ياسر أيوب
لم تكن لوريتا لينش مجرد محامية أمريكية درست القانون فى هارفارد وتدرجت فى وظائفها القانونية حتى أصبحت أول امرأة سمراء تشغل منصب المدعى العام الأمريكى.. لكنها كانت المرأة التى هزمت رئيس الفيفا ورجاله بكل ما يملكونه من قوة وثروة وشهرة ونفوذ.. وفوجئت لوريتا حين بدأت التحقيق فى قضايا الفيفا بحجم الفساد الذى يلغى أى فوارق بين الفيفا وعصابات المافيا والإتجار فى البشر والمخدرات.. فساد فى تولى المناصب والانتخابات والقرارات واستضافة البطولات وحقوق البث التليفزيونى.
وظلت لوريتا تواصل تحقيقاتها دون خوف أو تردد حتى أصدرت فى ٢٠١٥ قرارها بالقبض على ١٤ من كبار مسئولى الفيفا ونزولهم مكبلين بالأغلال من فنادق إقامتهم فى زيوريخ وفى حراسة الشرطة السويسرية.. وبعدها أمرت بالقبض على ٤٠ آخرين من مسئولى الفيفا واتحاداتها أيضا وتمت إدانتهم كلهم بالرشوة والفساد والاختلاس.. وأصبحت لوريتا أول من ينتصر على الفيفا ويفضح ويكشف كل هذا الفساد ليضطر جوزيف بلاتر للاستقالة.. ويتغير نظام اختيار الدولة المستضيفة لنهائيات كأس العالم وتنتهى أكذوبة أن مسئولى الفيفا وكل اتحادات الكرة فى العالم لا تحاسبهم إلا جمعياتهم العمومية.
وحين تولى إنفانتينو رئاسة الفيفا لم ينس مطلقا حكاية لوريتا لينش والقضاء الأمريكى وأصبح دائم التودد للأمريكيين باعتبارهم الذين طردوا بلاتر رغم قوته، وليس هنا ما يمنعهم من الإطاحة أيضا بإنفانتينو نفسه.. وأخيرا وبعد سنين طويلة، قرر إنفانتينو العام الماضى نقل الإدارة القانونية للفيفا من زيورخ حيث مقر الفيفا إلى مدينة ميامى الأمريكية.. وتوقع كثيرون أنها خطوة مؤقتة حتى انتهاء المونديال المقبل فى ٢٠٢٦.. لكن اتضح فيما بعد أنه انتقال دائم وليس فقط من أجل المونديال.. وعلى مساحة أكبر من ٥٥٠٠ متر مربع فى مدينة ميامى.. بدأت الإدارة القانونية الجديدة للفيفا تباشر مهامها القانونية الخاصة بالعقود والشكاوى والقضايا.. وانتقل أكثر من مائة موظف من زيورخ إلى ميامى.. وقال إنفانتينو إنه آن أوان ألا يبقى الفيفا فى زيورخ فقط، لكن بالإمكان إدارة شؤون الكرة فى أكثر من مدينة لتصبح ميامى هى العاصمة القانونية للفيفا.
ولم يتوقع إنفانتينو فى بداية زمن هذه الإدارة الجديدة أن تكون أولى القضايا هى قيام شرطة ميامى بالقبض منذ أيام على أحد موظفى الفيفا بتهمة إقامة علاقة جنسية مع قاصر لم يكمل الرابعة عشرة من العمر.. وحاول الفيفا فى البداية تصوير الأمر على أنه حرية شخصية، لكن الصدمة كانت القانون الأمريكى الذى لم يحاسب الموظف البريطانى على شذوذه إنما على عمر الشريك فى هذه العلاقة.. وتم القبض على الموظف فى فندقه تماما مثلما قبضت لوريتا على كبار مسؤولى الفيفا.
نقلا عن المصرى اليوم