محرر الاقباط متحدون
 
وتنص تلك المادة التي أقرها مجلس النواب أول أمس على أنه "يجوز لعضو النيابة العامة، بعد الحصول على إذن من القاضي الجزئي أن يصدر أمرًا بضبط جميع الخطابات والرسائل والبرقيات والجرائد والمطبوعات والطرود".
 
"وأن يأمر بمراقبة الاتصالات السلكية واللا سلكية، وحسابات مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي ومحتوياتها المختلفة غير المتاحة للكافة، والبريد الإلكتروني، والرسائل النصية أو المسموعة أو المصورة على الهواتف أو الأجهزة أو أي وسيلة تقنية أخرى، وضبط الوسائط الحاوية لها أو إجراء تسجيلات الأحاديث التي جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر"، حسب نص المادة.
 
وقال المركز العربي في بيان اطلعت عليه المنصة إن المادة بنصها الممرَّر تعد مخالفة واضحة للنصوص الدستورية وخاصة الفقرة الثانية من المادة 73 من الدستور، التي تكفل حق الاجتماع الخاص سلميًا، دون الحاجة إلى إخطار سابق، وتحظر على رجال الأمن حضوره أو مراقبته، أو التنصت عليه.
 
وأوضح أن الحكم الدستوري واضح وصريح بحظر مراقبة الاجتماعات الخاصة أو التنصت عليها، مؤكدًا أنه "حكم عام، لا إحالة فيه إلى قانون ولا إلى أي سلطة كما هو الحال في نص المادة 57 من الدستور التي وجدت الحكومة فيها مخرجًا يتيح للنيابة العامة بعد الحصول على إذن من القاضي بمراقبة والتنصت على الأحاديث التي تجري في أماكن خاصة".
 
وشدَّد المركز على أنه إذا كان الواجب قراءة نصوص الدستور جملة وعدم تجزئتها لأنه وحدة واحدة "فإن هذه القراءة تقتضي من المشرع أن يحذف عبارة (أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص) اتساقًا مع نص الفقرة الثانية من المادة 73 بالدستور".
 
وشهدت المناقشات حول هذه المادة جدلًا واسعًا بين نائبين من المعارضة من جهة، ورئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب من جهة أخرى، وذلك حول جعل مدد المراقبة مفتوحة وقابلة للتجديد، إذ قال النائب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فريدي البياضي إن "فتح المدد على هذا النحو يتعارض مع الدستور، الذي يكفل حرمة الحياة الخاصة ويمنع المراقبة والاطلاع على المراسلات والاتصالات إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة".
 
فيما طالب النائب محمد عبد العليم داود بإعلاء المبادئ الدستورية وحقوق الإنسان والحريات، قائلًا "لما أفتح الباب لزيادة المُدد.. يبقى خلصت المسألة، لازم يكون فيه ضابط".
 
في المقابل، قال رئيس لجنة الشؤون القانونية المستشار إبراهيم الهنيدي إن المادة بها ضمانات لزيادة تلك المدد، معقبًا "وفي كل الأحوال الأمر يعرض على محكمة الموضوع ولو تبين مخالفته لحقوق الأفراد هتبطل الإذن والإجراءات المترتبة عليه".
 
وفي السياق، طالب "العربي لاستقلال القضاء والمحاماة" مجلس النواب بمراجعة نص هذه المادة وتعديله في ضوء أحكام الدستور، ودراسة المواد المطروحة عليه بما يضمن خروجها بشكل يسهم في تعزيز العدالة وإقرار المزيد من الضمانات للمخاطبين بأحكام القوانين الجنائية للموازنة بين حقوقهم وحق المجتمع، وتنقيتها من أي شبهات تتعلق بالمساس بالحقوق الشخصية والجماعية للأفراد وحرمة الاجتماعات الخاصة.
 
وبشكل عام، أكد المركز أنه يتابع بقلق بالغ تزايد وتيرة وسرعة مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية في مجلس النواب، وموافقة المجلس حتى تاريخه على ما يقرب من 102 مادة من مشروع القانون الذي شهد العديد من الإنتقادات من المعنيين والخبراء والمؤسسات المدنية والنقابات وغيرها.
 
ويستكمل اليوم مجلس النواب مناقشات مشروع قانون الإجراءات الجنائية، بعدما وافق حتى مساء أمس على 142 مادة، من أصل 540 مادة، تضمنت المواد المتعلقة بضوابط الاستجواب والاتهام وضوابط أمر الحبس الاحتياطي والمدد وضوابط الإفراج المؤقت والكفالات.
 
وخلال الشهر الماضي، وافق مجلس النواب على مشروع قانون الإجراءات الجنائية من حيث المبدأ، الذي سبق أن تعرض لانتقادات من الحقوقيين ونقابة الصحفيين التي أعدت ورقة، وأرسلت تعليقات لمجلس النواب على النصوص التي تنتقص من حقوق المواطنين خلال مرحلة القبض والتحقيق والمحاكمات.