بقلم الراهب القمص يسطس الأورشليمى
  وعضو إتحاد كتاب مصر 
 
  ولد إيريناؤس حوالي عام 115-125، وإن كان البعض يري إنه وُلد حوالي عام 140 م. (أو ما بين 130-142)، على مقربة من شاطئ آسيا الصغرى القديمة.
 
وكان له صديق أسمه فلورنس قد انحرف للغنوسية التي تحل "المعرفة" gnosis العقلية البحتة محل الإيمان للخلاص وتحقّر من العهد القديم... إلخ. بعد رسامته قسًا، وقد حاول صديقه إيرينيؤس رده للإيمان المستقيم، وقد جرده فيكتور أسقف روما فلورانس عام 188 م.
 
تتلمذ  إيرينيؤس على يد ي القديس بوليكربس وأحبه جدًا، إذ كان معه في لحظات استشهاده بروما. وكان إيرينيؤس محبًا للتعلم، وصفه العلامة ترتليان بأنه شغوف نحو كل أنواع المعرفة، لذا أحبه معلمه بوليكربس، الذي قيل إنه أخذه معه إلى روما، ومن هناك بعثه إلى ليون Lyon (بفرنسا) ليقوم بعمل إنجيلي كرازي.
 
على أي الأحوال وجد القديس فوتينوس أوباثينوس Pathinus أسقف ليون الشرقي الأصل، الذي كان يبلغ التسعين من عمره في هذا الشاب غيرة متقدة للكرازة، خاصة بين الوثنين فسامه قسًا.
 
لذا كلفه رؤساء كنيسة ليون بالتوجه إلى الأسقف إلوتاريوس Eleutherius بروما، من أجل مشكلة الموناتيين الذين يدعون النبوة، إذ كان يشتاق الكاهن إلى مصالحتهم مع الكنيسة في كل موضع خلال الحب، لكن ليس على حساب العقيدة أو الحق. وفي ذلك الحين اشتدت موجة الاضطهاد بليون عام 177 م.، وقبض على عدد كبير من رجال الكتاب هناك، حيث تنيح الأسقف القديس فوتينوس في السجن واستشهد أكثر من 40 شخصًا، فأسرع إيرينيؤس بالعودة إلى ليون ليشدد الأيادي ويسند الكل وسط الضيق، فسيم أسقفًا على ليون وفينا وبعض الإيبارشيات الصغيرة في جنوب بلاد الغال.
 
في اتساع قلبه كرز بمحبة خارج نطاق إيبارشيته، وأرسل قديسين كثيرين للكرازة بين الوثنين، مثل فيلكس وفرتوناتوس وأخيلاوس إلى Valence ، وفريتيوس وفيرولس إلى Beasancon..
 
وعندما سمع أن الأب فيكتور أسقف روما قطع العلاقة بين روما وآسيا الصغرى بسبب خلاف حول عيد القيامة، بعث رسالة إلى أسقف روما بأسلوب لائق لكن شديد، يطالبه ألا يأخذ هذا الموقف العنيف وأن يُعيِّد العلاقات من جديد. ومقاومًا الهرطقات خاصة الغنوسية والمونتانية، لكنه في المقاومة لا يبغي الجدل في ذاته، بل كان يركز على إبراز أركان التعليم الرسولي في شتّى القضايا التي أثارها الهراطقة، فكان جدله إيجابيًا بنًّاء. كان مجاهدًا لا في مقاومة الهرطقات فحسب، وإنما بالأحرى في ردّ الهراطقة إلى حضن الكنيسة. لذا كان يتحدث بحكمة بناءّة، في أسلوب هادئ وتسلسل مقنع بروح المحبة غير المتعصبة ولا الجارحة. لإيريناؤس أهمية كبيرة كلاهوتي، وذلك لسببين:
 
أ- كشف السمة المسيحية المزيفة للغنوسية.
ب- نجح في الدفاع عن حقائق وعناصر إيمان الكنيسة الجامعة والتي أنكرها الغنوسيون أو أساءوا تفسيرها، حتى استحق أن يُدعى مؤسس اللاهوت المسيحي.
 
