بقلم: صبري فوزي جوهرة

 تفضل الصديق مصطفى سابق, وهو مصرى وطنى مخلص من قراء هذا الموقع, بالتعليق على مقالى الاخير المنشور بتارخ 11 من يناير2013 بعنوان "ثورة يناير, نظرة الى الخلف".و كان كعادته مثالا فى دماثة الخلق و كرم الاخلاق, الا ان هناك فيما كتب ما يوحى باختلاف وجهات النظر بيننا. لذلك شرعت فى تقديم وجهتى النظر الى السادة قراء الموقع ثم اترك لمصطفى و للقراء الحكم. ساعيد اولا نقل بعض ما ذكره الاستاذ مصطفى, الذى ادعوه فى مراسلاتنا الخاصة  ب "درش", ثم الحق ذلك بوجهة نظرى المخالفة. ليس ذلك من قبيل الجدال الاجوف بل فى محاولة للوصول الى الحقيقة  فى امور اختلف فى فهمها او تقديرها مواطنان مصريان شديدا الحرص على سلامة و تقدم بلادهم.

 
  بعد التحيات و التمنيات الكريمة للجميع كعادته بدأ درش بالقول:
 
" ليس من الانصاف مقارنة احداث 25 يناير (ثورة) بالثورات الفرنسية و الامريكية (حرب اهلية) إختلاف الظروف و الوقت و المفاهيم و الوضع لكلاهما."
 
و اختلف هنا معه فى ان الثورة المصرية ليستت مجرد "احداث" بل هى ثورة اصيلة لشعب عريق رفض شظف العيش تماما كما فعل الفرنسيون عندما اشعلوا نيران ثورتهم. كما ان الثورة الامريكية لم تكن حرب اهلية بل عزم  من سكان المستعمرات (كما كان يطلق عليهم عندئذ) على التحرر من سيطرة انجلترا التى استمرأت فرض الضرائب علىهم دون ان يكون لهم رأى او قول  فيما يوقع بهم. اما الحرب الاهلية الامريكية  فجائت بعد ثورة الاستقلال بما يقرب بقرن من الزمان و كان محور الخلاف بين طرفيها هو الغاء نظام العبودية الجارى خاصة فى ولايات الجنوب.
 
يقول مصطفى: "معاير و مؤشرات الوضع الحالى فى مصر ليس بالسيئ كما يحاول ان يصورة الاعلام الموجهة من الغرب و خصوصاً فى الولايات المتحدة الامريكية و خاصتاً انة موجهة من البيت الابيض و وزارة الدفاع الامريكية و وزارة الخارجية الامريكية... لذا فإن المنظور الاعلامى بين شعوب الغرب و شعوب الشرق و خاصتاً دول الشرق الاوسط تختلف فى منهج الاعلام و المادة الاعلامية المنشورة و الموجهة فية."
 
