بقلم الراهب القمص يسطس الأورشليمى
كتاب وباحث في التاريخ المسيحى والتراث المصرى
وعضو إتحاد كتاب مصر

   تقع السامرة شمال اليهودية بين البحر الأبيض المتوسط والجليل والأردن، فلا يمكن العبور من أورشليم (اليهودية) إلى الجليل دون العبور على السامرة. هذه الرحلة تحتاج إلى ثلاثة أيام سفر. والسامرة اسم عبري معناه " مركز الحارس " وكانت عاصمة مملكة إسرائيل ( المملكة الشمالية ) . كما كانت تقع إلى الغرب من سلسلة الجبال الممتدة من العاصمة السابقة " ترصة " . وكانت على بعد ستة أميال ونصف إلى الشمال الغربي من شكيم أول عاصمة للمملكة . وكانت الإقليم الذى سكنه سبط أفرايم والقسم الغربي من سبط منسى.

    أعاد هيرودس بناء السامرة ، دعاها " سبسطة " تكريماً لمولاه أوغسطس قيصر ( فسبسطة هو الاسم الإغريقي لأوغسطس ) . ومازالت القرية  العربية القائمة عند الطرف الشرقي للموقع تحمل اسم " سبسطية" .

     أظهر الرب يسوع اهتمام بالسامريين فى عدة مناسبات، وبخاصة فى مثل السامري الصالح ( لو 10: 30-37)، والأبرص السامري الذى رجع وحده إليه يمجد الله لشفائه (لو 17: 52-56) . كما قال للتلاميذ إنهم سيكونون له شهوداً فى أورشليم وفى كل اليهود والسامرة وإلى أقصى الأرض ( أع 1: 8). وكان فى الكنيسة الأولى فى أورشليم بعض المسيحيين من اليهود اليونانيين الذين كانت لهم نظرة أكثر اتساعاً فى الكرازة  للسامريين، فقام فيلبس أحد الشمامسة السبعة الذين وقع عليهم الاختيار عندما " حدث تذمر من اليونانيين على العبرانيين " ( أع 6: 1-5) .. بالكرازة بالمسيح فى مدينة من السامرة ( أع 8: 5). فعندما بدأ شاول اضطهاده العنيف للكنيسة، تشتت " الجميع في كور اليهودية والسامرة ما عدا الرسل " ( أع 8: 1). وعندما سمع الرسل بنجاح فيلبس فى السامرة، ذهب بطرس ويوحنا إليها، " ووضعا الأيادي عليهم فقبلوا الروح القدس" ( أع 8: 14- 17 )، وتم ما قاله الرب يسوع للتلاميذ عند بئر يعقوب: " آخرون تعبوا وأنتم قد دخلتم على تعبهم" ( يو 4: 38). وعند رجوع بطرس ويوحنا من السامرة " بشرا قرى كثيرة للسامريين " ( أع 8: 25).

     نقرأ فى إنجيل يوحنا أن الرب يسوع فى طريقه من اليهودية إلى الجليل "أتي إلى مدينة من السامرة يقال لها سوخار بقرب الضيعة التى وهبها يعقوب ليوسف ابنه . وكانت هناك بئر يعقوب" (يو 4 : 5و6 ، انظر أيضا تك 33 : 19 ، 48 : 22). ولا يذكر اسم هذه البلدة فى غير هذا الموضع . ويقول جيروم نقلا عن يوسابيوس إن "سوخار" تحريف لاسم "شكيم" ، كما أن اسم "سوخار" جاء باسم "شكيم" فى المخطوطات السريانية القديمة. وشكيم تعلو اثني عشر إلى خمسة وعشرين متراً فوق سطح الوادي ، وبذلك أصبحت البئر عميقة ، وهو ما يتفق مع قول السامرية : "يا سيد لا دلو لك والبئر عميقة" (يو 4 : 11).

استقبلت السامرة بعض المؤمنين في العصر الرسولي المبكر. ويروى لنا لوقا البشير عن كرازة فيلبس الرسول في مدينة السامرة"،وكان الجموع يصغون بنفس واحدة إلى ما يقوله فيلبس عند استماعهم ونظرهم الآيات التي صنعها... فكان فرح عظيم في تلك المدينة" (أع 8: 5-8).
أرسل أيضا الرسل الذين في أورشليم إلى مؤمني السامرة بطرس ويوحنا ليصليا لهم لكي يقبلوا الروح القدس، فوضعا الأيدي عليهم وقبلوا الروح القدس (أع 8: 14- 17).

    فقد ذكرت باعتبارها مركز عمل سيمون الساحر ( أع 8: 9 ). وقد جاء فى العدد الخامس من نفس الأصحاح: " فانحدر فيلبس إلى مدينة من السامرة " ، ولكن جاء فى العدد الرابع عشر: " ولما سمع الرسل الذين فى أورشليم أن السامرة قد قبلت كلمة الله ، أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا " ، مما يرجح معه أن مدينة السامرة ذاتها كانت هى مركز العمل. وهناك تقليد قوى يقول إن يوحنا المعمدان قد دفن فى السامرة.

