محرر الأقباط متحدون
عبرت منظمة "أرض البشر" المعنية بالدفاع عن حقوق الأطفال وتعزيز التنمية في العالم عن قلقها البالغ حيال قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القاضي بتجميد المساعدات المخصصة للتعاون الدولي، معتبرة أن هذا الأمر يعرض للخطر منظومة المساعدات الإنسانية، ويهدد حياة العديد من الأشخاص الذين يعيشون في أوضاع من الهشاشة والعوز الشديد. ويقول بهذا الصدد مدير المنظمة في إيطاليا باولو فيرارا إن ثمة حاجة اليوم لنشر مفهوم السلام.
أكدت المنظمة الإنسانية الدولية أن حياة عشرات آلاف الأشخاص باتت مهددة بسبب وقف التمويلات التي يخصصها الصندوق الأمريكي للتعاون الدولي USAID، مشيرة إلى أنها ستُجبر على تعليق عدد من برامجها نتيجة قرار إدارة الرئيس ترامب. وأوضح بهذا الصدد السيد فيرارا، في حديث لموقعنا الإلكتروني، أن الولايات المتحدة هي أكبر دولة مانحة على الصعيد العالمي، لافتا إلى أن حجم منظومة التعاون الأمريكية يُقدر باثنين وأربعين مليار دولار، ما يعني أن مشاريع كثيرة ستتوقف، والتي تمول حالياً المستشفيات والمساعدات في مخيمات اللاجئين، وبرامج تهدف إلى دعم الأشخاص الفارين من الحروب، وإلى مساعدة الدول الفقيرة. وأضاف أن زهاء تسعين مليون شخص حول العالم سيتأثرون بهذا القرار الأمريكي الذي لا يعني فقط البرامج المستقبلية إنما أيضا تلك التي تُنفذ اليوم.
وأكد مدير "أرض البشر" في إيطاليا أن المنظمة علّقت مشاريع كانت تنفذها في مخيمات اللاجئين العراقيين، وفي لبنان أيضا حيث أدت الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل كبير. وقال إن آلاف الأشخاص، معظمهم من الأطفال، لن يتمكنوا من الإفادة من نشاطات المنظمة المتعلقة بتوزيع المواد الغذائية، فضلا عن الدعم السيكولوجي والتربوي، موضحاً أن الوضع سيزداد سوءاً خلال الأشهر المقبلة. وأشار إلى أن منظمة الأمم المتحدة بدأت تقلص عدد موظفيها وتحد من نشاطاتها بسبب النقص في التمويلات الأمريكية. كما أن إدارة الرئيس ترامب عازمة على التخلي عن العديد من المشاريع الإنسانية في مناطق عدة من العالم.
تابع السيد فيرارا حديثه لموقعنا الإلكتروني كاشفاً أن البلدان التي ستعاني أكثر من غيرها بسبب القرار الأمريكي هي تلك التي تعاني من النزاعات المسلحة أو تلك التي خرجت للتو من الحرب، لاسيما في القارة الأفريقية التي كانت تستفيد بشكل كبير من التمويلات الأمريكية، ومن المتوقع أن تتدهور الأوضاع الإنسانية هناك بشكل كبير. وأوضح أن السودان هو واحد من تلك البلدان، والذي يشهد حرباً منذ عقود وحيث بلغ الفقر مستويات كارثية.
والأمر ليس أفضل في أثيوبيا أو في الكونغو، الذي يعيش اليوم حرباً أهلية جديدة وقد قُطعت عنه المساعدات الإنسانية. وأشار فيرارا إلى أن المنظومة الصحية في العديد من البلدان الأفريقية تعتمد بالكامل على المساعدات الأمريكية، واعتبر أنه من الصعب جداً أن تقوم بلدان مانحة من الاتحاد الأوروبي أو حكومات أخرى بالتعويض عن هذا النقص الهائل في التمويلات، مذكراً بأن حجم الأموال الأمريكية المخصصة للتعاون الدولي هائل لكنه ضئيل جداً مقارنة مع الميزانية الفدرالية إذ لا تصل نسبته إلى واحد بالمائة.
لم تخل كلمات المسؤول في منظمة "أرض البشر" من الحديث عن الأوضاع الراهنة في فلسطين، معتبراً أنها ستزداد مأساوية في المستقبل القريب. ولفت إلى وجود شاحنات محملة بكميات كبيرة من الأدوية ما تزال متوقفة عند الحدود الأردنية، وذلك على الرغم من الإعلان عن فتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية. وأكد في هذا السياق أن إعلان الرئيس الأمريكي ترامب عن تحويل قطاع غزة – الذي يقطنه مليونا شخص – إلى منتجع سياحي لا يساعد على حلحلة الأوضاع، مضيفا أن كل هذه القرارات تولد انعدام الاستقرار، والقلق والغضب وتجعل المهام الإنسانية صعبة للغاية.
ورأى فيرارا أيضا أن هذه الإجراءات تؤدي إلى وقف مفوضات السلام، وثمة خطر أن تُخرق الهدنة الهشة، ما سيؤدي إلى وقف وصول الكميات القليلة من المعونات الإنسانية التي دخلت القطاع خلال الأسابيع القليلة الماضية. وقال: إننا نتحدث عن أرواح بشرية: لقد قُتل الكثير من الأشخاص في الأشهر الفائتة، لكن ما يزال يوجد عشرات الآلاف قد لا يستعيدوا أبدا حياتهم الطبيعية.
هذا ثم ذكّر السيد فيرارا بنداءات البابا فرنسيس العديدة لصالح السلام، وبدعواته المتكررة إلى تحويل النفقات العسكرية إلى استثمارات لمكافحة الجوع وتوفير الرعاية الصحية. وقال: إن البابا ينيرنا بكلماته، خصوصا إذا ما أخذنا في عين الاعتبار أن الميزانيات التي تخصصها حكوماتنا للنفقات العسكرية التي تتخطى بكثير حجم المساعدات الإنسانية، ومن هذا المنطلق، لا بد أن نذكّر الجميع، يومياً، بأهمية السلام، الذي يولّد النمو والرخاء، ويوفر الظروف الملائمة لكي يعيش سكان الأرض كافة حياة كريمة.
وختم مدير منظمة "أرض البشر" في إيطاليا حديثه لموقعنا الإلكتروني داعياً إلى تكرار كلمات البابا فرنسيس بصوت عالٍ لأنها كلماتُ سلام، وبهذه الطريقة فقط نستطيع أن نبني عالماً يليق بالكائن البشري.