الأب رفيق جريش
بعد أيام قليلة، يبدأ صيام رمضان للمسلمين فى العالم أجمع، وفى الوقت نفسه، يبدأ الصيام الكبير للمسيحيين أيضًا فى العالم أجمع، إذ يحتفل المسيحيون هذا العام بعيد القيامة فى وقت واحد، فالعالم كله فى صوم، ونتمنى من الله أن يتقبله فى رحابه ورحمته وحنوه علينا نحن البشر.

ولا شك أن الصوم المشترك هذا العام له طعم مختلف للمصريين، ففى هذا الجو المفعم بالروحانية، نعيشه جميعًا بلا فرق بين مسلم ومسيحى، لأن المسلم صائم والمسيحى صائم، وبذلك الصوم المشترك الواقع هذا العام تتجلى أبرز معانى المحبة والمشاركة والمواطنة، حيث الجميع يتقرب إلى الله تعالى، كما تتقرب جميع العائلات المصرية، مسلميها ومسيحييها، فيكونون جسدًا مصريًا واحدًا يصعب تمزيقه. فمن فوائد الصوم محاربة الشر بكل صوره، ونحن نعلم علم اليقين مدى الشر والشرير والأشرار الذين يتربصون بهذا الشعب المصرى الواحد.

نشكر الله على وعى شعبنا الملتف حول قيادته السياسية، ويجب هنا أن أذكر أنه منذ أيام قليلة كنت أشارك فى لقاء مهم، واستهل معالى الوزير المختص الجلسة بطلب الدعاء لشفاء قداسة البابا فرنسيس فى لفتة غير بروتوكولية ولكن نابعة من القلب، كما عدّد صفات البابا وذكر مدى حبه لمصر وكيف وقف معها فى أحلك الظروف.

نشكر الله أيضًا على وجود مؤسسات تعمل من أجل ترسيخ المواطنة بين الجميع، وعلى رأسها «بيت العائلة المصرية»، التى كانت فكرة نابعة من الإمام الأكبر، الشيخ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، فعندما شعر واستقرأ المخاطر التى تحيط بنا، وذلك بعد تفجيرات كنيستى النجاة بالعراق وكنيسة القديسين بالإسكندرية فى أواخر سنة ٢٠١٠، عرض فكرته على مثلث الرحمات المرحوم قداسة البابا شنودة، الذى أيدها. وها هى الفكرة الصغيرة تنبت وتترعرع يومًا بعد يوم، ويشتد عودها بفضل مصريين، مسلمين ومسيحيين، وطنيين مخلصين لهذا الوطن ومؤمنين بالمصير الواحد لهذا الشعب الطيب.

وقد أصبح «بيت العائلة المصرية» له فروع فى أغلب المحافظات، وكذلك أصدقاء لـ«بيت العائلة» فى كثير من المدارس والجامعات. نرفع جميعًا صيامنا من أجل بلادنا المصرية ليحفظها من كل سوء، ومن أجل قيادتها السياسية والروحية، طالبين من الله السلام للعالم أجمع، خاصة فى فلسطين وغزة بنوع خاص، وأن يخفف عن المتألمين نفسًا وجسدًا، ويشفى المرضى، ويتقبل شهداء الظلم والعدوان فى دياره. وكل عام وجميعنا بخير.
نقلا عن المصرى اليوم