ياسر أيوب
لم يكن ويندل فيليبس مجرد عالم آثار أمريكى تعددت رحلاته واكتشافاته سواء فى أفريقيا أو اليمن وسلطنة عمان.. لكنه كان عاشقا للحياة أجاد التعامل معها ومع أهلها وبلدانها وترك الكثير من الحكايات والكتب قبل وفاته 1975.. وأشهر عبارة قالها فيليبس قبل رحيله كانت أنه سيعلن رأيه فيما يؤمن به اليوم ولو خالف كل ما جاء على لسانه بالأمس.. فقد كان مقتنعا بحق أى إنسان فى تغيير أحكامه وانطباعاته ورؤاه كلما جرت به أيامه.
ولم يكن فيليبس يقصد هؤلاء الذين تتبدل مواقفهم حسب مصالحهم ومكاسبهم لا قناعاتهم ومراجعة أنفسهم.. إنما كان يقصد قيام الإنسان بتغيير بعض أو كثير من أرائه وأحكامه حين يعرف أكثر ويرى أوضح ويكتشف حقائق جديدة.. وما قاله وأكده فيليبس هو ما يحدث كل يوم لكل الناس مهما أنكر معظمهم ذلك.. ومن الطبيعى أن يعيد أى انسان حساباته فى بعض الناس حوله وفى أماكن وكتب وألوان وأفلام وأغان وأطعمة لم يعد يحبها ويختارها.
وليس عيبا أن يكتشف أى إنسان أنه أخطأ فى اختيار أو حكم فيقرر ببساطة التراجع عنه.. فهو سلوك طبيعى حتى إن لم يقبله هواة التفتيش فى النوايا والضمائر ودائما يرون مصلحة وأسبابا غير معلنة وراء هذا التغيير.. وتذكرت ويندل فيليبس وما قاله حين التقى هانى أبو ريدة الرئيس القديم الجديد للاتحاد المصرى لكرة القدم وحسام حسن المدير الفنى لمنتخب مصر.
وكان حسام فى وقت سابق قد انتقد أبو ريدة وإدارته للكرة.. وكان كثيرون أيضا يتوقعون أن تكون الإطاحة بحسام من أولى قرارات أبو ريدة بعد عودته للرئاسة.. وحين لم يحدث ذلك والتقى الاثنان.. سارع البعض لإلقاء الاتهامات سواء لأبو ريدة أو حسام دون أى التفات لاحتمال أن يكون الرأى قد تغير لأسباب مختلفة.. وأن أبوريدة ممكن أن يكون قد اقتنع بحسام وسعيد باستمراره أو أن حسام بدأ يأمل فى نجاح أبو ريدة فى إصلاح كثير أو بعض أمور الكرة فى مصر.
ولست أدافع هنا عن الاثنين إنما أتحدث عن حق كل منهما وحق كل الآخرين فى مراجعة وتغيير بعض آرائهم وأحكامهم وانطباعاتهم.. والخروج الجماعى من زنزانة الخوف أن تقول اليوم كلامًا لم تكن مقتنعا به بالأمس أو تقبل اليوم ما كنت ترفضه بالأمس.. أما هواة التفتيش فى النوايا فلن يتغيروا وسيبقوا لا يرون لأى أحد حقا فى مراجعة النفس وإعادة الحسابات.. وسيستمتع هؤلاء بالتأكيد على أن أبوريدة ابتسم لحسام مؤقتا فى انتظار أول خسارة وأن سر ابتسامة حسام هى الرغبة فى استمراره قائدًا لمنتخب مصر.
نقلا عن المصرى اليوم