رفيق رسمى
🔹 *نقطة النظام:* هل يمكن لترامب ضم جرينلاند وكندا وقناة بنما؟ هل يمكنه تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة؟  
الجواب الواضح: لا.  

ولكن هل هذا يعني أن مجرد مناقشة هذه الأفكار ليس له أي تأثير؟ الجواب أيضًا: لا.  

ما يفعله ترامب ونتنياهو ليس مجرد هراء سياسي؛ إنه تلاعب استراتيجي محسوب يهدف إلى خلق واقع وهمي حيث تصبح الأفكار المستحيلة قابلة للنقاش، والمشاريع غير القابلة للتنفيذ تبدو كسيناريوهات ممكنة.  

هذه ليست سياسة مرتجلة، بل استراتيجية مدروسة مستوحاة من نظريات سياسية وإعلامية تهدف إلى إعادة تشكيل الوعي العام ودفع الخصوم إلى مواقع دفاعية بدلًا من السماح لهم بالبقاء في الهجوم.  

لنفكك خطابهم:  

---

### 1️⃣ *أولًا: نظرية الدخان والمرايا*  
*الهدف:* تحويل الوهم إلى واقع إعلامي.  

تعتمد هذه الاستراتيجية على خلق ضجة إعلامية كبيرة حول شيء غير واقعي لتحويل الانتباه أو تحقيق أهداف غير معلنة.  

🔹 *كيف يتم استخدامها هنا؟*  
- مناقشة فكرة تهجير الفلسطينيين بشكل متكرر، رغم استحالتها، ليس لأن أحدًا يعتقد أنها ممكنة، بل لجعل الناس يتعاملون معها كموضوع للنقاش بدلًا من رفضها تمامًا.  
- تحويل التركيز من فشل إسرائيل العسكري في غزة إلى نقاش حول "أين سيذهب الفلسطينيون؟" وكأن الرحيل حتمي، والخلاف الوحيد هو حول الوجهة!  
- جعل الدول المستهدفة (مصر، الأردن، دول الخليج) تبدو وكأنها تتفاوض على صفقة بدلًا من رفض الفكرة من البداية.  

🔹 *النتيجة؟*  
- يبدأ العامة في التعامل مع التهجير كفكرة "مقترحة"، رغم أنها جريمة حرب مستحيلة.  
- تضطر الأطراف العربية والدولية إلى إصدار بيانات نفي وتوضيحات، مما يضعها في موقف دفاعي ويعطي القصة مصداقية زائفة.  
- يتحول النقاش من "هل يجب وقف العدوان الإسرائيلي؟" إلى "ما هي البدائل المتاحة للفلسطينيين؟" — وهذا بالضبط هو الهدف الحقيقي من هذا التلاعب.  

---

### 2️⃣ *ثانيًا: نظرية إغراق المنطقة*  
*الهدف:* السيطرة من خلال الفوضى.  

تعتمد هذه الاستراتيجية على إغراق الإعلام والرأي العام بفيض من التصريحات والقرارات، بغض النظر عن واقعيتها، للسيطرة على السردية السياسية.  

🔹 *كيف يستخدمها ترامب ونتنياهو؟*  
- ترامب يطلق تصريحات متكررة عن "خطط كبرى" مثل التهجير وبناء الجدران وفرض العقوبات وحظر دول، رغم علمه بأنها غير قابلة للتنفيذ.  
- الهدف: إرباك الإعلام والخصوم، وجعل الرد على جميع تصريحاته أو فضح تناقضاته أمرًا مستحيلًا.  
- نتنياهو، المحاصر سياسيًا بسبب فشل الحرب، يعتمد على إطلاق تهديدات ضخمة ومتكررة، ليس لأنه قادر على تنفيذها، بل لإبقاء الجميع في حالة رد فعل بدلًا من التركيز على جرائمه وإخفاقاته.  

🔹 *النتيجة؟*  
- يجد الإعلام والرأي العام أنفسهم مضطرين لملاحقة التصريحات الجديدة بدلًا من التركيز على الحقائق الأساسية: فشل إسرائيل العسكري ومناورات ترامب الإعلامية.  
- كلما زاد الضجيج، أصبح تمرير القرارات الخطيرة وسط الفوضى أسهل.  

---

### 3️⃣ *ثالثًا: نظرية صناعة القبول*  
*الهدف:* التكرار يخلق القبول.  

تعتمد هذه الاستراتيجية على تكرار تقديم الأفكار حتى تصبح مألوفة وأقل إثارة للصدمة وأكثر قبولًا بشكل غير مباشر.  

🔹 *كيف يحدث هذا؟*  
- قبل أشهر، لم تكن فكرة تهجير الفلسطينيين تُناقش بهذه الكثافة، ولكن الآن، بسبب التصريحات المتكررة، يتم مناقشتها في الإعلام كما لو كانت واحدة من عدة خيارات.  
- الأمر لا يتعلق فقط بالتكرار، بل بإغراق الساحة بنفس الفكرة من زوايا متعددة: تصريحات أمريكية، تهديدات إسرائيلية، تسريبات إعلامية، تحليلات استراتيجية — حتى تظهر كواقع حتمي.  
- تم استخدام هذه الطريقة سابقًا في حرب العراق، حيث تحولت أسلحة الدمار الشامل من كذبة إلى ذريعة للحرب بسبب التكرار المكثف.  

🔹 *النتيجة؟*  
- يصبح التهجير فكرة "مقترحة" على الطاولة، حتى لو كان الرفض العربي والدولي لها قويًا.  
- يتحول النقاش من "هل هذا ممكن؟" إلى "ما هي أفضل طريقة لتنفيذه؟" — وهذا بالضبط ما يهدف إليه ترامب ونتنياهو.  

---

⚠️ *الخلاصة:*  
ما يحدث خطير للغاية، ولكنه ليس سببًا للذعر. بل هو سبب لاتخاذ موقف حازم ورافض حتى لمناقشة هذه الأفكار كمواضيع شرعية.  

🔹 *الخطر الأكبر ليس في قدرة ترامب ونتنياهو على تنفيذ خططهما، بل في قدرتهما على جعل الناس يتعاملون معها كأمر ممكن.*  
🔹 *ما نحتاجه ليس فقط رفض الفكرة، بل رفض حتى مناقشتها كخيار سياسي.*  
🔹 *تجنب الوقوع في فخ التصريحات المتناقضة والمناورات الإعلامية، والتركيز على الحقيقة الأساسية: كل هذا مجرد خدعة لتحويل الانتباه عن فشل الاحتلال وخلق ضغوط سياسية وهمية.*  

🚨 *تذكر:*  
- التهديدات ليست خططًا؛ إنها تكتيكات ضغط. ما يريده ترامب ونتنياهو هو تحويل المستحيل إلى احتمالات، وهذا يجب مواجهته بكشف التلاعب الإعلامي.