ثروات بقيمة 83 تريليون دولار ستنتقل عبر الأجيال عالمياً في العقدين المقبلين، وتريليون دولار منها في منطقة الشرق الأوسط وحدها بغضون خمس سنوات فقط
نادر شكري
وسط الصعوبات التي يواجهها العالم لسد النقص في التمويل البالغ 5 تريليونات دولار سنويا لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، اجتمع قادة بارزون من أوساط العمل الخيري والمؤسسات والقطاع الاجتماعي في مهرجان الإمارات للآداب، لمناقشة دور العمل الخيري في بلوغ هذه الأهداف. 
 
وتعمق الحوار في الرؤى الرائدة التي يستعرضها كتاب The Business of Philanthropy من إصدار هاربر كولينز وتأليف بدر جعفر،الذي يلقي الضوء على قوة المبادرات والأموال الخيرية وقدرتها على تسريع التغييرات الشاملة، خصوصاً في المناطق السريعة النمو مثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب شرق آسيا.
 
وأدار بدر جعفر، المبعوث الخاص لشؤون الأعمال والأعمال الخيرية بدولة الإمارات والرئيس التنفيذي لشركة الهلال للمشاريع، لجنة نقاش تحدث ضمنها سلطان سعود القاسمي مؤسِّس مؤسَّسة بارجيل للفنون، وفادي غندور الرئيسالتنفيذي لمجموعة ومضة، وإيزوبيل أبو الهول مؤسِّسة مؤسَّسة الإمارات للآداب، مركزين جميعهم على الحاجة الشديدة، الملحة إلى تبني منهجيات عطاء مدروسة تستند إلى بيانات واضحة للتمكن من توجيه الأموال الخيرية بصورة سديدة وفعالة.
 
وفي الكلمة الافتتاحية التي ألقاها بدر جعفر، أشار إلى أهمية هذه التغييرات وقال في هذا الوقت الذي يترقب العالم فيه أضخم انتقال للثروات عبر الأجيال في التاريخ، لم يعد التحدي الأكبر توفر رؤوس الأموال، بل توجيهها بصورة استراتيجية ومدروسة لضمان استدامة النتائج واستمرارها على المدى الطويل. ولم يعد العمل الخيري يقتصر ببساطة على العطاء، بل أضحى مفتاحاً للتغيير الشامل والمتّسق.
 
واستُوحِيَت النقاشات من المحاور الرئيسية التي تناولها هذا الكتاب، الذي عرض رؤى وتجارب لأكثر من 50 قائداً عالمياً، أكدت جميعها على الدور الحاسم الذي تؤديه الثروات الخاصة والمبادئ التجارية في تلبية احتياجات المجتمعات المحلية عبر العالم بما يتوافق مع ديناميكياتها وخصوصياتها. ومع الثروات المتوقع انتقالها عالمياً في العقدين المقبلين بقيمة 83 تريليون دولار، بما فيها تريليون دولار في الشرق الأوسط في السنوات الخمس المقبلة لوحدها، أبرزت اللجنة المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق الجيل القادم لتسخير هذه الثروات والاستفادة من الأدوات المبتكرة في التعامل مع التحديات.
 
وأبرزت إيزوبيل أبو الهول، مؤسِّسة مؤسَّسة الإمارات للآداب، الأثر الملموس للعطاء الخيري في مجال الآداب وقالت: العمل الخيري الداعم للأدب هو استثمارٌ في المعرفة والثقافة والمستقبل. إن زرعنا في أفراد المجتمع حب القراءة والتعلم، سيحصدون منه القوة للنمو والتقدم والإنجاز بما يخدم مجتمعاتهم وينهض بها إلى الأعالي. ومع تغيير التكنولوجيا لمجال التعليم ووسائل التعلم، علينا أن نستفيد من هذه الابتكارات في تعزيز الأثر العالمي للآداب والتعليم، وسد الفجوات  وفتح أبواب واسعة من الفرص والنجاح للأجيال القادمة.
 
وشدد الحوار على دور الثقافة والتراث والابتكار في العمل الخيري، وقال في هذا السياق سلطان سعود القاسمي، مؤسِّس مؤسَّسة بارجيل للفنون: الثقافة هي ركيزة التقدم وعمادها. وبالعمل الخيري، سنحمي التراث ونلهم الأجيال الجديدة ونوسع آفاق الفرص والإمكانيات لمستقبل أكثر ازدهاراً.
 
وأَلَحَّ فادي غندور، الرئيس التنفيذي لمجموعة ومضة، على الحاجة إلى الأعمال الخيرية الريادية إذ قال: على العمل الخيري تبني نهج فعال يحول المخاطر إلى فرص، ويسخر الابتكار لخدمة البشرية واستدامة الأثر. وستتحقق أقوى النتائج بالتأكيد عندما تلتزم الأعمال الخيرية بالعطاء الاستراتيجي، الذي يمكن من التغيير ويضمن المرونة والاستمرارية على المدى البعيد.
 
وجدير بالذكر أن الأسواق السريعة النمو عبر الجنوب العالمي تسهم اليوم بأكثر من 60% من الناتج الإجمالي المحلي العالمي، ومن المتوقع أن تقود هذه الدول ركب الابتكارات الخيرية والاستثمارات الاجتماعية. ومن هذا المنطلق، ناقش المتحدثون كيف يمكن الاستفادة من الأدوات المبتكرة وخبرات القطاع الخاص لإحداث التغييرات الشاملة والمرنة.
 
واختُتِمت الجلسة بمداخلات وآراء ملهمة يمكن تطبيقها على أرض الواقع، شجعت الحضور على تبني منهجيات عطاء استراتيجية. وفي الختام، قال بدر جعفر: فلنغتنِم جميعاً هذه اللحظة المفصلية، التي تتجلى فيها مكانةُ دولة الإمارات كمحور عالمي للعطاء الاستراتيجي، ونلتزم بتحقيق التغيير المستدام بتناغم رأس المال والاستراتيجيات المدروسة والتعاون عبر القطاعات.