ياسر أيوب
تبقى الكندية كلوى لانثيير امرأة وأستاذة وبطلة وعالمة تستحق التوقف أمام حكايتها والكتابة عنها أيضًا.. فهى التى قامت بتدريب رواد الفضاء فى وكالة ناسا الأمريكية لتستطيع أجسادهم مقاومة أى ظروف وضغوط بعيدًا عن الأرض.. واستعان بها نادى باريس سان جيرمان الفرنسى لكرة القدم لإنقاذ لاعبيه من توالى وكثرة إصاباتهم.. وساعدت نجم التنس الإسبانى رافاييل نادال ليستعيد لياقته وقوته بعد إصابة تخيل كثيرون بعدها أنه لن يعود لسابق مستواه.
وقامت بإعادة تأهيل راقصات الباليه فى أوبرا نيويورك ليكتسبن مزيدًا من الرشاقة ومرونة الساقين والذراعين.. وحكايات أخرى كثيرة طيلة 25 سنة جعلت «كلوى» رائدة عالمية فى مجال قدرة الجسم الإنسانى.. وكيف يمكن تدريب المخ ليقود الجسم للقيام بما لم يتخيل أو يتوقع صاحب الجسد أنه يستطيع القيام به.. والمرونة العقلية التى تصنع المرونة الجسدية وعلوم الإجهاد والألم.
ولم تنجح «كلوى» فى تحقيق كل ذلك بمحض المصادفة.. ولم تكن أيضًا تتوقع أنها ستصبح كذلك حين بدأت تجرى وهى فى الثانية عشرة من عمرها وتلعب الكرة الطائرة وكرة الماء فى المدرسة الثانوية فى مدينة مونتريال.. وحين قادتها دراستها الجامعية للانتقال إلى غرب كندا.. وقعت فى غرام الجبال ورأتها قمة التحدى لقدرات الجسد الإنسانى وما يستطيعه ويملكه من قوة وقدرة على التحمل.
وانتقلت من تسلق جبال كندا إلى جبال ألاسكا التى تغطيها الثلوج فيصبح التحدى أكبر والمخاطر أكثر.. وبالإضافة لتسلق الجبال بدأت «كلوى» تجرى من جديد.. لم تبحث عن سباقات الجرى المعتادة والتقليدية إنما اختارت المشاركة فى بطولات ماراثون الرمال التى تقام منذ 1986 فى أكثر من بلد، حيث يجرى المتسابقون فوق رمال الصحراء مسافة تصل أحيانًا إلى 250 كيلومترًا عبر ثلاثة أيام.
وفازت «كلوى» بخمسة سباقات وأصبحت بطلة العالم لصعود الجبال بدراجة هوائية طيلة 24 ساعة.. ودفعها ذلك كله لدراسة أسرار الجسد الإنسانى.. ونالت أكثر من شهادة جامعية فى الميكانيكا الحيوية وأسرار الجسد وحركاته والعلاقة بين المخ والعضلات.. وبالدراسة الأكاديمية والتجارب العملية اكتشفت «كلوى» أن الإنسان بشكل عام يجهل تمامًا ما يستطيعه جسده، وأن بإمكانه القيام بما كان صعبًا أو حتى مستحيلًا.. وبدأت «كلوى» رحلتها الحقيقية تشرح وتعلم الناس كيف يعيدون التفكير فى علاقتهم بأجسامهم وكيف يدفعونها للحركة بأقصى طاقتها وبأقل قدر من الألم والإجهاد.. وأثبتت «كلوى» عبر حكايات كثيرة تلك القدرات غير المحدودة للجسم الإنسانى فاستعان بها كثيرون للاستفادة من علمها وخبراتها.. وتقوم حاليًا بتدريب شقيقين من أسكتلندا لعبور المحيط الهادئ لأول مرة فى قارب تجديف صغير وتحدى العواصف والمطر والرياح والأمواج وأسماك القرش.
نقلا عن المصرى اليوم