صلاح الغزالي حرب
بدأنا عهدًا جديدًا فى ظروف شديدة الصعوبة مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى خلصنا من كابوس جماعة الشر التى كادت تطيح بمصرنا الحبيبة إلى غياهب الجب والظلام وأسس الجمهورية الجديدة.. وبكل أمانة وصدق أؤكد أن ما حدث فى البنية الأساسية فى مصر هو باختصار شديد إنجاز إعجازى فى فترة وجيزة، نراه ونعيشه فى كل نواحى الوطن.. ومع استتباب الأمن والتخلص من الإرهاب ومن جحافل الشر وأذنابهم ومن والاهم عانت مصر من مشاكل خطيرة بداية من فيروس كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية، وتلاها سلسلة أحداث أحاطت بنا من كل جانب وخاصة بعد الجرائم والمجازر البشعة التى قامت بها الدولة الصهيونية صنيعة أمريكا فى فلسطين والتى أثرت بقوة على الاقتصاد المصرى.. وبالقطع كانت هناك أيضا بعض الأخطاء فى التعامل مع هذه المشاكل نتيجة الاختيارات غير الموفقة لبعض المسؤولين، كما كان هناك عدم توفيق فى فقه الأولويات، وتضخمت المشاكل وخاصة فى التعليم والصحة والحالة المعيشية الصعبة التى تعانى منها الملايين مع زيادة الأعباء على كاهلهم.. وبدأت موجات كبيرة من شبابنا تحلم بالهجرة من أجل حياة أفضل، وتلاشت تقريبًا الطبقة المتوسطة وهى العمود الفقرى للمجتمع المصرى.. ونادى رئيس الدولة بضرورة إجراء حوار مجتمعى لأول مرة وكنت من المشتركين فيه وانتهى الحوار إلى توصيات أرسلت إلى رئيس الدولة ومنه إلى الوزارات المعنية، وللأسف الشديد لم يسفر ذلك عما يجيش فى عقول وقلوب المواطنين وذلك لأسباب كثيرة؛ منها البيروقراطية المتوطنة وارتعاش بعض الأيدى وعدم كفاءة البعض من المسؤولين. وسوف أحاول أن أعرض من اليوم وتباعا بعض المفاجآت والقرارات التى أحاطت بنا فى فترة وجيزة.. وأبدأ بالحزب الجديد..

الحزب الجديد
من معلوماتى البسيطة أن الحزب السياسى هو تجمع مواطنين يتقاسمون نفس الأفكار ويجتمعون من أجل وضع مشروع سياسى مشترك حيز التنفيذ للوصول بوسائل ديمقراطية وسلمية إلى ممارسة السلطات والمسؤوليات فى قيادة الدولة.. والحزب يعمل فى الأساس كوسيط بين أفراد الشعب ونظام الحكم فى الأنظمة الديمقراطية بأنواعها، ويقوم بصياغة احتياجات ومشاكل المواطنين وطرح مقترحات لحلها وتقديمها إلى الجهات الحكومية المختلفة بصورة قانونية وتنظيم نشاطات توعية وتثقيف للناخبين حول النظام السياسى ونشر الدعاية بين المواطنين لأفكارها وترشيح ممثليها للانتخابات.. هذا ما أعلمه.. ولكنا فوجئنا نحن شركاء الوطن بالإعلان عن تدشين حزب جديد فى ٣٠ ديسمبر الماضى وصفه د. ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، بأنه ليس حزبا ولكنه كيان!. (بحثت فى معاجم العربية فوجدت أن معناه الهيئة والبنية وكذلك الذات والوجود والطبيعة!). وقال د. ضياء: «سنشكر الحكومة حين تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيرًا إلى أن مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة. كما قال إن الحزب يستهدف فى الأساس إعادة بناء الحياة السياسية فى مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد منذ عام ١٩٥٢، ويهدف إلى إحياء تحالف ٣٠ يونيو!، وأن التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطنى الذى أثار زخما سياسيًا!. ومن جانبه قال وكيل مؤسسى الحزب وزير الإسكان السابق د.عاصم الجزار إن الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعى المصرى المعاصر، وهو لا يسعى للأغلبية أو المغالبة!، بل يستهدف التأثير النوعى وليس الكمى!. وأضاف أن هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة ومستعدون للتحالف مع أحزاب الأغلبية.. مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضا!، بهدف خدمة المصلحة الوطنية (ملاحظة.. أتابع مؤخرًا إعلانات ودعايات كثيفة عن نشاط الحزبين المذكورين فى القنوات الفضائية!).

ننتقل الآن إلى بعض التعليقات والاستفسارات التى تحتاج إلى توضيح:
١- يقول د. أسامة الغزالى حرب فى إحدى مقالاته إن تاريخ الأحزاب فى مصر طويل وظهر بقوة خلال ثورة ١٩ من خلال حزب الوفد، وظلت موجودة حتى جاءت ثورة ٥٢، ووجود أحزاب قوية يعنى وجود حياة سياسية جديدة تليق بمصر وتتوافق مع العصر الذى نعيشه، ولكن وجود الأحزاب فى ذاته لا يعنى وجود الديمقراطية التى توجد عندما يكون لهذه الأحزاب ثقلها الشعبى الحقيقى العددى والنوعى أى لا تكون أحزابا ورقية ولكن تضم الملايين من الأعضاء.. وقد صرح مؤخرًا رجل الأعمال القدير المهندس صلاح دياب بأننا فى الحقيقة ليس لدينا أى أحزاب حقيقية.. ويبرز السؤال عن الحزب الجديد: هل هو كيان أم حزب أم كيان حزبى؟، وكيف ولماذا ظهر فجأة قبيل إجراء الانتخابات النيابية؟.

٢- لا أدرى لماذا جال فى خاطرى عند الإعلان عن هذا الحزب ما حدث يوم الإعلان عن تأسيس ما سمى بتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين فى إبريل ٢٠١٨ لتكون منصة حوارية بين شباب من مختلف التيارات السياسية، والتى أعلنت أن هدفها هو تقوية الأحزاب وإيجاد قنوات ومساحات اتصال وتقارب مع الدولة (تقصد الحكومة) من خلال المشاركة بأوراق عمل ومقترحات ومشروعات قوانين أو الحوار المباشر مع المسؤولين، بالإضافة إلى الحوارات المجتمعية.. وهى تضم ممثلين لنحو ٢٦ حزبا من مختلف الأطياف، وأذكر أنى تعجبت وقتها من أهمية تكوين هذه الجماعة فالمفترض أن كل حزب فى العالم يمتلك أفكارا جديدة وسياسة واستراتيجيات معدة فى كل المناحى، ويكون عليها توافق الملايين من المواطنين، تمكن الحزب من الوصول إلى السلطة لتنفيذ ما توافق عليه الشعب.. فهل من جديد فى هذا الحزب الجديد؟.

٣- بالتأكيد فإن من حقنا وواجبنا أن نسمع ونرى ونتحاور مع الأعضاء المؤسسين لهذا الكيان وعلاقتهم بالسياسة والممارسة السياسية السابقة والإنجازات التى قدموها من قبل لأبناء وطنهم، كما أن من واجب الإعلام أن يتولى هذا الأمر بكل حرية وشفافية وخاصة مع القيادات الإعلامية الجديدة المتميزة.

٤- من حقنا أن نعلم مَن مِن رجال الأعمال شارك فى هذا التجمع، وما الدور الذى قام به فى عالم السياسة ومصلحة الوطن.

أرجو الانتباه.. وحمى الله مصر.
نقلا عن المصرى اليوم