الأب رفيق جريش
ماذا يجرى فى سوريا؟، فالأخبار الواردة من هناك ليست مطمئنة؛ حتى إن كثيرين من السكان لا يستطيعون الخروج من منازلهم، كما أن هناك أخبارًا عن تجاوزات مع الأقليات، أخطرها مع المسيحيين، كما أن الوضع فيه لغط كثير، فلم يعد أحد يعرف من مع من ومن ضد من، ولكن من الأكيد أن الكل ضد سوريا الدولة والمؤسسات التى هى على شفا الانهيار والانقسام.

وعلى هذا الصعيد المتصل، أعلنت الرئاسة السورية منذ عدة أيام أن الرئيس أحمد الشرع أصدر قرارًا رئاسيًا بتشكيل لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلى، تتركز مهام عملها على تعزيز الوحدة الوطنية فى هذه المرحلة الحساسة وتقديم الدعم اللازم للأهالى فى الساحل السورى والتواصل المباشر معهم. كما تعهد الرئيس السورى الانتقالى أمس بمحاسبة كل من تورط فى دماء المدنيين، وإن كان هناك شك فى تطبيق هذا التعهد. وقال الشرع فى كلمة تم بثها على قناة الرئاسة السورية على تليجرام: «نؤكد أننا سنحاسب بكل حزم وبدون تهاون كل من تورط فى دماء المدنيين أو أساء إلى أهلنا، ومن تجاوز صلاحيات الدولة أو استغل السلطة لتحقيق مآربه الخاصة»، وأضاف: «لن يكون هناك أى شخص فوق القانون، وكل من تلوثت يداه بدماء السوريين سيواجه العدالة عاجلًا غير آجل».

كما أبلغ المرصد السورى عن ارتفاع حصيلة المواجهات فى الساحل السورى إلى أكثر من ١٠٠٠ قتيل. وقال المرصد إن حصيلة الخسائر البشرية بلغت ١٠١٨ شخصًا، بينهم ٧٤٥ مدنيًا جرى تصفيتهم فى مجازر طائفية، ليسوا منخرطين فى القتال أو تابعين للنظام السابق، كل هذا تحت أعين المجتمع الدولى والعربى، الذى رحب على مضض بالنظام السورى الجديد، الذى استُبشر فيه بعض الخير، ولكن لا يخفى على أحد أن سوريا تواجه خلال الفترة الحالية اختبارًا صعبًا على خلفية المواجهات العسكرية المستمرة التى تشهدها مناطق الساحل السورى، لا سيما اللاذقية وطرطوس.

وفى الواقع، فإن ما يضاعف من خطورة هذا الاختبار أنه يأتى فى وقت ما زالت سوريا تمر بمرحلة انتقالية هشة، والتى لم تتضح معالمها بشكل كبير، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الرئيسية، مثل إشراك مختلف المكونات المجتمعية فى العملية السياسية الجديدة التى يجرى العمل على صياغتها فى مرحلة ما بعد سقوط نظام الرئيس السورى السابق بشار الأسد فى ٨ ديسمبر ٢٠٢٤.

من هنا، تبدى قوى إقليمية عديدة اهتمامًا خاصًا بما يجرى على الساحة السورية، نظرًا للأهمية الاستراتيجية الفائقة التى تحظى بها سوريا على المستويين الإقليمى والعربى، علاوة على العواقب التى يمكن أن تنجم عن استمرار حالة عدم الاستقرار داخلها.

ففى هذا السياق، أكدت مصر دعمها لسوريا فى مواجهة التحديات الأمنية ورفضها أى تحركات من شأنها أن تمس أمن ومصالح الشعب السورى. كما أبدت مصر اهتمامًا خاصًا بدعم الدولة السورية والحفاظ على مؤسساتها، باعتبار أن ذلك يمثل المدخل الرئيسى لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع الانفلات الأمنى، الذى يوفر مناخًا مواتيًا لظهور التنظيمات الإرهابية مجددًا، والتى يمكن أن تتخذ سوريا نقطة انطلاق لتهديد أمن واستقرار دول الجوار.
نقلا عن المصري اليوم