القمص يوحنا نصيف
في بداية حياة صموئيل النبي (1صم1-2) كان الوضع في بيت الرب بائسًا جدًا، بسبب خطايا عالي الكاهن وأبنائه.. وكان الشعب يتخبّط في الظلام ويحاول ملتمسًا أن يسمع كلمة الله التي كانت عزيزة في تلك الأيام إذ لم يوجد القلب الأمين الذي يستقبلها ويذيعها، وجاء وصف الكتاب المقدس للموقف مؤثرًا جدًا إذ يقول:
"وكانت كلمة الرب عزيزة في تلك الأيام، لم تكُن رؤيا كثيرًا.. وقبل أن ينطفئ سراج الله... دعا الرب صموئيل فقال هأنذا.." (1صم3)
وهنا نطرح ثلاثة أسئلة..
* هل يمكن أن ينطفئ سراج الله؟
* وكيف ينطفئ؟!
* ومتى يعود للإضاءة مرة أخرى؟!
الحقيقة أن الله هو النور الحقيقي الدائم الإضاءة.. ولكن من تدابير الله أنّه لكي يضيء هذا النور في عالمنا الأرضي، لابد من وجود بعض الأشخاص يستخدمهم الله كمراكز إضاءة أرضية، يتلقُّون النور من السماء ويعكسونه لمَن حولهم.. فهم بمثابة مصابيح بشريّة تستقبل النور الإلهي، أي تلتقطه، وتنير به للعالم، فيضيء النور الإلهي من خلالهم.. هؤلاء الأشخاص يمثّلون العذارى الحكيمات اللواتي أضاءت مصابيحهنّ بنور النعمة الإلهية..
من هنا نفهم أن سراج الله مرتبط بنا، كأجهزة استقبال..
إذا كانت الأجهزة مستعدّة وحسّاسة فإنّها تستَقبِل وتُنير.. وإذا كانت غير مهيّأة أو تالفة فإنّ سراج الله المُضيء في العالم يَتّجه نحو الانطفاء..!
إذن انطفاء سراج الله هو مسؤوليّتنا نحن.. فالله دائمًا يبحث عن قلوب مستعدّة متّضعة، لكي ينيرها بنوره الإلهي، ويُضيء من خلالها للعالم!
نعود إلى أسئلتنا لنناقشها معًا..
(1) هل يمكن أن ينطفئ سراج الله؟
في الحقيقة أنّ سراج الله الذي يضيء النفس هو النور الإلهي الذي نلناه في المعموديّة والذي به نعاين النور، فهو الاستنارة اللازمة لعيوننا الداخلية لكي تُبصر بها.. تبصر ملامح الطريق فلا تتعثَّر، وترى الأشياء الموهوبة لها من الله لتتمتّع بها (1كو12:2).. ولكن هل يمكن أن يتّجه هذا السراج إلى الانطفاء؟!
نعم، يمكن أن يحدث هذا في حياتي..
- إنْ رفضتُ استقبال صوت الله ونوره، الذي يأتي إليّ من الروح القدس في داخلي أو من الإنجيل أو الكنيسة أو المُرشدين الروحيّين.
- أو أَغلقتُ على نفسي وأحببت الظلمة أكثر من النور، مُفَضِّلاً الاحتفاظ بخطيَّة محبوبة في داخل القلب.
- أو تعلّقت بشهوات العالم ومظاهره وأباطيله.. فامتُصَّتْ كلّ طاقات حُبِّي في اتجاه الأرضيَّات..
- أو استهَنتُ بنعمة الله، ولم أحترم هيكله في داخلي؛ فصار مَدُوسًا بشرور كثيرة؛ تَدخُل وتُنَجِّس بدون ضابط ولا رابط.
- أو تعاليتُ وتملَّك عليّ روح الكبرياء، فصرتُ أصمّم على رأيي بعناد، وأدين الآخرين أو أحتقرهم!
الخطيّة (عمومًا) تُطفئ سراج الله فينا، كما أطفأت النور في عينيّ شمشون (قض21:16)، وأطفأت الحُبّ في قلب داود فزنى وقتل (2صم11،12)، وأطفأت الإيمان في قلب ديماس فارتدّ عن الخدمة (2تي10:4).
وهناك أمثلة أخرى كثيرة في الكتاب المقدَّس لأناسٍ كان سراج الله مضيئًا فيهم، ولم يقدروا أن يحتفظوا به مضيئًا، بل انطفأ فيهم، ربما لأسباب متعَدِّدة..
فما هي هذه الأسباب؟
نستكمل حديثنا في المقال التالي بنعمة المسيح،،
القمص يوحنا نصيف