القمص يوحنا نصيف
    + هذه الطلبة نطلبها من الآب السماوي، كما علّمنا المسيح في الصلاة. لأنّه مَن يُريد أن يدخُل في التجارب؟!
    + إذن المُجَرِّب قائم، ومستعدّ دائمًا، فهو لا يهدأ ولا ينام؛ بل هو بطبيعته مقاوم لله وضدّ الخير.

    + التجارب التي مِن العدوّ وحروبه، لم يَسلَم منها ولا واحد، ولا أكبر القدّيسين.. ولكن لمّا اتّضعوا جدًّا، وطلبوا معونة النعمة، غلبوه وأَذَلّوا فَخرَهُ.
    + قال الرسول: "قاوموا إبليس فيهرب منكم" (يع4: 7).

    + المسيح يسوع ربّنا، هو وحده، سحق الشيطان وكسر شوكة الموت.

    + لمّا جرّبه الشيطان على جبل التجربة، بعد أن صام أربعين نهارًا وأربعين ليلة، انكسرت كلّ حِيَل العدو. هو تقدّم عليه لكي يُوقِعه ويُسقِطه كإنسان، وقدّم له حِيَلَه وأفكاره.. أوّلاً من جهة حاجة الجسد والغريزة، ثمّ من جهة النفس والاعتزاز بها والافتخار بممتلكات العالم وغرور الغِنى، ثمّ من جهة الروح وعلوّ شأنِها وإظهار بلوغها مراتب الرِّفعة السماويّة حتّى خدمة الملائكة وحملها.. ولكنّ الشيطان عاد خائبًا نادِمًا خاسِرًا، وفي النهاية طرده الربّ بسلطان، فوَلَّى والخزي يُغَطِّي وجهه.

    + هذه النُّصرة التي سجّلها الإنجيل، كانت لحساب بشريّتنا.. إذ لمّا فعل المسيح هذا وهو متّحِد بنا، أعطى كلّ الذين قبلوه واتّحدوا به هذه النعمة لغلبة العدوّ.

    + إذن اتّحادنا بالمسيح في معموديّتنا، وسِرّ شركة جسده، يضمن لنا بالنعمة النُّصرة الأكيدة على كلّ حِيَل العدو.

    + التجارب الثلاثة الخاصّة بالجسد والنفس والروح، هي العيّنة التي سجّلها الإنجيل، وهي تشمل كلّ ما يواجهنا به العدو في حياتنا العمليّة، في كلّ جيل وكلّ بيئة، وجميع عيّنات البشر. لأنّ الإنسان هو الإنسان أينما كان وحيثما وُجِد، والشيطان لم يتغيَّر، وإن تغيَّرَت طُرُقُهُ، وتعدَّدَت فخاخه وحِيَله، إلاّ أنّ الحرب هي هي، وغايتها أن يُخضِعنا لإرادته، ويُسقِطنا صَرعَى في فخاخه، لأنّه من البدء كان قَتَّالاً للناس (يو8: 44).

    + نحن نعترف بضعف طبيعتنا المائلة للشرور، وأنّنا أصغر من أن نواجِه روح الظُّلمة المتجبِّر، فهو مُحارِب رهيب ذو إمكانيّات جبّارة، كقوّات الشرّ الروحيّة يستطيع ويقتدر.. وقد حارب القدّيسين، وفي مرّات كثيرة سقطوا..

    + ولكن لم يَعُد له سلطان أن يقتل.. لأنّ قوّة القيامة صارت فينا، لَمّا وُلِدنا ثانيةً، وصِرنا أعضاء جسد المسيح القائم من الأموات.
    + إذن، نحن حاصلون على القيامة، فكيف يقتلنا؟ هل تتغلَّب الظلمة على النور والموت على القيامة؟!

   لذلك أنا إن أسقط أقوم..
   أنا أسقط لعدم خبرتي في الحرب، أو أسقط لسوء تدبيري..
   أنا أسقط.. لأنّه خَدَّاع وكذَّاب، وقد تنطلي عليّ حِيَلُه..

   أنا أسقط.. حينما أسلك بذاتي وإرادتي، وأتبع أهوائي.. وأقوم لَمّا أُدرِك حضور المسيح يسوع ربّي، وروحه الساكن فيّ.
   أنا أسقط.. عندما أبتعد عن مصدر قوّتي، بانحراف إرادتي..

   أنا أسقط.. حينما أعيش في غفلة، وأكون غيرَ حريصٍ على خلاصي..
    + السقوط وارد لأسباب لا حصر لها.. ولكنّ القيامة أكيدة، لأنّ مسيحي القائم من الأموات هو ضامن خلاصي.

    + تِكرار السقوط مُرّ ومؤذي للنفس، ولكن لا يأس ولا قنوط طالما عيني تشخص نحو مخلّصي.

    + النُّصرة النهائيّة لشخص المسيح الإله، لأنّه هو القيامة والحياة.

    + الحرب بيني وبين العدو بدأَتْ يوم أن جحدتُ الشيطانَ عَلَنًا وجَهارًا يوم معموديّتي، حين قلتُ بكلّ القلب والفم: أجحَدَك أجحدَك أجحدك، وكلّ شياطينك الرديئة، وكلّ حِيَلك المُضلّة، وكلّ جيشك، وكلّ سلطانك، وكلّ بقيّة نفاقك.. ويومها أعلنتُ اعترافي بمخلّصي: أعترف بك ايّها المسيح إلهي، وبكلّ نواميسك المُخَلِّصة.. وأعلنتُ إيماني بإلهي.

    + قِيلَ في سفر الخروج، أنّ للربِّ حربًا مع عماليق من دور فدور (خر17: 16).. أي على مدَى الأيّام والدهور.

    + أنا عضو في جسد المسيح الحيّ. يجب أن أنتبه لطبيعة الحرب وأتدرَّب؛ ويجب أن أحمل سلاح الله الكامل (أف6: 10-18)، لكي أستطيع أن أُطفِئ سهام الشرّير.

    + أنا أراجع كلّ يوم نفسي في باكر النهار، حين أقرأ: "أسألكم أنا الأسير في الربّ أن تسلُكوا كما يحقّ للدعوة التي دُعِيتم إليها، بكل تواضع القلب والوداعة..." (أف4: 1-5).

    + لَمّا نظر القدّيس أنطونيوس فخاخ الشياطين منصوبة، قال: يارب مَن يستطيع ان يَخلُص؟ جاءه صوتٌ من السماء يقول: "المتواضعون يفلِتون".

القمص لوقا سيداروس

* الصورة أثناء سيامة أبينا لوقا سيداروس بيد القدّيس البابا كيرلّس السادس، في دير مارمينا العجائبي بمريوط - 17 مارس 1967م. يظهر في الصورة القدّيس القمّص بيشوي كامل وهو يضع يده على كتف أبينا لوقا.