ماهر عزيز بدروس
كان أتاتورك قائدا فردا صعدت به الأحداث عام 1924 في وطنه الدولة العثمانية إلي موقع القيادة ، فقام بثورة اقتلعت من الجذور .. من أعمق أعماق الجذور .. أفكار الهوس الديني الممزوجة بإرث الاستبداد والقمع ، الغارقة في التخلف الحضاري والتراجع البشري ، فأقام بعلمانية زاهرة شعب بلاده من سباته العميق في ظلمات الماضي السحيق إلي يقظة عارمة في نور التحضر ، والأسلوب العلمي لصنع الحياة .
عندئذ خلقت تركيا الجديدة الناهضة بفكر قائد تقدمي مستنير حاسم حازم مقتدر ، وبأيدي الشعب التركي ، خلقا مختلفا جذريا عما كانت تغوص فيه الدولة العثمانية الغاربة من هستيريا الدروشة والعته والهوس الديني ، فتقدم أتاتورك العظيم ببلده تركيا إلي العلمانية الحديثة .. إلي المستوي الحضاري الذي أمكن أن تعبر به تركيا مئات السنين الغابرة ، لتدخل إلي الحضارة الأوربية كتفا لكتف ورأسا برأس .
وحتي مع ما يفعله أردوغان منذ سنوات طويلة ليرتد بالشعب التركي إلي ظلمات الفكر العثماني ، صار الشعب في جوهره عصيا علي الارتداد ، بعدما عاش في نور العلم والتحضر ، إلا البعض الذي لا يتجاوز تأثيره السلبي المجموع الحضاري كله .
ومصر الآن في حاجة شديدة إلي أن تزيل القيادة عنها فكر العصور الوسطى المهيمن علي المجتمع المصري كما بيد من حديد ، وتطرح فيها نمطا من القيادة جديد ، يصنع ثورة جذرية في مصر كالتي صنعها أتاتورك حرفيا ، التي يمشي علي خطاه فيها الآن بشجاعة منقطعة النظير ، وبفكر علمي علماني حضاري متقدم الأمير الشاب محمد بن سلمان في السعودية الجديدة .
لا يمكن أن تكون " الجمهورية الجديدة " التي تشيع في وسائل الاعلام كافة حاليا ، مجرد جيش قوي ، ومشروعات عمرانية مترامية ، ومشروعات بنية أساسية وفيرة ، ومصانع ومزارع ، وأحواض ثروة سمكية ، وغيرها ، مهما كانت متقدمة ، بيد أنها غارقة كلها في بحر الديون ، بعملة وطنية منهارة ، واقتصاد معوج ، وسياسات مالية واقتصادية غير سوية وغير ناجحة ،
لكن الجمهورية الجديدة هي فكر جديد .. فكر جديد مختلف جذريا عن الفكر السائد في المجتمع الآن ، الراجع للعصور الوسطي والقديمة .. فكر جديد مطلقا علي نموذج تركيا الجديدة أيام أتاتورك ، والسعودية الجديدة هذه الأيام بقيادة ابن سلمان العظيم .