(إعداد: د. أشرف ناجح إبراهيم عبد الملاك)

(1) منذ العام 2020، في الأحد الثّالث من الزّمن العاديّ لكلّ عام، وفقًا لطقس الكنيسة اللّاتينيّة، نحتفل بـ"أحد كلمة الله".
 
وقد أَسَّس البابا فرنسيس هذا الاحتفال، في الـ30 من سبتمبر/أيلول للعام 2019، من خلال رسالته الرّسوليّة (في شكل براءة بابويّة) "فَتحَ أَذْهانَهم". فكَتَب قداسته حيال هذا: «لذا أقرّر أن يُخَصّص يوم الأحد الثالث من الزمن العادي للاحتفال بكلمة الله، والتأمّل بها، ونشرها» (رسالة رسوليّة "فَتحَ أَذْهانَهم"، بند 3). 
 
وعلى هذا النّحو، في هذا العام (2025)، نحتفل بـ"أحد كلمة الله" السَّادس، الذي يوافق الـ26 من يناير/كانون الثّاني. ويَرمي هذا الأحد على وجه خاصّ إلى الاقتراب أكثر من "كلمة الله"، وإعادة اكتشافها، ومحبّتها، ومعرفتها، وفهمها، ومعايشتها. «عسى أن ينمّي الأحد المكرّس لكلمة الله عند شعب الله المعرفةَ الدينيّة والدؤوبة للكتاب المقدّس، كما علّم الكاتب المقدّس في العصور القديمة: "بلِ الكَلِمَةُ قَريبَةٌ مِنكَ جِدًّا، في فَمِكَ وفي قَلبِكَ لتعمَلَ بِها" (تث 30، 14)» (رسالة رسوليّة "فَتحَ أَذْهانَهم"، بند 15).
 
(2) وفي هذا السّياق، يسطع القدّيس هيرُونمُس (جِيروم) كنموذجٍ لكلّ مسيحيّ في اقترابه من "كلمة الله" وقراءتها والتّأمُّل فيها؛ فهو «ليس فقط أحدَ أعظمِ عُشَّاقِ "المكتبةِ" التي تَغذَّتْ منها المسيحيّةُ عبرَ الأجيالِ، بدءًا من كنزِ الكتُبِ المقدَّسة.
 
بل يمكن أن نطبِّقَ عليه ما كتبَه هو نفسُه عن نيبوتسيانُس: "بالقراءةِ الدؤوبةِ والتأمُّلِ المستمِرِّ جعَلَ قلبَه مكتبةَ المسيح"» (البابا فرنسيس، رسالة بابوية "حبُّ الكتاب المقدّس").
 
(3) قد قال البابا فرنسيس، في عظته بالقدّاس الإلهيّ بمناسبة "أحد كلمة الله" الخامس (الأحد 21 يناير/كانون الثّاني 2024): «أيّها الإخوة والأخوات، ليساعدنا أحد كلمة الله لنعود بفرح إلى ينابيع الإيمان، الذي يولد من إصغائنا إلى يسوع، كلمة الله الحيّ.
 
وبينما يقولون ويقرؤون كلامًا على الكنيسة باستمرار، ليساعدنا أحد كلمة الله لنكتشف من جديد كلمة الحياة التي يتردّد صداها في الكنيسة! وإلّا سينتهي بنا الأمر إلى أن نتكلّم على أنفسنا أكثر مِن كلامنا على الله، وتبقى أفكارنا ومشاكلنا في المقام الأوّل، بدل أن يكون المسيح وكلمته في المقام الأوّل.
 
لنعُد من جديد إلى الينابيع لكي نقدّم للعالم الماء الحيّ الذي لا يجده، وبينما يزداد المجتمع ووسائل التّواصل الاجتماعيّ بالكلام العنيف، لنقترب نحن من وَداعة كلمة الله التي تُخلِّص، ولا تُصدِر ضجيجًا، وتدخل في القلب. وأخيرًا، لنطرح بعض الأسئلة على أنفسنا.
 
أيَّ مكانٍ أُخصّص لكلمة الله في المكان الذي أعيش فيه؟ سيكون هناك كُتب، وصُحف، وأجهزة تلفاز، وهواتف، ولكن أين الكتاب المقدّس؟ هل الإنجيل في غرفتي في متناول يَدي؟ هل أقرأه كلّ يوم حتّى أجد طريق الحياة؟ نَصَحْتُ كثيرًا أن يكون الإنجيل معنا دائمًا، في جيبنا، وفي الحقيبة، وعلى الهاتف النّقال: إن كان المسيح عزيزًا عليّ أكثر من أيّ شيء آخر، كيف يمكنني أن أتركه في البيت ولا أحمل كلمته معي؟ وسؤال أخير: هل قرأت أحد الأناجيل الأربعة كاملة مرّة واحدة على الأقلّ؟ الإنجيل هو كتاب الحياة، وهو بسيط وقصير، ومع ذلك، فإنّ مؤمنين كثيرين لم يقرؤوا قط أيًّا منها من بدايته إلى نهايته».