القمص بطرس البراموسي
 
الصليب هو محور الإيمان المسيحي الأرثوذكسي ورمز الخلاص والرجاء. في التقليد الأرثوذكسي، يُعتبر الصليب ليس مجرد أداة للعذاب، بل وسيلة للانتصار على الخطية والموت، ومصدرًا للقوة الروحية والتقديس.
 
الصليب كوسيلة للخلاص:
الصليب هو الوسيلة التي بها أتمّ المسيح عمل الفداء. من خلال موته على الصليب وقيامته، فتح الطريق أمام البشرية للخلاص. القديس يوحنا الذهبي الفم يقول: "الصليب هو الخشب الذي رفعنا من أعماق الشرور إلى قمة الفضائل"
 
التكفير عن الخطايا: بالصليب، حمل المسيح خطايانا ومات عوضًا عنا. كما يقول الرسول بولس: "لأن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، وأما عندنا نحن المخلَّصين فهي قوة الله" (1 كو 1:18)
 
الانتصار على الموت: بالصليب والقيامة، داس المسيح الموت وأعطى حياة أبدية لكل من يؤمن به.
 
الصليب كوسيلة للتقديس:
التقديس الشخصي: المؤمن الذي يحمل صليبه يوميًا ويتبع المسيح يختبر تحولًا روحيًا عميقًا. القديس غريغوريوس الكبير يقول: "معرفة الصليب مخفية في آلامه المحييه.
 
التقديس العام: الكنيسة الأرثوذكسية تستخدم الصليب لتقديس كل شيء—الماء، الطعام، المنازل—كإشارة إلى أن كل الخليقة مدعوة إلى الاتحاد بالله، ومقدسه فيه وبه.
 
الصليب كرمز للانتصار
الصليب ليس رمزًا للهزيمة بل للانتصار. عندما نرفع الصليب ونضعه في حياتنا اليومية، نعلن انتصار المسيح على الشيطان والخطية والموت.
 
الرمز الكوني للغلبة: القديس أثناسيوس الرسولي يعلّم أن الصليب هو "راية النصر" التي بها قهر المسيح قوى الشر الساعية دائمًا لهلاك خليقته المحبوبة.
الصليب كدعوة لحمل الألم والصبر على الضيقات
 
المسيحية تدعو المؤمنين إلى حمل صلبانهم اليومية بصبر واتكال على الله. يسوع نفسه قال: "إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني" (مت 16:24)
 
قبول الألم كوسيلة للخلاص: القديس كليمندس الإسكندري يقول إن حمل الصليب يعني "فصل النفس عن ملذات العالم والعيش برجاء الحياة الأبدية.
الألم كطريق للتواضع: الألم الناتج عن حمل الصليب يعلّم الإنسان التواضع والاتكال الكامل على الله.
 
الصليب كمصدر للمصالحة والغفران
على الصليب، طلب يسوع المغفرة لصالبيه قائلاً: "يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لو 23:34). هذه الكلمات تُظهر كيف يمكن للصليب أن يكون مصدرًا للمصالحة والغفران.
 
المصالحة مع الله: بالصليب تمّت المصالحة بين الله والإنسان بعد سقوط أبوينا الأولين.
 
الغفران للأعداء: القديس يوحنا الذهبي الفم يُشدد على أهمية الاقتداء بالمسيح في الغفران قائلاً: "إذا كنت تريد أن تكون تلميذًا حقيقيًا للمسيح، فاغفر كما غفر هو.
 
الصليب كوسيلة للاتحاد بالله
في اللاهوت الأرثوذكسي، يُعتبر الصليب وسيلة للاتحاد بالله من خلال المشاركة في آلام المسيح وقيامته.
الشركة مع المسيح: القديس بولس الرسول يقول: "مع المسيح صُلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ" (غل 2:20).
الحياة الجديدة: من خلال قبول الصليب في حياتنا اليومية، ندخل في حياة جديدة مليئة بالنعمة الإلهية.
 
أقوال آباء الكنيسة عن مفاعيل الصليب
1. القديس يوحنا الذهبي الفم:
o "الصليب اقتلعنا من أعماق الشرور ورفعنا إلى قمة الفضائل."
2. القديس غريغوريوس الكبير:
o "معرفة الصليب مخفية في آلامه."
3. القديس أثناسيوس الكبير:
o "الصليب هو راية النصر التي بها قهر المسيح قوى الشر."
4. القديس كليمندس الإسكندري:
"تحمل الصليب يعني فصل النفس عن ملذات العالم".
 
الخلاصة
الصليب ليس مجرد رمز ديني بل هو قوة فعّالة تُغير حياة المؤمنين وتُدخلهم في علاقة أعمق مع الله. من خلال مفاعيل الصليب—الخلاص، التقديس، الانتصار، المصالحة—يمكن للمؤمن أن يعيش حياة مليئة بالنعمة الإلهية والسلام الداخلي. وكما قال القديس بولس الرسول"وأما من جهتي فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صُلب العالم لي وأنا للعالم" (غل 6:14)
 
القمص الدكتور/ بطرس البراموسي
دكتوراه في الفلسفة تخصص تاريخ الأقباط-
جامعة الإسكندرية ماجستير في اللاهوت العقيدي- معهد الدراسات القبطية
ماجستير في التراث المسيحي المدون باللغة العربية - جامعة الإسكندرية
عضو الاتحاد العام للمؤرخين العرب