حمدي رزق
فيه قولان، لأن فيه خلافًا بين المقاومين والمطبعين، بين من يعتقدون فى صدقية السردية الفلسطينية المضمخة بالدماء الزكية، ومن يروجون للسردية الإسرائيلية الإجرامية، وبينهما «فرحة الغزاوية» التى انفجرت مع انقشاع «غمة نتنياهو».

توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، يترجم ولادة غزة الجديدة من تحت الأنقاض، والأسطورة ستروى لاحقا، فى سرديات غزة، مثلها مثل «طائر الفينيق»، حسبما يُسمى فى «الميثولوجيا الإغريقية»، طائر عجيب يجدد نفسه ذاتيًا، يولد من رماد احتراق جسده..

دعك من السردية الإسرائيلية التى سقطت فى وحل الإبادة الجماعية، ولا تسمع لرواتها وللأسف بعضهم عرب ومصريون، لا تصخ السمع لهم وأصاخ لكلامه استمع وأصغى، ولا تصغى للقنوات العبرية الناطقة بالعربية، جميعها تتبنى سردية ساقطة لا تقنع يهوديًا من الحريديم يخاف الالتحاق بجيش الاحتلال إلى غزة..

فليقل خيرا أو ليصمت، والصمت أضعف الإيمان بحق المقاومة فى الدفاع الشرعى ضد سلطة المحتل الغاصب، ولا تتباكوا على ضحايا غزة، دموع التماسيح فى عيون وقحة.

الغزاوية يدفنون شهداءهم بعزة وكرامة، ويصلون صلاة مودع، لم يجبنوا هربا، ظلوا مزروعين فى أرضهم كالأشجار العتيقة، ترتوى بالدماء الزكية، تثمر مقاومين، ومن أصلاب الشهداء سيولد جيل قادر على دحض سردية الاحتلال البائسة، ولطم رواتها على وجوههم العابسة.

الاتفاق بردا وسلامًا على غزة وأهلها، نفسه الاتفاق سيفجر المجتمع الإسرائيلى الهش من داخله، اتفاق بطعم الانتصار فى غزة، نفسه اتفاق بطعم الخزى والعار فى تل أبيب. لم يحرر نتنياهو رهائنه بالسلاح كما توعد، أطلقتهم غزة بواسطة مشروطة، والسلاح لايزال فى أيادى المقاومين، نتنياهو فشل فى غزة، وسيحاسب تاليًا على الفشل مقرونا بالفساد..

ارتدادات الاتفاق فى غزة تترجم مساعدات تكفلت بها باكرا العظيمة مصر، وقبل أن يجفف المداد فى الدوحة، وإعمار غزة ستقوده مصر، كما قادت ماراثون الاتفاق مؤمنة بحل القضية على أساس الدولتين.

دعك من الرواية التى تروجها منصات عربية ناطقة بالعبرية، بتدخلات كونية لحسم نقاط الخلاف، لو المقاومة رضخت لشروط «نتنياهو» وإملاءات بايدن، وجحيم ترامب كما يروجون، لكان الاتفاق قبل سنة من تاريخ توقيعه، المقاومة لم تركع فى الدوحة، نتنياهو هو من استجدى اتفاقًا تحت وطأة قصف إسرائيلى مركز على حكومته التى تقتل الرهائن بغباء تاريخى.

التكرار الممل والسخيف لسردية التدمير والقتل والنكبة الفلسطينية، وكأنها جديدة على الأسماع النكبة منذ وقوعها فى الـ٤٨ وفصولها متكررة، ولو لم يكن ٧ أكتوبر، كان ٨ ديسمبر، كل يوم يمر على فلسطين تحت وطأة الاحتلال نكبة، دعك من غزة، ما يجرى فى الضفة وحصارها وتهويدها، دليل على ما نقول، ٧ أكتوبر لم يستنفر قوى الشر فى نفوس شريرة معتملة بالثأر كما يقولون، وعزة لم تكن بخير حال، ونتنياهو لم يكن فى حاجة إلى ذريعة لحرب الإبادة، راجعوا مقولات راجت إسرائيليًا بمحو غزة من الوجود بقنبلة نووية، يبدو أن السردية العبرية جرى تجويدها على ألسنة عربية، تنطق كفرا بالمقاومة.

الإحن والمحن من شر إخوان الشيطان مصريًا، لا يحرف البوصلة المصرية عن حل الدولتين، ومصر ما حاسبت المقاومة على هويتها السياسية، لأن مصر الكبيرة تحتضن القضية، وترفض التهجير، وليس فى قاموسها فكرة الوطن البديل، وأعلنتها صراحة على العالم، اللاءات المصرية الثلاث، لا للتهجير، لا للتوطين، لا للوطن البديل، الخطوط الحمراء فى مواجهة مخطط صهيونى استعمارى خبيث يقضى بتفريغ سكان غزة فى سيناء.
نقلا عن المصرى اليوم