د. ماجد عزت إسرائيل
في أجواء مملوءة بالفرح الروحي والشكر لمخلصنا الصالح، شهد صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، يوم الخميس الموافق ٢٧ مارس ٢٠٢٥، الاحتفال الرسمي الذي أقامه دير الشهيد العظيم مار مينا العجائبي بمريوط، بمناسبة اليوبيل الذهبي لرهبنة نيافة الأنبا كيرلس آڤا مينا، أسقف ورئيس الدير. ويُصادف هذا الاحتفال مرور خمسين عامًا على دخول نيافته الحياة الرهبانية المباركة، إذ ترهّب بدير الشهيد مار مينا في ٣٠ مارس ١٩٧٥، ويكتمل بذلك اليوبيل الذهبي في السبت ٣٠ مارس ٢٠٢٥، ليكون قد أتم خمسين عامًا كاملة من الحياة الرهبانية المقدسة.

 وقد شارك في هذا الاحتفال المهيب عدد كبير من الآباء المطارنة والأساقفة، من بينهم رؤساء الأديرة القبطية، وعدد من الأساقفة من أبناء الدير المبارك، بالإضافة إلى مجمع رهبان الدير، الذين عبّروا جميعًا عن محبتهم وامتنانهم لنيافة الأنبا كيرلس، وتقديرهم لمسيرته الرهبانية الحافلة بالعطاء والاتضاع والخدمة الأمينة على مدى خمسين عامًا. وخلال الاحتفال، ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني كلمة رعوية حملت معاني روحية عميقة، وفي كلمة قداسته هنأ قداسة البابا الأب المحتفل به، مشيدًا بشخصيته المحبة الهادئة، لافتًا إلى أن دير "مارمينا" وآباءه يرتبط في ذهنه بالآية: "كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ" (لو ١١: ٢) وقد تناول قداسته ثلاث ملامح تميز نيافة الأنبا كيرلس والدير وترتبط في ذات الوقت بالحياة في السماء، وهي: المحبة الخالصة، والرحمة الكاملة، والسلام الدائم. وفي ختام هذا اليوم المبارك ألقى نيافة الأنبا كيرلس كلمة شكر خلالها قداسة البابا على حرصه على التواجد في هذه المناسبة، كما شكر الآباء والحضور.
 
  والحقيقة التاريخية أن نيافة الأنبا كيرلس آڤا مينا قد اختبر الرهبنة ليس كحياة انسحاب فقط، بل كمسيرة تأثير عميق وخدمة صامتة مملوءة بالقوة.فقد قاد دير الشهيد مار مينا بروح الصلاة والتواضع، مجسدًا معنى الأبوة الرهبانية الحقيقية، ومقدمًا نموذجًا حيًّا للرهبنة العاملة في صمت. فإننا نرفع الشكر لرب المجد يسوع من أجل هذه النماذج الرهبانية المضيئة، التي تعلمنا الثبات في الدعوة، والنمو في النعمة، والعطاء دون انتظار مقابل. ويأتي هذا الحدث المبارك كتتويج لمسيرة خمسين عامًا من الإخلاص والتكريس، وهو شهادة حيّة لنعمة الله الفائقة العاملة في حياة نيافته، وللأثر الروحي العميق الذي تركه في الرهبنة القبطية، وفي قلوب كل من اقترب منه أو عاش تحت رعايته الأبوية. كل عام ونيافته في ملء الصحة والنعمة، مكللًا بمزيد من السنين الروحية المثمرة، لمجد اسم الرب يسوع، وبركة دائمة للدير والكنيسة.
 
إن احتفالنا اليوم ليس مجرد ذكرى زمنية، بل هو وقفة أمام عمل الله العجيب في حياة رجل سلّم مشيئته بالكامل بين يديه. فنيافة الأنبا كيرلس آڤا مينا هو شاهد حي على أمانة الله عبر العقود، ومثال للرهبان، وللكنيسة كلها، في الاتضاع والبذل والصلاة. فنصلّي أن يبارك الرب ما بدأه، ويكمله بفيض نعمته في حياة نيافته.ولتظل حياته وخدمته منارة مضيئة للأجيال، ومصدر بركة للكنيسة والرهبنة في كل زمان.