(قصّةٌ قصيرة)
الاب جون جبرائيل
كانت الغرفة بيضاءَ باردةً، رائحتها خليطٌ من المعقّمات والقلق. أصوات الأجهزة تهمس حولي برتابة، بينما جسدي ملقًى على طاولة العمليّات، بلا مقاومة، بلا مهرب. لم يكن هناك تخدير. فقط الألم، نقيًّا، قاسيًا، يشقّ طريقه في عروقي كجمرٍ مشتعل.
حرقةٌ في الصدر، كأنّ يدين غير مرئيّتين تضغطان على قلبي، تحاولان عصره حتّى آخر قطرة من الحياة. حاولتُ الصراخ، لكنّني لم أجد صوتي. في لحظةٍ، راودتني فكرةٌ... النوم!
يالها من فكرةٍ رائعة، بسيطة! لو استطعتُ أن أنام، لو استطعتُ فقط أن أفلتَ من هذا الجسد المعذّب، سأجد راحتي.
وهكذا، أغمضتُ عينيّ، واستسلمتُ.
فجأة، لم يعد هناك ألم.
وجدتُ نفسي وسط نورٍ أزرقَ شفّاف، ناعمٍ كالماء البلّوريّ، يحتضنني كأنّني عائمٌ في سلام لم أختبره من قبل. لم يكن هناك صراخ، لم يكن هناك خوف. فقط راحة، نقاء، صمتٌ جميل. كنت أسترخي، أطفو، أستسلم كلّيًّا لهذه السكينة التي لم أعرفها يومًا.
لكن…
انقطع كل شيء.
ضربةٌ قاسية أعادتني إلى الظلمة، ثمّ إلى الضوء الساطع فوقي، وإلى ألمٍ أكثر قسوة من السابق. شهقةٌ حادّة ملأت رئتيّ، وكأنني أُجبرتُ على التنفّس من جديد.
فتحتُ عينيّ، فرأيتُ وجوهًا مألوفة، طبيبين وممرّضتين، أحدهما يمسك بجهاز الصدمات الكهربائيّة، يتنفّس الصعداء، وكأنّه انتصر في معركة.
"لقد عاد!"
نظر إليّ الطبيب بعينين لامعتين، نصفهما ارتياح ونصفهما دهشة. أمّا أنا، فكنتُ أحاول استيعاب الأمر… أكنتُ هناك؟ أينما كان ذلك المكان… أكنت قد غادرتُ حقًا؟
لكنّ شيئًا واحدًا كان واضحًا. الألم عاد. الحياة عادت. وما بينهما، سرّ لن أنساه قطّ.