آيات عسرة الفهم
لا يزال يدور حولها سجال عقيم
وهي ظاهرة بذاتها


ماهر عزيز

فماذا قصد يسوع حقاً بقوله الخالد: "مَا جِئْتُ
.لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ" (مت 5 : 17).
.
لقد جاء يسوع لا لينقض الناموس بل ليكمله ، ليعطى للناموس القديم معنى جديداً من روحه وفدائه ، ويتممه بالكمال ، ويغلقه إلى الأبد ، مفتتحاً عهداً جديداً للمؤمنين به  ؛  عهداً جديداً بناموس جديد منطلقاً من ذاته ومن كماله ، الذى أتم به شريعة العهد القديم  ، فلم يَعُدْ ولاء المؤمنين بعد للناموس الذى أكمله  وأتمه وأغلقه ، بل للناموس الجديد الذى أعطاه ووهبه .. الذى  منحه بالفداء والحب  !!

فى هذا الناموس عينه تخلد الوصايا العشر وحدها متجاوزة القديم والجديد معاً  ، لأنها مرتبطة أساساً باللـه الأبدى الأزلى .. الذى هو فوق الزمان وفوق الشريعة  ..

بينما تختفى إلى الأبد كل التفاصيل الغليظة الثقيلة للشريعة اليهودية  ، التى تعقبت الطامث  ، وهددت الحياة  ، وغرقت فى دم الذبائح  ،  والتصقت بكهنوت عتيق متجبر لَعَنَهُ المسيح عندما ضل سبيله بعذاب الناس وشقاء حياتهم  ، وهو ما يريدون الآن الإبقاء عليه لأجل سلطانهم وسلطتهم  .

ثالثها :  للدلالة "بالناموس والأنبياء" على العهد القديم كله..

رابعها :  للدلالة على "ناموس" الكهنة والكتبة والفريسيين  ، الذى نسجوه بالشروحات  ، وشروحات الشروحات  ،  والإيضاحات  ، وإيضاحات الإيضاحات  ، من خبث ضميرهم ومكرهم وسوء طويتهم ؛  فألفوا آلاف الأحكام من كل حكم بسيط ومباشر أتى به الاشتراع الأول والثانى  ، وأوهموا الناس بها لتقييد حياتهم  والتحكم فيها ، والقبض عليها بيد من حديد  .. بسلطان  جائر  متغول .. وهذا هو الناموس الذى لعنه وأدانه يسوع  ، وصلبوه لأجل أن حطمه وكسره كسراً مبيناً..

وهذا الناموس أيضاً يحاول الإكليروس الأرثوذكسى أن يحاكيه للأسف في آلاف التفصيلات الضيقة للتحكم في الناس والسيطرة عليهم  ..
فما هو الناموس الذى لم ينقضه يسوع بل أتى ليكمله  ويتمه ؟

إنه الناموس الذى ارتبط بالاشتراع وتثنية الاشتراع..

الناموس الذى رسم طريق الخلاص الوقتى بواسطة خمس ذبائح متوازية تحمل جميعها الرمز للخلاص الذى تممه المرموز إليه .. يسوع  :  الخلاص الذى قدمه بذبيحة ذاته على الصليب  ، فأكمل الذبائح كلها وأغلقها بذبيحة نفسه  ..

وأكمل الأحكام الناموسية كلها التي ارتبطت بالذبائح  ، وأغلقها بعمله الخلاصى ذاته  : كل الأحكام دون استثناء أغلقها  ، سواء تلك التي انتقصت حقوق البشر وأهليتهم  ، كنجاسة الطامث لأجل الصحة العامة في الوقت  الذي انعدمت فيه أسباب الصحة  ، أو تلك التي انتهت رسالتها بانتهاء العهد القديم  .. عهد ما قبل النعمة بالمسيح  .. وكان إغلاقها كلها ضرورياً ولازماً كى يفتح عهداً جديداً بشريعة الحب  ، وديمومة البُرء الأفخارستى  ، والثبات فيه إلى أبد الآبدين  .

[  البقية في المقال القادم  ]