الاب جون جبرائيل
يسلّم بيلاطس يسوع ليُصلب بعد أن جلده. (مرقس 15: 15)
موضوع التأمّل: حقوق الإنسان


يُساق يسوع من السجن، يجرّه الجنودُ عبر الساحة. هناك، تجتمع أمّهاتُ الشهداء، وأمّهات المختفين قسرًا، يحملن صور أبنائهنّ، وعيونهنّ ممتلئةً بالدموع، لكنّ أصواتهنّ لم تزل تردّد: "أين أبناؤنا؟" ... "لا للظلم!". يقف يسوع بينهنّ، ليس متفرّجًا، بل واحدًا منهنّ، مثل ابن فقدتْه أمّه، جسدًا عذَّبتْه يدُ السلطة، وجهًا محفورًا في ذاكرة الألم.

لقد حُكم عليه لا لجرمٍ ارتكبه، بل لأنّه كان صوتًا للحقيقة في وجه القوّة، ولأنّه اختار أن يكون بين الفقراء والمنبوذين، فأصبح عدوًا لأصحاب النفوذ. في عينيه تنعكس مآسي الذين سُجنوا لأنّهم طالبوا بالعدالة، والذين عُذِّبوا لأنّهم كشفوا الحقيقة، والذين اختُطفوا في ليلٍ بلا قمر، ولم يعودوا قطّ.

ولم يزل الظلم قائمًا حتّى اليوم. في الطائرات التي تحلّق نحو سجونٍ سرية، في الزنازين التي لا تعرف ضوء النهار، في المعتقلات حيث يصبح الجسد ميدانًا للتعذيب، والإنسان رقمًا في سجلّات الجلّادين. في الزنازين المظلمة، كما في أيّ مكان يُسلب فيه الإنسان كرامتُه، لم يزل يسوع يُساق إلى الصلب، ويُجلد، ويُحكم عليه بلا محاكمة، فقط لأنّه رفض أن ينحني أمام القوّة التي تخشى الحقيقة.

يا يسوع، المسجون في كلّ زمن، والمنفيّ مع كلّ لاجئ، والمعذّب في كلّ زنزانة، كن مع هؤلاء الذين يحملون صليبهم اليوم، واجعلنا أصواتًا لا تسكت أمام الظلم.

الرسومات للفنان الأرجنتينيّ: آدولفو إسكويبيل Adolfo Pérez Esquivel