حمدى رزق
لفتة إنسانية معبرة عن الشعور المصرى العميق تجاه مأساة إخوتنا فى غزة، للمرة الثانية تبرع أهالى قرية «جوجر» التابعة لمدينة طلخا بمحافظة الدقهلية بـ ٢٥ شاحنة مساعدات لقطاع غزة.
نادى المنادى فجمع أهالى القرية التبرعات وشحنوا الشاحنات، محملة بكميات كبيرة من البقوليات والملح والسكر والمكرونة، والأرز، والدقيق والمراتب والبطاطين.
لفتة شعبية تزيد من ألق الدولة المصرية العظيمة التى حركت بثقلها جسرا بريا من العريش إلى القطاع، لا نحصى المساعدات، ولا نعد الشاحنات، هذا من فضل ربى، لولا الغوث المصرى مدعوما بالغوث العربى، والنزر اليسير من الغوث الدولى لكان أهلنا فى غزة فى خبر كان.
الحديث عن المساعدات الإغاثية المصرية يطول بطول شاحنات الجسر البرى، ولكن لفتة الطيبين فى جوجر لا توصف قلميا، صورتها «قناة العربية»، صورة تشع كرما ومحبة.
ناس مصر الكريمة تقدم المساعدات من لحم الحى، المصريون كرماء لا يتبعون ما أنفقوا من المساعدات منا ولا أذى، فلا يمنون على أحد لا بقول ولا بفعل، ولا أذى، لا يصدر عنهم قط ما يحبط ما سلف من تضحيات.
عظيمة يا مصر وهو تغيث الفلسطينيين بمدد عنوانه «مسافة السكة»، وتعين إخوتنا فى نكبتهم بمدد لا ينقطع، عظيمة وهى تصل أهلنا فى القطاع وقت تخلى عنهم العالم، وتضمد جراحهم الغائرة، وتفتح المستشفيات المصرية لمداواة جروحهم العميقة، وتوفر المساعدات الغذائية والطبية لمن دهمتهم آلة الحرب البربرية الإسرائيلية.
مصر العظيمة لا تتأخر عن العون ما استطاعت إليه سبيلا، مصر الكريمة تقول للأحبة نحن فى ظهوركم، ومن «الكتف ده زاد.. والكتف ده ميه».
مصر لم تنتظر حتى استغاثة الغوث، تحركت من فورها، بكرمها، بشرفها، تلقى وراء ظهرها بالإحن والمحن، لا تحسب الحسابات ولا تتحسب للمآلات، معلوم الكريم يبتدع أسبابًا للعطاء.
الكرم المصرى من صنف فاخر، الكرم الحقيقى هو أن تعطى أكثر من استطاعتك، والكرم هو أن تعطى ما أنت بحاجة إليه فعلا، مصر التى تعانى لا تبخل باللقمة، تطلع اللقمة من فم الفقير تطعم بها من ضاقت بهم السبل تحت وطأة القصف الأرعن المجنون.
مصر ليست غنية بالمقاييس الاقتصادية، ولكنها كريمة بالمواصفات الأخلاقية، والغنى غنى الله، مصر كبيرة قوى، وحضنها حنين قوى، وشعبها كريم قوى، لم يصدر منها أو عنها حرف فى قرار يخص أحبتنا فى غزة.
ورغم الضيقة الاقتصادية، مصر لم تتبرم من نكران الجميل المستدام من قبل شذاذ الآفاق، لا ترهن مواقفها بتصريحات ولا بعنتريات تجلب مزيدا من القصف على بيوت الآمنين، تصلبهم نارا وقودها البشر والحجارة.
مصر الشريفة تتعامل بشرف فى زمن عز فيه الشرف، عنوان القيادة المصرية المخلصة الشريفة، مشتقة من طبائع المصريين، شرفاء، والحكمة على لسان طيب الذكر «المنفلوطى»: «إن الصدر المملوء بالشرف والفضيلة لا يحتاج إلى وسام يتلألأ فوقه».
الكريم لا يضام، فيضان النيل علم المصريين العطاء من فيض الكريم، عطاء بلا حساب، وأجود من الريح المرسلة فى المحن، مصر مخلصة للقضية الفلسطينية، ومضحية بالغالى والنفيس، وفى هذا يفرد التاريخ صفحاته ناصعة البياض، ويتحدث الحاضر بهذا الإخلاص، مصر لا تتاجر بالقضية فى الفسطاط الكبير، ولا تتبضع مواقف، ولم تطلب يوما ثمنا، بل تدفع غاليا عن طيب خاطر.
نقلا عن المصرى اليوم