و اقول: بل ان اجماع المصريين ربما الوحيد (باستثناء الاخوان – ام العروسه)  ينحصر فى الاعتراف و الجزع لامر واحد هو ان "مؤشرات الوضع الحالى" جميعها تشير الى الهبوط بعجلة مخيفة من سيء الى اسوأ بعكس ما يريد لنا مصطفى ان نعتقد. لا عجب فى هذا التدهور السريع حيث ان ولى الامر فى البلاد الان لا يضع صالح مصر فى الموضع الاول. لقد انتزع الاخوان المسلمون السلطة بتأييد مما لا يزيد عن نصف اعداد المصريين المؤهلين للانتخاب بينما كانت احوال البلاد تعكس تدهورا لم يسبق له مثيل فى تاريخها الحديث بعد ان استنفذت مخزون قواها الذى جمعته ابان سنوات الاستنارة. و مع ان هذا الانزلاق الى الهاوية  لا تقع مسؤليته باكملها على عاتق الاخوان الا اننا يجب الا ننسى انهم كانوا  "الفزاعة" التى استغلها المغامرون و الاونطجيه و الفاشلون الذين سبقوهم فى حكم مصر خلال الستة عقود الاخيرة. و لم يكن للاخوان ان يصبحوا "فزاعة" الا لاستحقاقهم لهذه الصفة غير الحميدة و تخوف  السواد الاعظم من المصريين المدركين العارفين بتاريخهم الملطخ بالدماء و باساليبهم الملوثة بالخداع و الكذب و التلون.  ثم لنتصور معا مدى الجهد الذى اهدرته حكومات الربع كم السابقة لهم  فى درء محاولاتهم المستميتة للاستيلاءعلى السلطة, و ما تلازم مع ذلك من تبريرات خبيثة كاذبة لكبت حريات المصريين و حجبهم عن المشاركة الحقيقية الفعالة فى حكم انفسهم بانفسهم, كما كان خطر الاخوان من ابرز الاسباب المعلنه داخل مصر و خارجها للمساومة على تقاعس هؤلاء الديكتاتوريين الفاسد ين فى ارساء قواعد حكم ديموقراطى قويم يعلم الجميع انه هو السبيل الوحيد لدفع مصر و شعبها الى الامام. اضف الى ما سبق من حقائق لا جدال فيها السبب الاهم للاطراد المتسارع فى مؤشرات الهبوط منذ استولى الاخوان على الحكم  وهو انهم لا يهدفون سوى للسيطر ة التامة على حكم مصر:  مصر التى طززها كبيرهم على مسمع من العالم ياسره و بلا تردد و بالثلاثه، لا ترقى مصر فى ناظرهم سوى لان تكون قاعدة ينطلقون منها لانشاء "دولة الخلافة" ثم استكمال "المشروع" ب"الجهاد" للسيطرة على باقى الخلق حتى يدين العالم باسره بان لا اله الا الله و ان محمدا رسول الله. اليس هذا هو ما "امروا به" واصبح محور دستورهم؟  ذلك الحلم الكابوسى الذى يبارى هلوسات اعتى المساطيل ادمانا. 
 
بعد كل ما سبق الا يحق للمصريين وهم يعانون من الجوع و المرض و الجهل و البطالة و انعدام الامن و غياب القانون ان يفقدوا الثقة تماما فى جماعة جائعة الى السلطة  لا يعنيها سوى التشبث يها الى اقصى الحدودو جماعة  قد انتهى يها الامر بوقوع  حتة لحمه (مصر) بين براثنها و انيابها و لم يعد امامهم مانع يتصدى لهم و يحول بينهم و بين ان ينزلوا فيها هبر و تنسى كل ما عدا ذلك خاصة انه لم يكن اى شىء آخر فى الحساب اصلا!
 
لن ارجع اسباب انهيار مصر الذى ادى الى الثورة بكامله الى الاخوان و ان كان لهم نصيب لا بأس به فى ذلك كما اشرت عاليه. و لكنه بلا شك  لا يعود ايضا الى "المنظور الاعلامى الغربى" و البيت الابيض كما يريد لنا  مصطفى ان نعتقد. ده حتى البيت الابيض ربضت فيه داليا مجاهد و تمكنت من  منع بطريرك الموارنه من زيارة للولايات المتحدة لانه تفوه بما لا يرضيها عن افعال المسلمين فى المشرق. ثم وزارة الخارجية الامريكية التى هى مرتع حبيبة القلب هوما عابدين سليلة الاسرة الاخوانية العتيدة و موضع ثقة هيلارى كلينتون التام و هى المطلعة بحكم موقعها و صلتها التى يقال انها "حميمة" جدا بمدام كلينتون التى زوجتها عضو مجلس نواب يهودى لم يستسلم للاسلام كما هو مفترض حتى يليق بالاقتران بهوما المسلمة (جدا)! و ما يتبع هذا القرب المريب من معرفة كل خطط و افكار و اسرار المعلمة و رئيسها كمان! و هل ستستطيع هوما العزيزة ان "تمسك روحها" من افشاء سر مفيد للاخوان حتى عن "سهو" او عدم احتراس وهى تجالس الوالدة الجليلة و الاخ الكريم, وهما من عتاة الاخوان المأصلين, حول مائدة عشاء فى ليلة جمعة مفترجه؟ (الوالد الفاضل انتقل الى حيث الحور و الغلمان المخلدين الذين لا ينزفون بعد كفاح بطولى فى الدعوة الى الاسلام و رفع رايته)  هل يعقل يا مصطفى  ان يتآمر بيت ابيض ووزارة خارجية "متدهولين" بمثل هذا القدر من  الهيام بالاخوان المسلمين على حبايبهم؟
 
