محرر الأقباط متحدون
"أمام الاعتراف بالهوية المسيحانية لابنها وبمهمتها كأم، لم تتحدث مريم عن نفسها بل عن الله، ورفعت تسبيحًا مليئًا بالإيمان والرجاء والفرح، هذا التسبيح لله المخلّص، الذي انبثق من قلب أمته المتواضعة، هو تذكار احتفالي يلخّص ويتمّم صلاة إسرائيل" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في تعليمه الأسبوعي في مقابلته العامة مع المؤمنين

أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في قاعة بولس السادس بالفاتيكان واستهلَّ تعليمه الأسبوعي بالقول نتأمّل اليوم بجمال يسوع المسيح رجائنا في سر الزيارة. زارت مريم العذراء القديسة أليصابات؛ ولكنَّ يسوع هو الذي يزور شعبه في حشا أمه، كما يقول زكريا في تسبحته. بعد الدهشة والتعجب مما أعلنه لها الملاك، قامت مريم وانطلقت في رحلة، مثل جميع المدعوين في الكتاب المقدس، لأن "العمل الوحيد الذي يمكن به للإنسان أن يجيب الله الذي يكشف ذاته. هو الجهوزية غير المحدودة". إن ابنة إسرائيل الشابة هذه لا تختار أن تحمي نفسها من العالم، ولا تخشى المخاطر وأحكام الآخرين، ولكنها تذهب للقاء الآخرين.

تابع البابا فرنسيس يقول عندما نشعر بأننا محبوبون، نختبر قوة تحفِّز انتشار المحبّة؛ وكما يقول الرسول بولس إنّ: "محبة المسيح تأخذ بمجامع قلبنا"، تدفعنا وتحركنا. لقد شعرت مريم بدفع المحبّة وذهبت لتساعد نسيبتها، ولكنها أيضًا امرأة مسنة، قبلت بعد انتظار طويل حملاً لم يكن متوقعًا وصعبًا عليها في عمرها. ولكن العذراء ذهبت أيضًا إلى أليصابات لكي تشاركها الإيمان بإله المستحيل والرجاء في تحقيق وعوده. إنّ اللقاء بين المرأتين يُحدث تأثيراً مدهشاً: لقد أثار صوت "الممتلئة نعمة" التي تحيي أليصابات النبوءة في الطفل الذي تحمله العجوز في حشاها وأثار فيها بركة مزدوجة: "مباركة أنت في النساء! ومباركة ثمرة بطنك!". نالت الطوبى أيضًا: "طوبى لمن آمنت: فسيتم ما بلغها من عند الرب".

أضاف الأب الأقدس يقول أمام الاعتراف بالهوية المسيحانية لابنها وبمهمتها كأم، لم تتحدث مريم عن نفسها بل عن الله، ورفعت تسبيحًا مليئًا بالإيمان والرجاء والفرح، نشيد يتردد صداه يوميًا في الكنيسة خلال صلاة الغروب: نشيد "تعظم نفسي الرب". هذا التسبيح لله المخلّص، الذي انبثق من قلب أمته المتواضعة، هو تذكار احتفالي يلخّص ويتمّم صلاة إسرائيل. إنه مُشبع بأصداء بيبليّة، علامة على أن مريم لا تريد "أن تغنّي خارج السرب"، وإنما أن تنسجم مع الآباء، وتمجّد رحمة الله تجاه المتواضعين، أولئك الصغار الذين سيعلن لهم يسوع في تعليمه "الطوبى".

تابع الحبر الأعظم يقول إنّ الحضور القوي لموضوع الفصح يجعل من نشيد "تعظم نفسي الرب" أيضًا ترنيمة فداء تستند إلى ذكرى تحرير إسرائيل من مصر. جميع الأفعال هي بصيغة الماضي، ومشبعة بذاكرة حبّ تشعل الحاضر بالإيمان وتنير المستقبل بالرجاء: مريم تنشد نعمة الماضي لكنها أيضًا امرأة الحاضر التي تحمل في أحشائها المستقبل. إنّ الجزء الأول من هذا النشيد يمجد عمل الله في مريم، التي تمثل "العالم الأصغر" لشعب الله الذي يلتزم بالكامل بالعهد. أما الجزء الثاني فيتأمل في عمل الآب ضمن "العالم الأكبر" لتاريخ أبنائه، من خلال ثلاث كلمات رئيسية: الذاكرة – الرحمة – الوعد.

أضاف الأب الأقدس يقول إنّ الرب الذي انحنى على مريم الصغيرة لكي يصنع فيها "العظائم" ويجعلها أمًا للرب، بدأ خلاص شعبه منذ الخروج، متذكّرًا البركة الشاملة التي وعد بها إبراهيم. إنّ الرب، الإله الأمين إلى الأبد، قد جعل تيارًا مستمرًا من الحب الرحيم يتدفّق "من جيل إلى جيل" على الشعب الذي بقي وفيًا للعهد، وهو الآن يُظهر ملء الخلاص في ابنه الذي أُرسله لكي يخلّص شعبه من خطاياه. من إبراهيم إلى يسوع المسيح وصولًا إلى جماعة المؤمنين، يظهر الفصح كفئة تفسيرية لفهم كل تحرير لاحق، وصولًا إلى التحرير الذي حققه المسيح في ملء الأزمنة.

وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، لنطلب اليوم من الرب نعمة أن نعرف كيف ننتظر تحقيق جميع وعوده، وأن يساعدنا على أن نقبل حضور مريم في حياتنا. فإذ نضع أنفسنا في مدرستها، يمكننا جميعًا أن نكتشف أن كل نفس تؤمن وترجو "تحبل وتلد كلمة الله".