حمدى رزق
محَك الشَّخصُ، أكثر من الجَدَل، ولجّ فى المنازعة، وتمادى فى اللَّجاجة عند المساومة، الأسئلة الموسمية فى شأن صلاة التراويح، مدتها، وعددها، ومساجدها تدخل فى باب المُماحَكات فى العبادات.
ولست أفقه من السائل، كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يصلى التراويح فى بيته، وخاف على الناس من الصلاة فى المسجد أن تُفرض عليهم، صلى بهم النبى المعلم عدة ليالٍ، ثلاث ليالٍ، ثم تأخر، وقال: «إنى خشيت أن تُفرض عليكم».
استهلاك وزير الأوقاف الدكتور «أسامة الأزهرى» باشتباك مفتعل حول صلاة التراويح، يُعد من المُماحَكات فى العبادات، وكأننا حديثو عهد بالإسلام، وسنصلى التراويح لأول مرة.
بدأ تاريخ تأدية صلاة التراويح جماعةً فى المساجد مع الخليفة عمر الفاروق، رضى الله عنه، إذ ارتأى وقتئذٍ أن تكون التراويح صلاة جماعية مسجدية بدلًا من إقامتها فى البيوت، وكان هدفه أن يجمع المسلمين على قارئ واحد، فعمَّمَ العمل بذلك فى بلدان الخلافة.
وزير الأوقاف بأريحية دينية قال التراويح بالاتفاق بين إمام المسجد ورواده، الوزير هكذا يئد فتنة كادت تستعر بين المصلين قبل دخول الشهر الكريم، وبين ظهرانينا من يفتعل أزمات مستجدية لا محل لها من الإعراب الدينى.
التربص بالوزير من جماعات سلفية رابضة فى الدغل الإلكترونى لا تخفى على لبيب، والوزير اللبيب من الإشارة يفهم، والدكتور الأزهرى لا تنقصه الدراية بما يحاك لتعكير صفو المصلين فى الشهر الكريم.
الصلاة لله، وللتذكير، مصر كانت تصلى التراويح (٢٠) ركعة زائد (٣) وتر، حتى ظهرت ما تسمى (الصحوة الإسلامية) المزعومة فى أوائل السبعينيات، فأراد فريق (الإسلام السياسى) أن ينفرد بجديد ليجمع الحشود حوله، فابتدع اختيار الرأى الذى يرى صلاة التراويح (٨)، وللأسف نجح نهجه فى سنوات قليلة، واستمر ذلك حتى الآن، فتوهم البعض أن الـ(٨) ركعات هى الإسلام الصحيح.. مستوجب العودة إلى الفقيه المعلّم وليس الفقيه الولى!
يخبرنا معاوية، رضى الله عنه، عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نهيه عن الإلحاف فى المسألة، والوصية النبوية لا تبالغوا وتلحوا، من ألحف فى المسألة إذا ألحَّ فيها، فإن هذا الإلحاح يزيل البركة من الشىء المُعطى، ثم أقسم أنه لا يسأله أى بالإلحاف أحد منهم شيئًا فتخرج مسألته شيئًا وهو كاره لذلك الشىء، يعنى لإعطائه أو لذلك الإخراج فيبارك، أى فلن يبارك له فيما أعطيته، أى على تقدير الإلحاف.
هناك من يتعمد إحراج الوزير الأزهرى، ومنهى إسلاميًا عن إحراج الآخرين بكثرة الإلحاح، ومحاولة إحراج الوزير بأسئلة من هذه النوعية التى تحمل إلحافًا يُترجم إلحاحًا، لن تُثنى الوزير عن تنظيم الصلوات فى المساجد، وهذا ليس تدخلًا فى العبادة، ولكن تنظيمًا لمرفق عام، والنظام لا يمس جوهر العبادة.
تعليق الصلاة على شرط، والإلحاف الجائر فى محاولة فاشلة لتصيد خطأ أو هفوة كلامية من الوزير تترجم فتنة مسجدية، يرومون فتنة فى الشهر الكريم، وقانا الله وإياكم شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
نقلا عن المصرى اليوم