هاني صبري - المحامي
يرسم كثير من المسبحيين الصليب في أربعاء الرماد هو أول يوم من الصوم المسيحي ويرمز في التقاليد والعقيدة المسيحية إلى التوبة والاعتراف بالخطايا.
حيث تتطلب تعاليم الكنيسة من الكاثوليك الامتناع عن تناول اللحوم في هذا اليوم، كما تفرض الكنيسة على الكاثوليك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و59 عامًا الصيام، حيث يُسمح لهم بتناول وجبة واحدة فقط خلال اليوم. وفِي خلال زمن الصوم، يتوجب على المسيحيين الصوم والتخلي عن أشياء يحبونها. وتختلف تقاليد الصوم المسيحي بحسب الطوائف والطقوس والليتورجيات؛ يستمد أربعاء الرماد تقاليده من الطقوس المسيحية الغربية.
ولا تقتصر تقاليد أربعاء الرماد على الاحتفالات الدينية إذ تسبق يوم أربعاء الرماد ممارسات ومهرجانات اجتماعية مميزة تسمى الكرنفالات. وقد بدأت فكرة الكرنفال في العالم المسيحي قبل مئات السّنين عندما قام أتباع الكنيسة الكاثوليكيّة في إيطاليا بارتداء ملابس باهرة مهرجانيّة ليوم واحد قبل أربعاء الرماد؛ حتى أوّل يوم من عيد الفصح والصوم الكبير حيث يمتنعون فيه عن أكل اللّحوم. ومع مرور الزّمن، أصبح الكرنفال احتفالًا مشهورًا انتشر في بلدان كاثوليكيّة أخرى في أوروبا أوّلًا، ولاحقًا في بلدان حول العالم خصوصًا البلدان ذات الثقافة الكاثوليكية. وتوسّع الكرنفال اليوم حتى أصبح احتفالًا موسميًّا سنويًّا حيث يبدأ عادة مع الأحد الأخير الذي يسبق أربعاء الرماد.
وقد اثار ظهور وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الأربعاء، خلال مقابلة تلفزيونية وعلى جبينه علامة " صليب أربعاء الرماد"، الكثير من التساؤلات لدي المتابعين وذلك تزامنًا مع أول أيام الصوم الكبير، الذي يستمر حتى عيد الفصح. التي تعد تقليدًا دينيًا لدى المسيحيين الكاثوليك.
وفِي تقديري الشخصي أن الصليب المرسوم علي جبينه ليس له أيّ إبعاد سياسية أو دينية لكن تقليد ديني في مناسبة دينية خاصة بالمسيحيين الكاثوليك، وسبق أن ظهر الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، في لقاء مع الصحفيين بالبيت الأبيض بعلامة صليب أربعاء الرماد" على جبينه.
وبوجه عام يؤدي المسيحيون علامة الصليب هذه في بداية أية صلاة أو احتفال ديني أو عندما يدخلون الكنيسة أو غيرها من المواقف . وتعد علامة الصليب رمزا للاعتقاد المسيحي وأقصر شكل للصلاة المسيحية.
ويتساءل الكثيرين لماذا الصليب؟ تتمثل عقيدة المسيحيين في أن: الرب تجسد في صورة إنسان في يسوع المسيح ليساعد الناس في العثور على طريق الحق والحياة وصلب من أجلنا وهزم الموت وقام ليضمن لنا الحياة الأبدية . فالحب أقوى من الكراهية والعنف والألم والموت. وتحول الصليب، الذي كان حتى ذلك الحين رمزا للإهانة وللموت، لدى المسيحيين إلى رمز للانتصار وللحب وللحياة. ويكون الصليب رمزا للأمل في الرب ومحبته فداءه للجميع.
يُذِّكر الصليب جميع المسيحيين بقصة الفداء الرب يسوع للإنسان هو أعظم أشكال الحب. وهو وحده الذي يستطيع إعلان محبته وفداءه للإنسان، وتشجيعَ أتباعه على نشر رسالة يسوع المسيح في العالم بأسره .