ماجد كامل
لعل أهم ما يميز الأب "جورج شحاتة قنواني " ،هو أنه إنسان " بمعنى أنه يتمتع بعقلية منفتحة على كل التيارات والاتجاهات ، وهي صفة لازمت العلماء الذين ظهروا مع بزوغ الحركة الإنسانية Humanism " في أوربا خلال القرن السادس عشر الميلادي . وفي هذا الإطار أذكر أنه عندما أقيم حفل تكريم للاب جورج قنواتي في مدرسة العائلة المقدسة بالظاهر ، وحضره المتنيح نيافة الأنبا غريغوريوس مع لفيف من كبار رجال الفكر من جميع التيارات والاتجاهات .( كان لي شرف حضور هذه الاحتفالية ) أن عالم الإجتماع المصري الكبير الاستناذ الدكتور "محمد الجوهري " عندما طلب التعرف على نيافة الانبا غريغوريوس ، قام بمدح العالم الكبير الاب قنواتي بالعديد من الصفات الطيبة ، فما كان من نيافة الأنبا غريغوريوس إلا أن وصفه بكلمة واحدة هي " إنسان " . ولعل أبلغ وصف يمكن أن نذكره عنه هنا هو ما ذكره الأب إيمانويل بيزاني الدومنيكاني مدير امعهد الدراسات الشرقية للآباء الدونيكان " " نجد وجها لوجه لرجل يفضل الصداقة على الانقسام ، والأخوة على التفرقة ،بجسد أسمه ما يحاول جيلنا أن يعيشه في مصر اليوم ، كتعزيز الحوار ضد كل أشكال الانفصال والتعصب ،وتسخير طاقاتنا من أجل المصالحة والشراكة والتنافس الفكري الإيجابي ،بدلا من التركيز على ما يفرق ويضعف " .
ومن أحدث الكتاب التي صدرت عن حياة هذا العالم الجليل ، نذكر كتاب " الأب جورج قنواتي ،حياة من أجل حوار الديانات والثقافات " للأب " جان –جاك بيرنيس الدومنيكاني "" وكتب مقدمة الكتاب أ .د . إيمانويل بيزاني الدومنيكاني " مدير معهد الدراسات الشرقية للآباء الدومنيكان " ،وقام بترجمة الكتاب د . عزيز هلال ، وراجع الترجمة الأب جون جبرائيل الدومنيكاني ، ولقد صدر الكتاب عن دار الأكويني ، وهي دار هامة تقع داخل حدود دير الآباء الدومنكيان بالعباسية ، ولقد رفعت هذه الدار شعار " الإيمان والعقل " ، ولقد صدر الكتاب ضمن سلسلة جديدة بعنوان "حوار الأديان " .
وبنظرة سريعة إلى فهرس الكتاب ، نجد أنه ينقسم إلى عشرة فصول بيانهم كالتالي :
2- الفصل الأول : شاب سكندري في ثلاثينات القرن العشرين : ويتضمن ( أسرة من شوام مصر – الهدف الأساسي في حياته أن يكون عالما مسيحيا عظيما عظيما- في اتجاه الكهنوت نقطة تحول في حياة جورج قنواتي ) .
2- الفصل الثاني : دعوة داخل الدعوة : فهم الإسلام : ويشمل ( بزوغ شففه بدراسات العصور الوسطى – سنوات لتخصص في الجزائر – سؤال مزعج "سر الإسلام " – اللقاء الحاسم مع لوي جارديه – ما الطريق الذي ينبغي لنا أن نسلكه من أجل المستقبل ؟ ) .
3- الفصل الثالث : تأسيس معهد الدراسات الشرقية للآباء الدونميكان : ويشمل ( الرؤية التأسيسة لمركز الدراسات الدراسات الدونيكانية في القاهرة – دور شنو الحاسم في إنشاء المعهد الدومنيكاني في القاهرة – ماسينون وجون – محمد عبد الجليل ملهمان لجورج قنواتي –جاك جومييه وسيرج دو كوي رفيقا المستقبل – سيرج دو بوركوي العضو الؤسس الثالث ) .
