حمدى رزق 

«أبعد من الثريا»، يُقال هذا المثل العربى للبرهان علىتحقيق غرض معين'> استحالة تحقيق غرض معين، وكذلك يُقال فى هذا المعنى خليجيا «أبعد من حبة كوعك» بمعنى أن تحقيق ذلك الذى تطلبه وتصر عليه مستحيل، والمُستَحيلاتِ الشائعة ثلاثة، الغُولُ، والعنقاءُ، والخِلُّ الوفِى، ورابعها مصريا توطين الفلسطينيين فى سيناء!

 

الرئيس «ترامب» يحتاج إلى ترجمة فورية لقاموس الأمثال الشعبية العربية التى يحفظها المصريون عن ظهر قلب، وتبرهن على استحالة تحقيق ما يطلبه ويلح عليه بتوطين الفلسطينيين فى سيناء.

 

منها على سبيل المثال «إذا شابَ الغُراب» ويُضرب للأمر المستحيل، وشيب الغراب أمر مستحيل لأن الغراب لا يشيب أبدًا، و«لما تشوف حلمة ودنك»، من مفردات الحارة المصرية، وهكذا دواليك لمن يفهم ويعى عقيدة المصريين، ربما لن يصادف ترامب مثلهم، دماغهم ناشفة قُدَّت من حجر الصوان.

 

المصريون لا يسلمون بالأمر الواقع أبدا، ويأنفون تهديدات حمقاء كالتى يطلقها الرئيس ترامب، ولسان حالهم، «حبة رمل فى سيناء أبعد من حبة كوعك»، وتوطين الفلسطينيين «لما تشوف حلمة ودنك».

 

ترامب يلوح بورقة المساعدات، وردًا على سؤال حول موقف مصر والأردن الرافض لتهجير الفلسطينيين من القطاع، قال: «ستفعلان ذلك.. فنحن نساعدكما وستقبلان بالأمر».

 

سياسية «احلبى لأكسر قرنك»، توطين الفلسطينيين فى سيناء لأقطع المساعدات، للأسف أساليب سياسية بالية، عفا عليها الزمان، مصر ليست دولة من دول الموز، ولا يجوز عليها تهديد ولا وعيد، ولا تقبل بسياسة الأمر الواقع، وترفض الإملاءات، وياما دقت على الرؤوس طبول.

 

المعونة عادة ما يتم الاقتطاع منها سنويا بحجج ساذجة ولأسباب الضغط السياسى، وصفة أمريكية مجربة لا تجدى مع المصريين، ما يفهم من حديث الرئيس الأمريكى خلاصته، المساعدات رهينة التوطين، التوطين يا نقطع المعونة، تستحقون المعونة إذا استقبلتم الفلسطينيين، شرط واجب، تستحقون المعونة بشرط توطين الفلسطينيين فى سيناء!.

 

لسان الحال المصريين محال، ولسان حال ترامب، أترفضون اقتراحًا بتوطين الفلسطينيين، ويلكم، تنازلوا قليلًا عن السيادة الوطنية، أنتم هكذا لا تستحقون المعونة، ما لكم لا ترضخون لأوامر الأمريكان، بربط إرادتكم بمخططات الأمريكان فى غزة، لماذا تواجهون مخطط التوطين بالرفض والتشديد على حل الدولتين؟!.

 

لماذا لا تسمعون ما يقال لكم فى واشنطن، لتكونوا أصدقاء مؤثرين اسمعوا كلام الأمريكان، حدود التأثير والدور مرتهن بمشيئة الأمريكان، كيف يتسنى لكم لعب دور وطنى إقليمى وأنتم رافضون، ممنوع عليكم الدور، لا يستحقه إلا الحلفاء الخلصاء، من يستحقون المساعدة فحسب العملاء، وهم كثر فى المنطقة!.

 

أتطلبون مساعدة ومنابركم السياسية والحزبية والمسجدية تحرض على الأمريكان من أمام المعبر وفى قعور البيوت، انظروا كم التحريض، أمعنوا هذا الحديث المؤذى للمصالح الأمريكية، لماذا أنتم صعبين هكذا!!.

 

لافت فى الصحافة الأمريكية مقولات عبثية يدبجها كتبة استخباريون محترفون، ويتساءلون فى جنون، لماذا المصريون لا يرضخون أبدًا، إنهم عصاة متمردون، يرفضون الانصياع، هذا نظام لا يستحق المعونة، نظام يرفض نظرية «حسنة وأنا سيدك»، نظام لا يستحق المعونة، يفضل قطع المعونة أو تخفيضها وربطها باستجابة النظام للإملاءات الأمريكية!.

 

 

سقطة المساعدات فى حديث ترامب للصحفيين جاءت كاشفة وفاضحة، إملاءات قذرة، ومطالب لا يقبلها وطنى غيور على نظامه الوطنى، ولا يغتبط بها إلا كل إخوانجى عقور خائن لتراب وطنه.

نقلا عن المصرى اليوم