بقلم : شريف منصور
على مدى عقود، استخدمت الحكومة المصرية ملف الأقباط كورقة سياسية، سواء داخليًا عبر فرض قيود وتمييز ممنهج، أو خارجيًا من خلال التودد لأقباط المهجر في الولايات المتحدة و اروبا وأستراليا  لكسب دعمهم السياسي.
 
وبينما تحاول القاهرة تقديم نفسها كحامية للأقباط أمام المجتمع الدولي، فإن الواقع داخل مصر يعكس صورة مختلفة تمامًا، حيث يتعرض الأقباط وكل  الأقليات الدينية، ومنهم خاصة العابرين دينيًا والملحدين، لقيود أمنية وقانونية صارمة تنتهك حقوق الإنسان الأساسية.
 
هيمنة المؤسسات الدينية على المجتمع
تلعب مؤسسات مثل الأزهر ووزارة الأوقاف دورًا رئيسيًا في توجيه سياسات الدولة فيما يتعلق بالحريات الدينية. يتم ترسيخ فكرة أن الإسلام هو المظلة الحاكمة للحياة العامة، مما ينعكس سلبًا على حرية العقيدة.
 
 إلى جانب ذلك، فإن وزارة الداخلية تمتلك قسمًا خاصًا يُعرف بـ”مكافحة التنصير”، والذي يُستخدم أحيانًا كأداة لملاحقة العابرين دينيًا.
 
ومن أبرز الممارسات القمعية في هذا السياق:
 1. احتجاز الأفراد الذين يغيرون دينهم أو يعلنون إلحادهم لمدة تصل إلى 15 يومًا، مع تعرضهم للتعذيب عدة مرات دون اي سبب او توجيةُ اي اتهام و الامثلة عديدة ولا تحصي . 
 2. منع هؤلاء الأفراد من السفر وملاحقتهم بشكل دوري أمنيًا.
 3. حرمانهم من فرص العمل، حيث يخشى أرباب العمل توظيف شخص مُستهدف أمنيًا .
 
هذه الممارسات تؤكد أن ملف الحريات الدينية في مصر لا يزال يخضع لرقابة أمنية صارمة، مما يضع الدولة في تناقض واضح مع التزاماتها الدولية المتعلقة بحرية المعتقد.
 
لذلك نطالب بإنهاء التلاعب بملف الأقباط
 
إذا كانت الحكومة المصرية جادة في إنهاء هذا التمييز تريد حقًا احترام الحريات الدينية، فعليها إصدار تعهد رسمي وملزم ، و تنفيذ إصلاحات جوهرية تشمل:
 1. الإفراج الفوري عن جميع الأقباط المحتجزين بسبب معتقداتهم.
 2. السماح بتغيير الديانة في البطاقة الشخصية و الوثائق الرسمية دون تعقيدات قانونية أو قيود أمنية للعابرين والسماح بتعميدهم في الكنائس .
 3. إلغاء أي ممارسات أمنية ضد العابرين دينيًا أو الملحدين، ومنحهم الحق في السفر والعمل بحرية.
 4. حظر أي برامج إعلامية تحرض ضد الأقباط أو تروج لخطاب ديني متطرف يعزز الكراهية.
 5. إصلاح قوانين التمييز الوظيفي التي أدت إلى غياب الأقباط عن المناصب وزراء في الوزارات السيادية ووضحت اكثر منذ أكثر من 12 عامًا، باستثناء وزيرتين دون حقيبة وزارية. كانوا يروجوا لافكار و سياسات من شيخ الأزهر التعريب لهدم الوطنية المصرية . 
6. عدم التعرض للعابرين دينيًا أو الملحدين، وضمان حريتهم الكاملة في التعبير عن معتقداتهم دون خوف من الاعتقال أو الاضطهاد. 
 7• إلغاء أي إجراءات أمنية أو قانونية ضد من يغيرون دينهم.
8 • تعديل القوانين لضمان حرية العقيدة بشكل واضح وصريح.
 9 • محاسبة أي جهة أمنية تتورط في انتهاكات ضد العابرين دينيًا أو الملحدين.
10. والاهم هو فتح كافة الكنائس المغلقة والتي تتعدي ٢٥٠ كنيسه و لا ننسي إمارة المنيا الاسلامية وما يحدث للاقباط فيها . 
 
إحياء الهوية الوطنية بدلًا من القومية الإسلامية
تحاول الدولة الترويج لمبادرات مثل “إحياء اللغة العربية” لتعزيز الهوية الوطنية، لكن هذه الخطوة تتناقض مع حقيقة أن مصر ليست دولة عربية بالكامل، بل لها جذور فرعونية قبطية عميقة. اعتماد خطاب “القومية الإسلامية” أدى إلى تعزيز الاستقطاب الديني، مما تسبب في تصاعد الاعتداءات على الأقباط.
 
ازدواجية الحكومة في التعامل مع أقباط الداخل والخارج
من المفارقات أن الحكومة المصرية تسعى لاستمالة أقباط المهجر، خاصة في الولايات المتحدة، من خلال تقديم نفسها كحامية للأقباط، بينما تستمر الانتهاكات داخل البلاد. يتم تجنيد بعض الشخصيات القبطية في الخارج للدفاع عن سياسات الدولة، بينما يعاني أقباط الداخل من الإقصاء والتمييز.
 
الخاتمة
إن استمرار التمييز الديني والممارسات القمعية ضد الأقباط والعابرين دينيًا يتناقض مع ما تحاول الحكومة الترويج له على المستوى الدولي. إذا كانت الدولة المصرية ترغب في إنهاء هذا الملف فعليها البدء بإصلاحات حقيقية تضمن حقوق المواطنة المتساوية، وليس مجرد استخدام الأقباط كأداة ضغط سياسي.