قرية سوخار
يرى القديس جيروم: أنها شكيم وليست سوخار، وكانت تدعى في أيامه نيابوليس Neapolis. اسم المدينة الحالي هو نابلسNaplouse.
تدعي "سوخار" وتعني "سكري" لأن سكانها كانوا محبين للسكر. وقد اتهم النبي إشعياء (٣٨: ١، ٣؛ ٧ – ٨) أهل افرايم بهذه الجريمة، حيث تقع هذه المدينة في حدودهم.

ورد عن هذه المدينة:
1.     أول مدينة وقف فيها ابرام في رحلته من حاران إلى كنعان.
2.     ظهر فيها الله لابرام لأول مرة ليعده بأن يعطيه الأرض لنسله.
3.     فيها بنى ابرام أول مذبح للرب دعاه باسمه (تك ١٢: ٧).
نقرأ فى إنجيل يوحنا أن الرب يسوع فى طريقه من اليهودية إلى الجليل "أتي إلى مدينة من السامرة يقال لها سوخار بقرب الضيعة التى وهبها يعقوب ليوسف ابنه . وكانت هناك بئر يعقوب" (يو 4 : 5و6 ، انظر أيضا تك 33 : 19 ، 48 : 22). ولا يذكر اسم هذه البلدة فى غير هذا الموضع . ويقول جيروم نقلا عن يوسابيوس إن "سوخار" تحريف لاسم "شكيم" ، كما أن اسم "سوخار" جاء باسم "شكيم" فى المخطوطات السريانية القديمة.

 ويقع "بئر يعقوب" على بعد نحو نصف الميل إلى الشرق من قرية بلاطة ، فهو يقع على الحافة الشرقية للوادي الذي يمر بين جبلي عيبال وجرزيم . وهناك طبقة غير مسامية من البازلت أسفل قاع البئر على عمق نحو عشرين متراً من سطح الوادي . وبتراكم الأنقاض والحطام – منذ عصر الهكسوس ، أصبحت شكيم تعلو اثني عشر إلى خمسة وعشرين متراً فوق سطح الوادي ، وبذلك أصبحت البئر عميقة ، وهو ما يتفق مع قول السامرية : "يا سيد لا دلو لك والبئر عميقة" (يو 4 : 11).

اشترى يعقوب هذا الحقل من أبناء حمور والد شكيم بمائة قطعة من الفضة أو حملاً (تك ٣٣: ١٩)، وبنى مذبحًا ودعاه إيل إله إسرائيل. وقد ترك يعقوب هذا الحقل كميراثٍ خاصٍ بيوسف وأبنائه (تك ٤٨: ٢١ – ٢٢؛ يش ٢٤: ٣٢).

لم يشر العهد القديم إلى هذه البئر، لكن بالتقليد توارث السامريون أن هذه البئر حفرها يعقوب أو استخدمها، فدُعيت بئر يعقوب. وقد صارت فيما بعد للاستعمال العام.

نحو الساعة السادسة، أي الظهيرة، تعب السيد المسيح بسبب السير في وسط حر الظهيرة. كإنسان حقيقي خضع للضعف الجسدي فتعب. في تواضع كان يمارس رحلاته مشيًا على قدميه، ولم يكن لديه مركبة ولا دابة يمتطيها. وإذ كان جسده رقيقًا لم يحتمل السير حتى الظهيرة بينما لم يجد التلاميذ صعوبة أن يدخلوا المدينة ليشتروا طعامًا. ليس عجيبًا أن نسمع عن السيد أنه تعب وعطش في وقت الظهيرة، وهناك تركه تلاميذه، فإن هذا المنظر يحمل صورة للسيد المسيح علي جبل الجلجثة حيث استراح علي الصليب في وقت الظهيرة وقد حمل أتعابنا وأعلن عطشه لكل نفس بشرية. هناك أيضا تركه تلاميذه هاربين، ليجتاز المعصرة وحده.

إنه يسأل أن يشرب ذاك الذي في طريقه أن يعطي. لكنه يشرب لا من ماء جدول يفيض، بل يشرب خلاصك. إنه يشرب من تصرفاتك الصالحة، يشرب الكأس أي الآلام التي يكفر بها عن خطاياك، حتى إذ تشرب من دمه المقدس تروي عطش هذا العالم.

 هكذا تمتع إبراهيم باللَّه بعد أن حفر بئرًا (تك 30:21). واسحق تقبّل زوجته وهو سائر بجوار البئر (تك 62:24)، التي كانت قادمة إليه كرمزٍ للكنيسة... رفقة وجدت من يبحث عنها عند البئر (1 مل 36:22).