العامة فى فقراتها أرقام (2، 4 ، 6، 9) والتى نصت على التالى:

1- الفقرة رقم 2 على احترام القيم المجتمعية وآداب وتقاليد المهنة.
2 - الفقرة رقم 4 احترام الوحدة الوطنية.
3- الفقرة رقم 6 احترام الكرامة الإنسانية وعدم الإساءة إلى أى فئة من فئات المجتمع.
4- الفقرة 9 تنص، على احترام حقوق الجماهير مستمعين ومشاهدين.

كما تنص الفقرة الثانية فى باب الواجبات، على عدم مخالفة الالتزام بالموضوعية فى التناول، والتوازن فى عرض وجهات النظر، وعدم تغليب المصالح الخاصة على الاعتبارات المهنية.

لذلك يجب أن يكون هناك توازن دقيق بين الحق في حرية الرأي والتعبير وحق الآخرين في حماية مشاعرهم الدينية ، واحترام مقدساتهم وأن الأستهزاء بعقائد الآخرين والطعن في الذّات الآلهية لا يدخل ضمن الحرية الشخصية .

نتمني أن يتعايش الجميع في سلام وبحرية ومساواة رغم الاختلاف لان في التنوع ثراء وليس تهديد.

لدينا حلم وأمل .. أننا سنكون قادرين على شق جبل اليأس والتعصب بصخرة الأمل وسنكون قادرين على تحويل أصوات الفتنة إلى لحن جميل من المحبة والإخاء. وسنكون قادرين على العمل معاً والكفاح معاً من أجل حياة أفضل لنا ولمجتمعنا وللعالم بأسره.

وبناء عليه فأنني أناشد السيد الأستاذ المستشار النائب العام بصفته صاحب الاختصاص الأصيل تحريك الدعوي الجنائية ضد أي شخص يحضّ علي الكراهية والتمييز بين المصريين أو ازدراء الديانات الإبراهيمية حيث تتولى النيابة العامة سلطتي التحقيق والاتهام وإحالة المتهمين إلى المحاكمة الجنائية العاجلة إذا ما ثبت تورطهم في تلك الجريمة.

كما أطالب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أعمالاً للمادة 94 من القانون رقم 180 لسنة 2018 حجب مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي المختلفة التي تزدري الدين المسيحي .

ونطالب اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية المشكلة بقرار رئيس الجمهورية رقم ٦٠٢ لسنة ٢٠١٨م مواجهة مثل هذه الدعاوي التحريضية التي تنال من سلامة واستقرار الوطن لمنع حدوث حالة من الاحتقان تضر بالمجتمع ومواجهتها بكل حزم وفقاً للقانون للمحافظة علي الوحدة الوطنية وسلامة وأمن البلاد.

كما أناشد مجلس النواب الموقر : إنشاء مفوضية عدم التمييز المنصوص المنصوص عليها في المادة ٥٣ من الدستور الحالي .