القمص يوحنا نصيف
* اقتاده الروح إلى البرية
* اقتاده الروح إلى البرية
اخرُج إلى البَرِّيَّة.. بعيدًا.. بعيدًا عن العالم..
واترك نفسك في يديّ الروح القدس يقودك إلى حيث يشاء.
ابتعِد عن ضوضاء العالم.
ابتعد قليلاً قليلاً عن هموم العالم.
ليست البرّيّة مكانًا قَفرًا، أو صحراء أو جَبَل.. قد يَتَعَذَّر على الكثيرين الحصول على ذلك.
البَرّيّة الداخليّة داخل نفسك.. هي مكان السُّكُون الداخلي والهدوء الشديد..
حيث لا تَجِد إنسانًا.. هناك تجد نفسك مع الله. وهذا التدريب مارَسَه الآباء، حَتّى الذين سكنوا متوحّدين في المغاير.
* ابحَثْ عن البَرِّيَّة الداخليّة..
ربّما داخل مخدعك، حين تُغلِق بابَك خلفك..
يبدو أنّ الانسان حين يحيا في دوّامات العالم، تَتُوه ذاته في وسط زحام الدنيا ومتطلّباتها وواجباتها، وعُرف الناس وتقاليد المجتمعات.. والرّباطات التي تربط العالم بالإنسان، وتربط الإنسان بعجلات العالم وماكيناته، التي تجعل الإنسان مضطرًّا للحركة بحسب العالم!
هنا الخروج يتطلّب من الإنسان أوّلا إدراك الحاجة الضروريّة إليه..
* اخرُج الي البَرِّيَّة..
إنّ أكثر الناس مسئوليّة يحتاج إلى "بَرِّيَّة الصوم" أكثر مِن غيره.
لأنّ هذا الأمر يتوقّف عليه خلاصنا. لأنّ الصوم الذي صامه الربّ بتدبيره الإلهي هو صُلبُ خلاصنا.. هو صام عنّا الأربعين المقدّسة لكي يخلّصنا.
إلى مَتي تَغرَق نفسي في دوّامات لا نهايةَ لها؟
وإلى مَتى أعمل بكلّ الجهد وكلّ الوقت وكلّ الحواسّ، وكلّ الإمكانيّات العقليّة والقلبيّة، لحساب هذا العالم الزائل؟
هل سأنتظر حتى أسقط، وأنا أجري لاهثًا وراء متطلّبات العالم الوهميّة؟
أنّ الدخول إلى البرّيّة بمثابة وقفة صَحو قويّة نحو الركض وراء الأوهام؟
إنّ الدخول إلى البرّيّة هو حالة حَقّ، يَجِب أن أواجِه بها نفسي، وأُواجِه بها العالم.
هلمّ إلى بَرِّيَّة الصوم..
ادخُل مَخدَعَك وأَغلِق بابَك خَلفَك!
القمّص لوقا سيداروس