ثم يكتيب درش:" إذا كان الهدف (من مظاهرات 25 يناير المرتقبه) هو إسقاط الاخوان المسلميين (فليسقط الاخوان المسلمين) اما إذا كان الهدف هو إسقاط مصر و شعبها و السير فى إتجاة تقسيم مصر و الضغط عليها (فليسقط النظام العالمى و ليذهب الى الجحيم)."
 
و يرد العبد لله بالقول: تمهل يا أخى. ما فيش داعى اى حد يذهب للجحيم. كفى الله الشر! يعتقد العبد لله انه  بناء على ما تقدم, فان قطاعا ليس بالصغير من الشعب المصرى يريد ان يسقط الاخوان. و لا يصح لنا ان نرميهم بالخيانة او العمالة و باقى مفرقعات حنجرة المرحوم احمد سعيد, لا اعاد الله ايامه السوداء, وهو كما تعلم هو من كان قد بشرنا بدخول تل ابيب فى الخامس من يونيو فى عام الوكسه. لنتخلى عن نظريات المؤامرة و لا نعلق خيبتنا على شجاب الاخرين. كيف لكل هؤلاء المصريين ان يكونوا عملاء و مرتشين؟ و لصالح من؟ و ماذا يفاد العالم من تقسيم مصر ولماذا يسعى اليه خاصة و ان كان هناك من القابعين فى مراكز السلطة و القوة  ممن يدعون المصرية  يقومون بهذه المهمة بكفائة عاليه. فبعد ان كان المصريون "ايد واحده" فى الخامس و العشرين من يناير فى ميدان التحرير فرق الاخوان الشعب الى "عشيرتهم" و من هم ليسوا منهم و تفرقة  المصريين هى اول خطوات تقسيم مصر. 
 
أخشى ان تكون يا مصطفى مخدوعا بنوايا  الاخوان نحو مصر او على غير وعى بخواء جعبتهم من المشروعات العملية الحقيقية للتقدم, وبخطورة  غشمهم فى امور السياسة و انحراف ايديولوجيتهم العفنه وعدم انتمائها و ملائمتها لهذا العصر ثم الاستعباط و الاصرار المميت على "دحشها" باساليب القهر و الالتواء و ال"لهوجة"  فى بلاعيم المصريين  قبل ما حد يقفشهم و يبطل سعيهم , تماما  كما يفعل اللص عندما "يلملم" غنيمته بسرعه قبل ما يتقفش. و لا شك انه لو سمح لهم بالاسترسال فى غيهم "المشروع" فسيئول الامر  بمصر و المصريين الى خراب محقق. 
 
سايق عليك الاولياء يا مصطفى تقول للاخوان ان يرجعوا للدعوة و سيبهم من السياسه.  و ما فيش مشكلة فيما عسىاهم فاعلين بمخزونات  الزيت والسكر, حيث يمكن استغلال مواد التوعيه هذه  فى استعادة المارقين و الكفرة الى طريق الحق و سبيل الله. هذا الى جانب الموعظة الحسنة المتمثلة فى نقاء الفكر و استقامة طرق التعامل ممع الغير و كل هذه الحسنات التى يضرب بها اخوان المثل الاعلى فى كل ما يفعلون. ثم ان نجاحهم فى الدعوه حيدخلهم الجنة حدف و يمنع عنهم "باذن الله" مصير و بلاء اهل جهنم. انت مش خايف عليهم و لا ايه؟ يا اخى انصحهم علشان مصلحتهم ما دام لك مثل هذه الثقة بحسن  نوايهم تجاه اليلاد و العباد.  وبذلك تكون نفعت الاخوان و مصر. 
 
أرجوك تقبل خالص مودتى.