  وقد شهد خراب ليون عام 197 م.، إذ رقد حوالي عام 202 م.، ويري القديس جيروم أنه استشهد، وإن كان كثير من الباحثين لم يرجحوا ذلك. 
كتاباته: للأسف فُقدت أغلب كتاباته، لكن عثر على الترجمة اللاتينية لخمسة كتب له باسم "ضد الهرطقات"، كما عثر أخيرًا على ترجمة أرمنية لكتابه "برهان الكرازة الرسولية". هذان العملان نجد فيهما وحدهما عناصر النظام اللاهوتي المسيحي الكامل.
 
ضد الهرطقات: يتكون من خمسة كتب، وينقسم العمل إلى قسمين:
القسم الأول:
يتناول كشف ووصف البدعة الغنوسية، هذا القسم محصور في الكتاب الأول فقط.
 
القسم الثاني:
يتكون القسم الثاني من هذا المؤلف وهو "الدحض" من أربعة كتب
 
كتاب برهان التعليم الرسولي
هو كتاب دفاعي وهو يتكون من قسمين.
 
يتناول القسم الأول (الفصول 4-42) عقيدة الثالوث القدوس والخلق والسقوط والتجسد والفداء، ويصف علاقة الله بالإنسان منذ آدم وحتى السيد المسيح.
 
 أما القسم الثاني (الفصول 43-94) فيقدم أدلة على حقيقة الاستعلان المسيح من أنبياء العهد القديم، ويقدم المسيح ابن داود المسيا المنتظر.
 
ذكر جيروم في كتابه "مشاهير الرجال كتاب ضد "اليونانيين" وآخر عن التهذيب.
 
 الرسائل
- من كتابات إيريناؤس الأخرى لا يوجد لدينا إلا أجزاء أو عناوين فقط:
 رسالة إلى الكاهن الروماني فلورينوس ويحتوي كتاب التاريخ الكنسي ليوسابيوس القيصري على مقطع طويل من هذه الرسالة ". - رسالة أخرى من إيريناؤس "الثماني". الي فلورينوس
 
رسالة  إيريناؤس " إلى بلاستوس -  رسالة إيريناؤس إلى فيكتور أسقف روما  فنسخة سريانية، وفي هذه الرسالة يطلب إيريناؤس من فيكتور أن يمضي قِدمًا في مقاومة فلورينوس وأن يمنع انتشار كتاباته
 
رسالة إيريناؤس إلى فيكتور بخصوص حساب الفصح
بالإضافة إلى ذلك كان يوسابيوس مطلعًا على كتاب لإيريناؤس بعنوان (عن المعرفة) وعلى "كتاب صغير فيه أحاديث متنوعة يذكر فيها الرسالة إلى العبرانيين وحكمة سليمان ويستشهد بصفحات معينة منهما" وهذا الكتاب الأخير هو في الغالب مجموعة عظات. 
 
أقواله:
* "لا يستطيع أحد أن يعرف الآب إلا إذا أعلنه له كلمة الله الذي هو الابن، كما لا يمكن لأي إنسان أن يعرف الابن إلا بحسب مسرة الآب الصالحة حيث أن الابن يفعل مسرة الآب الصالحة".
والابن من خلال الخليقة يعلن الآب كخال
" من خلال العالم، يعلنه كرب صنع العالم
ومن خلال صنعة يديه، يعلنه كفنان مبدع
ومن خلال الابن، يعلنه كآب ولده منذ الأزل".
صار ابن الله إنسانًا لكي يصير الإنسان ابن الله (ضد الهرطقات2:10:3).
مجد الله أن يحيا الإنسان، وحياة الإنسان أن يري الله (ضد الهرطقات7:20:4).
اِتّباع المخلص هو اشتراك في الخلاص، واِتّباع النور هو اشتراك في النور (ضد الهرطقات1:14:4).