آيات عسرة الفهم
لا يزال يدور حولها سجال عقيم
وهي ظاهرة بذاتها


ماهر عزيز

لقد قصد يسوع أن يمنحنا المعنى الحقيقى للناموس ، وليس أن يحفظ الإكليروس العهد اليهودى برمته  ..
فوراء الناموس حقيقة جلية لم يدركها الكهنة والكتبة والفريسيون حق إدراكها  ، جوهرها أن واجب الإنسان هو السعي لمعرفة إرادة اللـه  ،   فمتى عرفها يكرس حياته لطاعتها  .
والوصايا العشر  ، التى هي أساس الناموس كله ، لا تُعَبِّر في الواقع منذ دهريتها الأولى سوى عن توقير اللـه وتوقير اسم اللـه وتوقير إرادة اللـه  ،  واحترام الحياة والبشر  ،  واحترام الإنسان لذاته كى لا تتسلط عليه إرادة الشر والأشرار  .

"مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ"
لقد جاء ليكشف لنا عملياً كيف تكون اتجاهاتنا نحو اللـه ونحو الآخرين  .. وكيف نقدم للـه التوقير الواجب  ،  وللبشر الاحترام الحق  .

وأظهر لنا كالنور والضياء أن توقير اللـه واحترام البشر  لا يمكن احرازه البَتَّة بطاعة مجموعة هائلة من الأحكام الصغيرة المفتتة ، التي تخنق روح الإنسان وتعتقله وتشل حياته وحيويته ، التي يزعمون في غلظة قلوبهم وغيبة وعيهم وقصر نظرتهم أنها الناموس الذى بعثه وأعطاه .

وإنما توقير اللـه واحترام البشر أمكنه أن يبلغه هو نفسه  بأن أكمل بذاته طريقه  في "طلب الرحمة لا الذبيحة".. و"تكريس الحب لا الطقسانية"  .

فلم ينقض ما بعثه أولاً ،  بل أكمله بذاته حتي الفداء ،  وكان الفداء هو خاتمة  تتميم  الناموس الذي بعدما أتمه أغلقه بذاته ، وأفسح بذلك المجال بذاته بعد ذلك أيضاً لعهد الرحمة والحب الجديد  .

وعهد الرحمة والحب الجديد هذا لا يكون بالنواهى العقيمة الظالمة التي تتحطم عليها براءة الناس وحريتهم  ، بل بالاستجابة إلى ينابيع الحب التي تتشكل حياتهم وفقاً لمقتضياتها  .

[  البقية في المقال القادم  ]