سمير مرقص
(١)
لا بديل عن إنهاء الاحتلال واستعادة الحقوق الفلسطينية ردت مصر: الشعبية والرسمية بـ«لا» حاسمة على المقترح الرئاسى الأمريكى «الترامبى» لتهجير الشعب الفلسطينى من أرضه المحتلة، وذلك بتشديدها على «رفضها لأى مساس بالحقوق غير القابلة للتصرف، سواء من خلال الاستيطان أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواء كان بشكل مؤقت أو طويل الأجل». وأنه لا بديل عن الالتزام بحل القضية الفلسطينية «القضية المحورية بالشرق الأوسط» إلا «بإنهاء الاحتلال، وعودة الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطينى». يأتى هذا الموقف الرافض للمحاولات التآمرية

من أجل- كما كتبنا قبلا- السير العكسى المناقض للتسوية العادلة عبر: التفتيت المكانى والتجزىء فى الأراضى، وشن حملات عسكرية وأمنية تدميرية متعاقبة ثم تطبيق قسرى للضم والترحيل/ التهجير transfer، ما يحقق ما بات يُعرف فى الأدبيات: بـ«تذويب القضية الفلسطينية»، وهى العملية التى دأب كيان الاحتلال على ممارستها منذ القبول بركوب قطار السلام الذى لم يحمل للفلسطينيين، فى كل محطة سلامية حط فيها: مدريد (أكتوبر ١٩٩١)، أوسلو (١٩٩٣)، وكامب ديفيد (٢٠٠٠)، وآنا بوليس بالولايات المتحدة الأمريكية (٢٠٠٧)... إلخ، إلا سلام ظالم ومنقوص وقلق لا يحمل أى ضمانات مستقبلية لاستدامته.. قطار لم يصل قط، على مدى عقود، إلى محطة التسوية النهائية العادلة/ الشاملة.

(٢) حروب فرض سلام منزوع العدل والشمول
فى هذا الإطار، نشير، للتاريخ، إلى أنه، وعلى النقيض تماما، كانت تواكب الرحلة السلامية المزعومة عمليات لا إنسانية ولا أخلاقية من: الاعتقالات، والقمع، والتوسع الاستيطانى، والحصار الاقتصادى، والتجويع... إلخ. إضافة لعمليات عسكرية متتالية على قطاع غزة بعد إعلان سلطة الاحتلال، فى ديسمبر سنة ٢٠٠٨، اعتباره: «كيانا معاديا»، ومن ثم دأب الحكومات اليمينية التى تحكم إسرائيل منذ أكثر من ١٥ سنة على شن حروب عسكرية منتظمة/ متتالية على القطاع سنوات: ٢٠١٢ و٢٠١٤، و٢٠١٩، و٢٠٢٢ ومايو ٢٠٢٣، فيما عُرف بمعارك: الرصاص المصبوب، وعمود السحاب، والجرف الصامد، والفجر الصادق، والسهم والدرع. وكلها حروب كانت أشبه «ببروفات» للحرب الممتدة التى جرت بعد الحرب المقاومة «طوفان الأقصى» التى انطلقت فى السابع من أكتوبر من عام ٢٠٢٣. ولم يكن كل ما سبق إلا محاولة لطمس الحقوق الفلسطينية وفرض سلام «وهمى» يتسم كما وصفناه مرة بأنه: «سلام منزوع العدل والشمول والاستدامة»، وهو السلام الذى تأتى فى إطاره التصريحات الترامبية بتهجير الفلسطينيين من أرضهم ووطنهم. وهنا نكرر ما عبر عنه مقام الرئاسة المصرى ردا على بدء ترديد مقترح التهجير الفلسطينى على الأردن ومصر عقب «طوفان الأقصى» بأن: «حل الدولتين قد تعثر، والفلسطينيون داخل أراضيهم، فكيف يمكن أن يتحقق لهم حل الدولة المستقلة وهم خارجها»، أى وهم مهجرون أو نازحون أو لاجئون. ومن ثم يجب تأكيد ترسيخ الفلسطينيين فى أرضهم.

(٣) لاءات مصرية تاريخية ثلاث
فى هذا الإطار، تأتى «لا» المصرية: الشعبية والرسمية الحالية امتدادا لما كتبناه فى أكتوبر ٢٠٢٣: «باللاءات المصرية التاريخية الثلاث» التى أعلنتها مصر عقب «طوفان الأقصى» والتى تتلخص فى الآتى: أولا: رفض مصر تصفية القضية الفلسطينية. ثانيا: رفض مصر تهجير الفلسطينيين قسرا من أرضهم. ثالثا: رفض التلاعب بخرائط المنطقة واستباحة استقطاعها لأى سبب من الأسباب بما فيها بطبيعة الحال ما يتيح إعادة التوطين. وضرورة الالتزام بالقرارات الدولية التى تؤكد حق الشعب الفلسطينى فى استعادة أرضه المحتلة وحقه فى إقامة دولته المستقلة الموحدة على كامل أراضيه.

(٤) مصر والحق الفلسطينى
وبعد، فإن «لا» المصرية الشعبية والرسمية تجدد موقفها التاريخى المبدئى الذى التزمته منذ انخراطها فى العملية السلامية قبل ما يقرب من خمسين سنة، إذ إن رؤيتها للسلام كانت مشروطة بأن يكون سلاما: عادلا ودائما وشاملا، سلاما يؤمن الحقوق لصحابها، ويضمن ألا يكون هشا أو مناورا أو مؤقتا، كذلك يجد حلولا جذرية للملفات العالقة: ملف الأرض والحدود، وملف اللاجئين، وملف القدس، والتى حرص الطرف الاحتلالى الاستيطانى الإسرائيلى على عدم التفاوض حولها فى كل المحطات السلامية. إن الموقف المصرى: الشعبى والرسمى، هو موقف تاريخى بكل المعايير يجدد التذكير بالحق الفلسطينى/ الحقوق الفلسطينية فى: إقامة دولتهم المستقلة.
نقلا عن المصرى اليوم