كتب - محرر الاقباط متحدون
قال الباحث والكاتب سامح عسكر :" ملحوظة يجب الانتباه إليها : إيران تتراجع شيئا فشيئا عن الصراع مع إسرائيل لتحل محلها دول وشعوب عربية.

مضيفا عبر حسابه على منصة (إكس) :" يعني إيه؟ : شعبية الإسلام السياسي في إيران ومعها القومية الإسلامية تنخفض تدريجيا على يد التيار الإصلاحي الحاكم، وهو الذي يضغط على بزشكيان في الداخل الإيراني لسحب أنفسهم من المعركة باعتبارها ليست معركة إيرانية بل عربية..

القصة لها جذورها من أيام رفسنجاني وتصاعدت مع روحاني، وهي التي وصلت بإيران للاتفاق النووي مع الغرب، وهي الآن مع بزشكيان في قمة تألقها حيث تسود في إيران روح قومية إيرانية بمرجعية شيعية وليست إسلامية كالتي ينادي بها المحافظون وتيار حرس الثورة..

طب إيه الفارق بين القوميتين؟
القومية الأولى الإيرانية هي التي كان عليها الإيرانيون في مجدهم التاريخي بالعصرين الإخميني والساساني، ثم أضيفت لها مرجعية شيعية بالعصرين الصفوي والقاجاري..

وعنوانها المجد لإيران أولا وللمذهب الشيعي ولأمجاد وبطولات آل البيت،القومية الثانية الإسلامية هي التي عليها حرس الثورة والتي أسسها الخوميني وتقوم على دعايات منها الوحدة الإسلامية، واعتبار الدين مكون أساسي وقوة روحية لمقاومة الاستعمار والتغريب.

القومية الأولى هي التي تتصدر الآن الثقافة الإيرانية، علما بأنها كانت عناوين وثقافة الإيرانيين بالعصرين الصفوي والقاجاري، وهو وضع كانت فيه إيران معزولة وجدانيا عن العالمين العربي والسني، فالقومية الصحيحة من وجهة نظرهم هي الإيرانية والمصلحة الأولى هي للشيعة..

شئ يشبه صعود القوميات المحلية في مصر واليمن وشمال أفريقيا كبديل عن تيار الإسلام السياسي الذي تراجع فكريا وسياسيا واجتماعيا بالسنوات الأخيرة.

إيران في العقود الماضية كانت تنتهج قومية إسلامية تقاربت فيها مع العالمين السني والعربي، وهي القومية التي أنتجت جماعات الإسلام السياسي لدى السنة والشيعة، وهي التي نادى بها مفكرون مثل جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا لمقاومة الاستعمار الأوروبي..

نشأ تيار معارض لتلك القومية الآن في إيران يرتكز في مضمونه على شعار (إيران أولا) وأقدم على استثمار أي خسارة إيرانية على أنها ليست تضحية مشروعة ضد الاستعمار، ولكنها حماقة تؤدي بالإيرانيين لتصدر معارك لا تخصهم.

هذا التيار الذي يدعم بزشكيان يقول بوضوح أن الصراع مع أمريكا و إسرائيل هو خاص بالعرب، فعليهم بتدبير أنفسهم، لأن فلسطين أرض عربية وشعبها عربي ولغتها عربية وشعبها سني مثل أغلبية العرب، وتصدر إيران في تلك المواجهة مهما كانت النتائج ليس في صالح إيران، ومهما ضحى الإيرانيون لن يعترف العرب بتضحياتهم وسيظلوا ينظرون للإيرانيين كخصم أو كعدو..

هذا التيار المتنامي داخل إيران يدعو لتصفير خلافاته جميعا إقليميا ودوليا والانسحاب من قضية فلسطين..

واستبدال التقارب مع العرب للتقارب مع الشعوب الآرية في الهند وآسيا الوسطى والقوقاز وشرق أوروبا، والسياسة الإيرانية نشطة في تلك الاتجاهات الآن كبديل عن المسار العربي الفلسطيني..

أما عن مصير وطبيعة محور المقاومة فسوف نناقشه في ظل هذا التحليل ببوست منفصل لاستشراف المستجدات التي طرأت وستطرأ عليه، ولا يعني انسحاب إيران ضعف المحور، ولكن اكتسابه أبعادا جديدة وقوة إضافية سنذكرها..فالمحاور تتغير تبعا لتغير وتجدد أسباب الصراع،وبالتأكيد هناك أسباب ومستجدات ظهرت خلال الشهور الماضية ستغير نوعا ما في طبيعة محور المقاومة، مع تأكيد أن هذا التغير ليس للضعف ولكن على الأرجح لمزيد من القوة..

واختتم :"الخلاصة: إيران تنسحب ياعرب وتقول هذه معركتكم ديروها بأنفسكم، وسوف ندعمكم بالتأكيد، لكن إيران المستقبل لن تضحي في سبيل القضية مثلما ضحت بالماضي، وسوف نعمل على استعادة قوتنا التاريخية التي كنا عليها عندما قلنا أن إيران وآل البيت أولا، وليس فلسطين وقضايا العرب أولا.