Oliver كتبها  
كنت أتوارى فى كهف أسفل جبل الجليل.شمال الناصرة,كفرناحوم مرتفعة بأكملها فوق الجبل و فوقى.أرى الناس من بعيد فأنزوى مرتعداً.
 
أعيش مختفيا كاللصوص.آكل مختفياً.أنام مختفياً.أخشي أن أنام و أن أصحو.هكذا يحيا الأبرص لو كانت له حياة.الأبرص لست عند الناس إنساناً فأنا  كتلة منبوذة محتقرة حتى من أقرب أالأقرباء.
 
فى كهف ذئب كنت أقيم.كنت أود لو يلتهمنى لكن حتى الذئب لم يطيق رائحتى فترك لى الكهف.كنت أقف على باب الكهف فأرى يسوع صاعدا إلى هناك أو نازلا من كفر ناحوم , لا أعرف ماذا يفعل,لم أحاول أن أناديه.لم أكن أعرف الأفراح بل الأغرب أنني لم أعد أحزن من كثرة الأحزان.مات أبي و لم أكن في وداعه.تركنى الجميع إلا أمى.كانت تأتي لي بالطعام كلما إستطاعت
 
.ثلاثة من بقايا الأصدقاء كانوا يقتربون من التل حيث كهفي مقابلهم.كنت أتلذذ بسماعهم يتكلمون.لم أكن أسمع بوضوح.فقط أسمع أصواتاً تتقاطع بلا هوية.تحملها الريح حيناً نحوى أو ترسلها صوب طبرية حيناً.
 
كنت أشتاق لسماع الناس فقد نسيت الكلام من الوحدة.
 
جلس الرفقاء يتحاكون عن المسيح يسوع.هكذا قالوا فأنا لم أكن أعرفه.ما كنت أشترك في الحديث فقد كنت أخشي أن أفتح فمي.تكلموا قدامي عن آيات كثيرة صنعها يسوع.قلت في نفسي لعله نبي من الناصرة رغم أني لم أسمع عن نبي من الناصرة.كنت أفكر في نفسي عن أسباب شفاء هؤلاء.لكنني ليس لدي أي سبب ليشفيني.
 
كان البعض من المرضي يشتاقون للشفاء ليعودوا للعبادة.أما أنا فليس في داخلي شوق للصلاة.لست فقط أبرص فأنا كتلة يابسة من هامة الرأس حتى أخمص القدم.فلماذا يشفيني . أنا لا أريد الهيكل و ليس عندي ذبيحة.لا أريد بيتاً و لا أعرف للأعياد طعماً.فلماذا يشفيني؟ أراه صاعدا فلا أحاول الدنو منه.أراه نازلاً نحو التل فأتوارى .لست مختبئا لأنني أبرص فحسب بل لأنني لا أريد الحياة.يبدو أن الذئب الذى كان في الكهف قبلي صار داخلي.
 
جاءت أمى باكية.هى دوماً دامعة العينين.توسلت أن أطلب الشفاء من المسيح.و أنا لا أريد الشفاء.هزتنى هنهناتها ,هزمتنى دمعاتها.لماذا يا أمى.أما ترينني فى الكهف كخرقة بالية لا نفع لها ؟ دموعك قسوة منك علىَ.كفى عن البكاء قرب الصخرة.فأنا ٍسألبي مطلبك.سأخرج قدامه عند نزوله.لا أريد الشفاء  لنفسي ,فقط سأسترضيكي يا أمى.سأقف قدام المسيح من أجل توسلاتك.
 
صدقيني يا أمى لا أعرف و لو كلمة واحدة أقولها للمسيح لكننى سأقف.
 
ستتكلم عنى رائحتي العفنة.وجهى المتآكل قدام وجهه.قلت أنني نسيت الكلام فسيتكلم جلدى المتساقط عند قدميه.صدقيني يا أمي لن أقول له أنني أبرص كي يحترس مني.كلى أبرص,القلب أبرص . الفكر و الإرادة أكلهما البرص .
 
هل رأيتي قلباً أبرص من قبل يا أمي؟  النظر و السمع يتآكلان كل يوم..سأقف كأبرص مقابل نبي الناصرة. 
 
أصدقاءى صاحوا .ها يسوع قادم يا صديق.أخرج من كهف الذئب لكي تقابل الراعي فخرجت.
 
وقفت أنوى التحدى.لا أدرى ماذا سيقول لي.لو سألني أتريد أن تبرأ لن أجيبه أو أجيبه أنني لا أريد أن أبرأ.لو سألني لماذا صرت أبرص لن أجيبه فأنا لا أعرف سر نجاستى.أنا فقط أقف هنا من أجل أمى.
 
مرارا كثيرة صعد و نزل ماراً من هنا دون أن ينظر نحوى.لا علامة و لا صوت و لا كلام.اليوم فقط سمعت صوت أقدامه تقترب و جلدى يسخن بشدة كفريسة تشويها النار.
 
هرولت نحوه مكشوف الرأس.جثوت من الوجع.
 
قدماى مهزومتان من الهموم.جاء نحوى و ثبت عيناه فى عيني.لم أقل له أننى أريد أن أبرأ بل قلت له لو تريد أنت أن تشفيني سأبرأ.
 
