القمص يوحنا نصيف
تَغَنّى آباء الكنيسة الأوائل بمجد التبنّي لله، كأعظم هبة مُنِحَت للبشريّة، لكلّ مَن يؤمِن ويعتمد.. وسنأخُذ في هذا المقال بنعمة المسيح بعض الأمثلة البديعة من أقوالهم: 
 
 + لمّا اعتمدتم للمسيح ولبستم المسيح (غل3: 27)، صرتم بذلك مشابهين لصورة ابن الله (رو8: 29). لأنّ الله الذي سبق فعيّننا للتبنِّي (أف1: 5)، قد جعلنا مشابهين لجسد المسيح المجيد (في3: 21). ولكونكم صِرتم شركاء المسيح (عب3: 14)، دُعيتُم بحقّ "مسحاء".. لأنّكم قبلتم رسم الروح القدس، وكلّ شيء قد تمّ فيكم بحسب الصورة، لأنّكم صِرتم صُوَرًا للمسيح.
 
 [ق. كيرلس الأورشليمي - العظة الثالثة للمعمَّدين الجُدُد عن الأسرار]
    + حينئذ انفتحت السموات ونزل الروح القدس، وذلك لكي يُخرجنا من سيرتنا القديمة إلى الجديدة، ويفتح لنا أبواب السماء، ويرسل لنا الروح القدس من السماء، داعيًا إيّانا إلى ذلك الوطن. وليس فقط داعيًا إيّانا لأعظم كرامة؛ إذ لم يجعلنا ملائكة أو رؤساء ملائكة، بل جعلنا أبناء لله وأحبّاء الله.
 
[ق. يوحنّا ذهبي الفم - العظة 12 في تفسير إنجيل متّى]
 + لقد جاء صوت الله الآب على المسيح في وقت معموديّته، ليقبل به وفيه الإنسان الأرضي، قائلاً: "هذا هو ابني الحبيب". لأنّ الابن الوحيد الحقيقي بحسب الطبيعة، لمّا صار مثلنا تعيَّن ابنًا لله (رو1: 4)، ليس ليقبل هذه الكرامة لنفسه. إذ كان ولا يزال كما قلتُ هو الإله الحقيقي. بل ليُوَصِّل إلينا نحن هذا المجد.
 
 [ق. كيرلّس الكبير - تفسير لو3: 21-23]
 + الابن يجعل الذين يقبلونه مشابهين له بواسطة الروح القدس.
 
[ق. كيرلّس الكبير - شرح يو8: 42]
+ المسيح يجدّدنا على صورته الخاصّة بواسطة الروح القدس.
 [ق. كيرلّس الكبير - حوار حول الثالوث 3]
 + حيث إنّنا نتغيَّر إلى شكل المسيح، والمسيح يطبع فينا سماته، ويتصوّر فينا حسنًا بواسطة الروح القدس الذي يماثله بحسب الطبيعة، فالروح إذن هو الله لأنّه يغيِّرنا إلى شكل الله.. بأن يمنح بواسطة نفسه شركة الطبيعة الإلهيّة للمستحقّين.
 
[ق. كيرلّس الكبير - حوار حول الثالوث 7]
 + المسيح يتصوَّر فينا، بأن يبثّ فينا الروح القدس صورة إلهيّة بالتقديس والبِرّ. وهكذا.. يصير رسم جوهر الله الآب واضحًا فينا، حينما يُغيِّر الروح القدس شكلَنا إليه (إلى المسيح صورة الآب).
 
 [ق. كيرلّس الكبير - تفسير إشعياء]
  + حيث إنّ روح الابن الوحيد هو صورة أصيلة لجوهر الابن الوحيد، وأنّه بحسب المكتوب بواسطة بولس "الذين سبق فعرفهم سبق فعيّنهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه" (رو8: 29)، أي أولئك الذين يسكن فيهم الروح، يجعلهم مشابهين لصورة الآب التي هي الابن، فإنّ جميع الأشياء تُستعاد بالروح القدس في الابن إلى الآب الذي هو منه. فهو (أي المسيح) يَسأل (في صلاته الوداعيّة) إذن أن تتجدّد طبيعة الإنسان، بل ويُعاد تشكيلها بنوعٍ ما بحسب الصورة الأولى بشركة الروح القدس، حتّى إنّنا حينما نلبس من جديد هذه النعمة الأولى، ونستعيد مشابهته، نصير أسمى وأقوى من الخطيّة المتملِّكة على هذا العالم، ونلتصق بالحُبّ الإلهي وحده، ونتكرّس بالتمام للسعي نحو كلّ صلاح، رافعين أذهاننا فوق كلّ محبّة الجسدانيّات، وبذلك نحفظ بهاء صورته المغروسة فينا بدون تشويه. لأنّ هذه هي الحياة الروحيّة، وهذه هي قوّة العبادة بالروح.
 
 [ق. كيرلس الكبير - تفسير يوحنا 17: 18، 19]
 + مع كوننا عبيدًا لله بحسب الطبيعة، نحن ندعوه أبًا، وقد اغتنينا بهذا الامتياز عن طريق مشابهتنا للابن، فالابن يحلّ ويسكن فينا بروحه الخاصّ الذي به وفيه نصرخ يا آبا الآب. ولكيّ يوضِّح القديس بولس أنّ الروح القدس فينا هو سَبْقُ تذوُّق للتبنّي لله، بل وختم له بنوعٍ ما؛ إذ يغيِّر شكلنا إلى صورة الابن، يكتب: "بما أنّكم أبناء، أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخًا يا آبا الآب" (غل4: 6).
 
  [ق. كيرلّس الكبير - حوار حول الثالوث 5]
  + لقد دينَت الخطيّة لمّا صارت مُماتة في المسيح أوّلاً، وهي تُمات فينا أيضًا حينما نَجعل المسيح يسكن في نفوسنا بالإيمان وبشركة الروح القدس، هذا الذي يجعلنا مشابهين لشكل المسيح بتقديسنا بالفضيلة، لأنّ روح المسيح مخلّصنا هو بمثابة صورته، وهو الذي يَطبَع فينا بطريقةٍ ما الصورة الإلهيّة بواسطة
 
نفسه... لكنّ الروح القدس يُعتبَر بحقّ أنّه هو الروح وليس هو الابن، بل بالحريّ هو روح الابن، وهو يُعيد تشكيل أولئك الذين يحلّ فيهم بالمشاركة، ويجدّدهم على صورة الابن، حتّى إذا ما رأى الله الآب فينا ملامح ابنه الخاصّ اللائقة به، يحبّنا نحن أيضًا كأولاد له، ويُشرِق علينا بالكرامات الفائقة لهذا العالم.
 
[ق. كيرلس الكبير - العظة الفصحيّة العاشرة]
عيد غطاس مبارك ومُفرِح للجميع،،