4- الفصل الرابع : بداية مترددة لكنها واعدة : ويشمل ( الاتصالات الأولى داخل جمعية أخوان الصفا – الاتصالات الأكاديمية – محقق بن سينا ومترجمه – تأسيس معهد الدراسات الشرقية للآباء الدومنيكان ) .
5- الفصل الخامس : نشاط علمي مكثف :ويشمل ( باكورة منشورات جورج قتواني – تحقيق النصوص والترحجمات – عدد مذهل من المقالات ) .
6- الفصل السادس : تحديات جديدة : الأعوام 1965- 1980 : ويشمل ( النواة الفكرية الأولى لنشأة المعهد – نسج شبكة علمية جديدة حول المعهد – مجلة المعهد ومكتبته – حقبة سياسية مختلفة ) .
7- الفصل السابع : خبير في المجمع الفاتيكاني الثاني : ويشمل ( الإسلام في المجمع الفاتيكاني الثاني – صياغة نصوص عن الإسلام خلال المجمع الفاتيكاني الثاني – تبني مواقف ودية من كلا الجانبين إزاء الموضوعات المثيرة للجدل – الثمرة الأولى محاضرة الكادريناال كوينج في جامعة الأزهر ) .
8- الفصل الثامن : المسار المهني لعالم مشهور :ويشمل ( فلسفة القرون الوسطى – تاريخ العلوم – الحوار بين الأديان – مسيرة مهنية دولية – أستاذ زائر في لوس أنجلوس ) .
9- الفصل التاسع بعننوان بين التكريم وخيبات الأمل : ويشمل ( زمن التكريم والتقدير – المحنة – سياق ديني مختلف – تطور في موقف الأب قنواتي – مزايا المنظور التاريخي وحدوده ) .
10- الفصل العاشر بعنوان " حياة متكاملة ويشمل ( أن أموت واقفا –أبونا قنواتي كاهن وصديق مصر فخور بثقافته – إسهام أساسي من أجل رؤية جديدة حول الإسلام ) .
ولقد ختم المؤلف الكتاب بملحقين هامين :
أ- الملحق الأول بعنوان ملحق الصور : حيث يتضمن ما يقرب من 15 صور نادرة للعالم الجليل عبر مراحل مختلفة من حياته .
ب- الملحق الثاني بعنوان بيبلوجرافيا مختارة للأب قنواتي " : حيث يتضمن محاولة وضع قائمة بيبلوجرافية متكاملة لكتابات العالم الجليل ما بين ( كتب ومقالات مختارة تشمل حوالي عشرة كتب باللغة العربية ،والباقي باللغات الفرنسية والإنجليزية ) .
ت- بيبلوغرافيا عن الأب قنواتي وفقا للنشر : وتتضمن كل ما كتب عن العالم الجليل بلغات مختلفة .
ث- بيبلوغرافيا الأعمال التكميلية .
والجدير بالذكر أن دار الأكويني قد أقامت حفل إفطار وتوقيع للكتاب في مقر دير الآباء الدومنكيان بالعباسية ، وكان ذلك بتاريخ 10 مارس 2025 . كما قام وفد من دير الآباء الدومنيكان بقيادة الأب إيمانويل بيزاني مدير المعهد بإهداء نسخة من الكتاب لقداسة البابا المعظم البابا تواضروس الثاني ، وكان ذلك يوم الأثنين 3 مارس 2025 ، .ولقد عبر قداسته عن سعادته بالكتاب جدا ، كما أكد قداسته أنه كان يعرف الأب قنواتي جيدا ، حيث أنه كان قد درس في نفس كلية الصيدلة جامعة الإسكندرية التي درس بها الأب قنواتي ، كما أكد على الدور الكببر الذي لعبه الأب قنواتي في تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات ،لا سيما من خلال دراسته للفلسفة الإسلامية ،والتي اعتبرها وسيلة أساسية لبناء جسور التفاهم بين مختلف الديانات .
والجدير بالذكر أيضا أنه قد سبق لكاتب هذه السطور أن كتب مقالا كاملا حول الأب جورج قنواتي ، نشر على موقع " الأقباط متحدون " بتاريخ 28 يناير 2022 .
