حمدي رزق
مبعوث الرئيس الأمريكى إلى الشرق الأوسط، «ستيف ويتكوف»، على نهج رئيسه «ترامب»، لسانه زالف سياسيًا، يلوح تهديدًا ووعيدًا، فى رسالة وقحة أثارت امتعاض القاهرة الصابرة على سخف إدارة ترامب.

فى مقابلة مع الإعلامى الأمريكى «تاكر كارلسون»، نُشرت على منصة «يوتيوب»، يجهر بالقول الفاحش سياسيًا، نصًا: «مصر فى الواجهة، البيانات فى مصر تشير إلى معدل بطالة ضخم، نحو ٤٥ فى المائة.. لا يُمكن أن تستمر دولة هكذا. وهم (المصريون) مفلسون بصورة كبيرة وبحاجة إلى الكثير من المساعدة.. إذا ما حصل شىء سيئ فى مصر فقد يدفعنا ذلك إلى الوراء... ولهذا علينا حل موضوع غزة».

يقصد حل موضوع غزة على حساب مصر، والحساب يجمع، ويتكوف الجاهل سياسيًا بثوابت الدولة المصرية، يهذى، الهذيان ضرب إدارة ترامب، تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر من أحلام اليقظة، طرح مرفوض مصريًا قطعيًا.

مصر سيدة قرارها، أعلنت رفضها مرارًا وتكرارًا، لن تكون وطنًا بديلًا للفلسطينيين، ولا سلطة بديلة عن السلطة الفلسطينية، ولن تكون شرطى إسرائيل فى قطاع غزة، وهذا من ثوابت الأمن القومى المصرى.

يقولون: «الزن على الودان أمر من السحر»، وساسة إسرائيل الخبثاء يتبعون سياسة الزن على ودان الإدارة الأمريكية المتعجلة إخضاع القطاع، والخلاص من المقاومة، وتهجير الفلسطينيين، وإقامة مشروعها السياحى «ريفييرا ترامب».

طرح «ويتكوف» لا يختلف عن طرح «بلينكن»، وزير خارجية بايدن، جميعًا يتحدثون بلسان مجرم الحرب «نتنياهو»، طبخة «ويتكوف» المسمومة تقوم على استقبال مصر قسمًا من سكان القطاع لسنوات، مقابل منح مصر حوافز سياسية وأخرى مالية، أبرزها سداد ديونها الخارجية.

يتحدث «ويتكوف» عن الأزمة الاقتصادية فى مصر باعتبارها مدخلًا للحل فى غزة، ما فاه به هذا «الممحون سياسيًا» يدخل فى باب «العيب السياسى»، إذا كان فى قاموس الساسة الأمريكان ما يُعرف بالعيب السياسى.. وهم لا يعرفون العيب.

مصر رفضت المليارات آنفًا، لتكون سيناء الوطن البديل (المؤقت) للفلسطينيين، رفضت المشروع فى مواجهة إدارة بايدن بخبثها، وفى مواجهة مقترح إدارة ترامب بصلفها، ولم تأبه بوعود مليارية رخيصة استغلالًا لأزمتها الاقتصادية، أو تهديدًا بقطع المساعدات الأمريكية بتحريض من حكومة نتنياهو ضغطًا. مصر قالت (لا)، وفى مواجهة عجرفة ترامب قالها الرئيس السيسى (لا)، الرجل الذى قال لا لترامب، وأجل زيارته لواشنطن حتى ساعته، وذهبت مصر بمسؤولية لإنضاج (البديل العربى)، مصر قالت كلمتها، وعند كلمتها، ولا تبدل مواقفها، وثوابتها معلنة ومرعية.

مصر (لم) تخن القضية الفلسطينية يومًا، و(لن) تخون القضية أبدًا، بالأحرى (لن) تخون نفسها فى غزة، و(لن) تفرط فى حبة رمل مقابل مليارات معدودة، سيناء لم ولن تكون يومًا وطنًا بديلًا.. هيهات. مصر تتعامل بشرف فى زمن عزَّ فيه الشرف، ومواقفها شريفة ولا تُوزن بالمال، ولا تثمن بالمليارات، مصر تدفع من دم قلبها، ومن قوت شعبها، ومن دماء شهدائها فداء للقضية، ولا يُتبعون ما أنفقوا منًّا ولا أذى، ولا تطلب المقابل، ولا تتأخر عن الغوث، وترعى المفاوضات بنزاهة، وتقوم على حماية حقوق الشعب الفلسطينى بشرف. مصر تقدم البديل «الحل المصرى» من أرضية مصرية وفق الثوابت العربية، حلًا يُمكن الفلسطينيين من أرضهم، وفق خارطة طريق للإعمار، تحت مظلة عربية/ دولية، مصر ترفض وتقدم الحل المصرى الذى لا يعقله الممحون «ستيف ويتكوف»!.
نقلا عن المصرى اليوم