ياسر أيوب

 من حق جوزيف بلاتر، رئيس «فيفا» السابق، أن يعارض إسناد تنظيم مونديال ٢٠٣٤ إلى السعودية، وأن يرى إنجلترا هى الأحق باستضافة هذا المونديال.. ولكن يصعب ألا يضحك أى أحد حين يسمع بلاتر يحكى، أمس الأول، أسباب رفضه للسعودية واقتناعه بالحق الإنجليزى.. فالأسباب التى من أجلها يرفض بلاتر الآن المونديال فى السعودية كانت نفس الأسباب التى قالها آخرون فى ٢٠١٠ لرفض إقامة مونديال ٢٠٢٢ فى قطر.. ويومها، سخر بلاتر من هؤلاء الآخرين وأسبابهم، ثم عاد بعد ١٥ سنة يردد ما سبق أن كان يرفضه ويسخر منه.. وإذا كان بلاتر يؤكد الآن أن الإنجليز يستحقون استضافة مونديالهم الثانى بعد مونديال ١٩٦٦، بعد كل ما قدموه لكرة القدم، التى علموها للآخرين ونشروها فى العالم.. فلم تكن هذه هى رؤيته حين رأى أن روسيا أحق من إنجلترا باستضافة مونديال ٢٠١٨..

 
وأعلن الإنجليز وقتها الحرب ضده، وجمعت المخابرات البريطانية كل وقائع فساد بلاتر و«فيفا»، وقامت جريدة صانداى تايمز بحملة ضد بلاتر، ثم نشرتها فى كتاب بعنوان «اللعبة القبيحة». واضطر بلاتر نتيجة ذلك إلى الاستقالة، وخرج من «فيفا» متهمًا بالفساد فى ٨ أكتوبر ٢٠١٥، بعد أن قضى ١٧ سنة و١٢٢ يومًا يدير منفردًا كرة القدم فى العالم، دون أن يسمح لأى أحد بمعارضته أو حتى مراجعته فى أى قرار.. وحين حاورته فى كوريا الجنوبية ١٩٩٩ لم يفاجئنى وهو يؤكد لى مبتسمًا أنه الرجل الأقوى والأشهر فى العالم،
 
والوحيد الذى لا يملك سلاحًا وجيشًا، ورغم ذلك يستطيع إسعاد الناس أو إغضابهم.. وحين سألته عن كتاب جديد وقتها بعنوان «كيف سرقوا اللعبة؟»، كتبه ديفيد يالوب، عن فساد بلاتر و«فيفا».. ظل بلاتر ٤٠ دقيقة كاملة يسب «يالوب» ويتهمه بالحقارة والافتراء والرغبة فى الشهرة بتلطيخ سمعة الشرفاء، وأنه أقام أكثر من ٢٠ دعوى قضائية ضده فى مختلف بلدان أوروبا.. واحترمت انفعاله وغضبه، ولم أقل له إنه خسرها جميعًا إلا فى سويسرا، التى منعت توزيع الكتاب احترامًا لأنها مقر «فيفا».. وبعد سنوات من هذا الحوار، ترك بلاتر «فيفا»، وثبتت صحة كل ما قاله «يالوب» فى كتابه.. وتخيل بلاتر أنه خروج آمن، وسيبقى فى بيته هادئًا وسعيدًا بما حققه وما اكتسبه من شهرة ومال.
نقلا عن المصرى اليوم