محرر الأقباط متحدون
أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع كاهن رعية اللاتين في جنين بالضفة الغربية الأب عامر جبران، الذي تحدث عن الأوضاع الراهنة في المدينة الفلسطينية الخاضعة للحصار الإسرائيلي منذ ثلاثة أسابيع، وقال إن الجماعة الكاثوليكية المحلية هي صغيرة جداً تعد حوالي ثمانين عائلة فقط، بيد أن أبناء الرعية، وعلى الرغم من قلة عددهم، متمسكون جداً بهويتهم المسيحية.

الأب جبران هو من مواليد مدينة الناصرة وقبل أن يُصبح كاهناً على رعية اللاتين في جنين تابع دروسه في المعهد الإكليريكي التابع لبطريركية القدس للاتين في بيت جالا. وقال إن مدينة جنين محتلة حالياً من قبل الجيش الإسرائيلي، وما يزال السكان يعيشون محاصرين في بيوتهم، وكثيرون منهم يخشون الخروج حتى عندما تقتضي الضرورة ذلك، لشراء الطعام، على سبيل المثال.

الجيش الإسرائيلي توغل في مدينة جنين في الحادي والعشرين من كانون الثاني يناير الماضي، تزامنا مع دخول الهدنة في قطاع غزة حيز التنفيذ، وقد رأى بعض المراقبين في هذه الخطوة العسكرية محاولة من قبل إسرائيل لإرضاء التيارات المتشددة التي عارضت وقف إطلاق النار في غزة وهددت بإسقاط الحكومة. وقبل دخول القوات الإسرائيلية شهدت المدينة الفلسطينية اشتباكات مسلحة استمرت لأسابيع بين الفصائل المسلحة المتواجدة في مخيمات اللاجئين والأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية.

في حديثه لموقعنا الإلكتروني قال الأب جبران إن الكنيسة اللاتينية هي الكنيسة المسيحية الوحيدة التي أبقت أبوابها مفتوحة في جنين، مشيرا إلى تواجد جماعات من الروم الملكيين الكاثوليك والروم الأرثوذكس في القرى المجاورة. وأضاف أن الرعية تضم ثمانين أسرة متمسكة جداً بهويتها وتتميز بالتقوى الشديدة. وقال إنها ليست المرة الأولى التي تحتل فيها القوات الإسرائيلية مدينة جنين، إذ إنها سبق أن دخلت المدينة في شهر آب أغسطس الماضي وبقيت فيها لمدة عشرة أيام، لافتا إلى أن ما يبعث على القلق الشديد في الوقت الحالي هو استمرار الاحتلال لفترة طويلة، فضلا عن الاشتباكات المسلحة العنيفة. وعبر عن خشيته من أن يصبح هذا الاحتلال الإسرائيلي احتلالا دائما.

رداً على سؤال بشأن الأطراف التي توجه الميليشيات الناشطة في المنطقة شأن حماس، منظمة الجهاد الإسلامي وما يُعرف بكتيبة جنين، قال الكاهن الكاثوليكي إنه لا يستطيع الإجابة على هذا السؤال، لأن الجماعة المسيحية هي بعيدة كل البعد عن هذه الديناميكيات، وجل ما تريده هي أن تعيش بسلام، وهذا ما يريده أيضا معظم سكان جنين.

في معرض حديثه عن معاناة السكان قال الأب جبران إنها معاناة كبيرة، موضحاً أن عشرين ألف شخص تقريباً تركوا بيوتهم بحثاً عن مكان آمن في القرى المجاورة. كما أنه بات من المستحيل على الكثيرين أن يتابعوا عملهم خصوصا بعد أن أُقفلت الحواجز ونقاط التفتيش في الشمال والغرب على الطريقين اللتين تقودان إلى الجليل حيث كانوا يعملون. وأضاف أن نقطة التفتيش، جنوب المدينة باتجاه أريحا، ما تزال مفتوحة، لكن بلوغ المناطق الشمالية، بالنسبة لمن لديهم التراخيص اللازمة، يستغرق ساعات طويلة كل يوم.

مضى الكاهن الكاثوليكي يقول إنه تم تدمير مائة وثمانين منزلاً في جنين لغاية اليوم، من بينهم منزلان لعائلتين مسيحيتين. وأشار إلى خطورة الخروج من المنزل، موضحا أنه يخرج من بيته عند الضرورة القصوى وحسب، لكن هذا الأمر، مضى يقول، لا يمنعه من البقاء قريباً من جماعة المؤمنين، إذ يستمر التواصل معهم عبر تطبيقي Zoom وWhatsapp.  ولفت أيضا إلى أن رعية اللاتين توجد على مسافة كيلومتر واحد تقريبا من مخيم اللاجئين، الذي يشكل محور المصادمات المسلحة. ومع ذلك أكد أنه يستمر في الاحتفال بالقداس مساء السبت وأيضا خلال أيام الأسبوع، كما يتوجه إلى القرى المجاورة لخدمة المؤمنين، عندما تسمح الظروف بذلك.

في ختام حديثه لموقعنا الإلكتروني سُئل الأب جبران عن توقعاته للمرحلة المقبلة، وقال إنه من الصعب جداً أن نعلم ماذا سيحصل في المستقبل القريب، لأن الكثير من الأمور ما يزال يكتنفها الغموض. كما أن التطورات السياسية التي حصلت في الأيام القليلة الماضية ليست مشجعة إطلاقاً. وقال إنه يبقى واثقاً من شيء واحد ألا وهو أنه لن يترك المدينة، وسيبقى إلى جانب السكان المتألمين، وطلب من الكنيسة الجامعة أن تصلي على نية هؤلاء الأشخاص.