فإقترب جداً.مد يداه و لمسني.كان أول من لمسني منذ صرت أبرص.هذا المسيا أقوى من البرص فلم يخش مثل الناس أن يمسنى.
 
ما أن مست يداه جروحى حتى وجدتني أستعيد نفسي.عاد شباب عيناى و سمعي.ذاب بياض البرص و عاد الدم يتدفق كأنه يضخ من جسد آخر..لما لمسني عاودتنى ذكرى لمسات أبي و أمى.لمسات الهيكل و المذبح.لمسات الكتاب الذى غادرته منذ زمن.بلمساته أيقظ اللمسات أيقظ كل الذكريات و الأشواق .
 
قال لى أريد فإطهر.بإرادته شفيت.بإرادته أخلص.وجدتنى أتكلم معه.لا أعرف ماذا قلت.لكننى ضبطتني أتكلم لأول مرة منذ زمن.ربما قلت آهات أو صرخات أو طلبات أو أو لست أدرى.رأيت في عينيه أنه فرح بكلامي.
 
ففرحت دون أن أسترد وعيي.أنا أتجدد قدام عيني و عينيه.أنا لم أعد أنا .
 
لما لمسني رأيت جلدي يشابه جلده.تشابهت معه أنا الأبرص.أو من كنت أبرص.ابتسمت لأول مرة فى يوم سعادتى.
 
تركنى أتكلم و هو سامع.كأنما يشفى لساني من التلعثم.لم يستوقفني لم يصدني.إنهمرت في الكلام و هو صامت وأنا الذى كنت لا أنوى الكلام.عاد بريقي و ذاب قلبي قدامه.
 
فلما رآني أفرغت ما بداخلى قال لي ببشاشة.أنظر,لا تقل لأحد شيئاً.
 
بل إذهب أر نفسك للكاهن .لا لن أعود صامتاً.لن أستطيع يا رب.أنا أعرف أنك لست تبحث عن مجد.لكنني لن أستطيع أن أصمت.
 
سأمجدك و أدعو الناس تمجدك.إذا البرص جعلني صامتاً يائساً فشفاؤك فتح فمي لتمجيدك. 
كنت أحسب أننى وحدى.لكن ما أن تركنى و مضى وجدتني وسط رفقاءى هذا يقذفني لذاك كلعبة في يدى طفل.ثم فى الخلف كانت أمي تنتظرنى بنفس الدمعات.
 
تعانقنا و سرنا كجنود فى جيش الرومان.و بدلا من هتافي القديم أنا أبرص أنا أبرص صرت أصرخ في الطريق .المسيح شفاني .المسيح نبي الناصرة هو الرب الإله الذى جعل البرص يتطهرون.
 
كنت أصيح في الجميع إذهبوا إليه بكل مراراتكم و بلاياكم و هو سيتصرف.
 
هو يعرف كيف يداوى اليائسين و البائسين.لا تجهزوا له صلاة بل فقط قولوا ما تشعرونه. يسوع لا تستهويه الخطب و لا يحتاج كثرة الكلام.هو يريد خلاص الجميع فإغتنموا هذا الخلاص بسرعة.
 
كنت أجلس و أتأمل كيف صارت يد موسي النبي برصاء ليتأكد أن الله أرسله .لعل الله جعلني أبرص فأتأكد أن المسيح هو إبن الله و هو يرسلني لأكرز أيضاً.
 
صار الناس حولى.سار الناس مثلى.تجمهروا أكثر فأكثر.
 
كنت لا أعرف من أين تأتي العبارات علي لساني,فأنا لم أقرأ كتابا في كهف الذئب.رأيت وجهه يشفيني .
 
تابعته حيثما ذهب.يشفي النفوس. وجهه فى قصر بيلاطس. وجهه مكللاً بالشوك.رأيت وجه مجده في القيامة .
 
صرت أراه في كل مكان لأنه ملأ عقلي و عيناي. ظللت أكرز بالذى شفي نفسي و بقيت هكذا طويلاً حتى لم أعد أستطيع أن أخرج للناس ظاهراً فذهبت إلى أورشليم حيث لا يعرفني الناس.
 
إستوطنتني أورشليم و أخذت إسماً جديداً.هناك قابلت بعض الأخوة.كل يوم يتزايدون.
 
كل واحد له قصة مثلي أو أعظم منها.حتى صرنا قرابة الخمسمائة أخ.تجمعنا حيثما كنا نجد المعلم.و إقتربنا من الرسل السبعين.
 
تبعنا المسيح حتى الفداء .فلما قام ظهر لنا.
 
فكان ظهوره لنا تلمذة مقدسة.و بعدما نلنا الروح القدس تفرقنا فى كل الشتات نبشر نعم صرت أبشر .
 
لم يعد الأبرص يذهب لكهنة الهيكل.بل صار بعض كهنة الهيكل يتبعوننا  و لأن الناس لم تعرف لى  إسماً كان يحلو لهم أن ينادوننى ( الكارز الأبرص). لم أكن أتكلم كثيراً فقط أقول لمن أكرز لهم  المسيح يقول لك : أنا أريدك أن تطهر فاطمن ستطهر .