ترهبن بدير العذراء السريان.. ورسمه البابا شنوده اسقفًا عام 1971 لإيبارشية البحيرة ومطروح
الكنيسة والأقباط يرفعون الصلوات لنيافته في ظل تدهور حالته الصحية بإحدى المستشفيات

نادر شكري

رقد في الرب شيخًا وشبعان أيام، اليوم الأحد ٣٠ مارس، شيخ مطارنة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وقائم مقام البطريرك نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس  الأنبا باخوميوس  مطران البحيرة ومطروح والخمس المدن الغربية ورئيس دير القديس مكاريوس السكندري بجبل القلالي، بعد حياة حافلة بالعطاء للكنيسة والوطن، عن عمر قارب ٩٠ سنة، وخدم خلالها الكنيسة لأكثر من ٧٠ سنة خادمًا وشماسًا مكرسًا وراهبًا وأسقفًا ومطرانًا، منها حوالي ٥٤ سنة في خدمة الرعاية الأسقفية.

 

وكانت  الكنيسة والأقباط  يصلون حتى أمس  لنيافة الأنبا باخوميوس  مطران البحيرة ومطروح والخمس المدن الغربية، الذي مر بظروف صحية صعبة وكان يرقد داخل إحدى المستشفيات، ولكن جاء خبر رحيله صباح اليوم، بحزن شديد للجميع


•    قائد وراعي
نيافة الأنبا باخوميوس، مطران البحيرة ومطروح وبنتبوليس والخمس مدن الغربية ورئيس دير الأنبا مكاريوس السكندري جبل القلالي بالبحيرة،  شخصية سوف يذكرها التاريخ فهو يملك حبًا كبيرًا داخل قلوب المصريين مسلمين وأقباط، لما يتمتع به من حكمة وحب، ولا يمكن لأحد أن ينسي قيادته للكنيسة في أصعب فتراتها التاريخية الحديثة كقائم مقام، حلفًا لقداسة البابا شنودة الثالث الذي تنيح في مارس 2012، وكان يظن البعض أن الكنيسة ستكون في موقف صعب لاسيما في الفترة  الصعبة التي عاشتها مصر عقب ثورة 25 يناير، وظهور الجماعات المتطرفة، ولكن الله كان حافظ لكنيسته، ليختار نيافة الأنبا باخوميوس لقيادة هذه الفترة الصعبة، حتى انتخاب قداسة البابا تواضروس الثاني للكرسي المرقسي، وخلال هذه الفترة كان نيافة الأنبا باخوميوس ينظر له الجميع، أنه قبطان وقائد وراعي نجح العبور بكنيسته الى بر الأمان ليسلمها للراعي الأمين قداسة البابا تواضروس بعد ظهور القرعة الإلهية لتقول كلمتها.

وكان نيافة الأنبا باخوميوس أول سيامات قداسة البابا شنودة الثالث في الـ12 من ديسمبر 1971 ، حيث أنه أول أسقف يقوم بسيامته البابا شنودة خلال حبريته، ورقى في 2 سبتمبر 1990 لرتبة المطران، وتولى قيادة سفينة

ونسرد في سطور محطات في حياة نيافة الأنبا باخوميوس..
نيافة الأنبا باخوميوس من مواليد شبين الكوم في 17 ديسمبر 1935 م. وتعمَّد بها، واسمه العلماني  سمير خير سكر،  انتقلت الأسرة إلى طنطا سنة 1945 م. تقريبًا(2)، حيث كان والده يعمل كمهندس مساحة (وكان يذهب لكنيسة مارجرجس بطنطا - كنيسة خشبية حينها)، ثم من 1949-1954 في الزقازيق (بغرض بدء الحياة الجامعية، كما حصل على الشهادة الابتدائية في الزقازيق - الشهادة التوجيهية في يوليو 1952 م.).

تعرَّف على أبونا مكاري السرياني سنة 1950 م. تقريبًا، وكان هو أول مَنْ دعاه للتكريس في يونيو سنة 1956 ، وعرض عليه أن يصبح مسئولًا عن سكرتارية اللجنة العُليا لمدارس الأحد.

كما خدم منذ شبابه المبكر (من سن 13 سنة ونصف: 1949 م.) بمدارس الأحد، وذلك بعد دعوة من أ. وليم شنوده أمين الخدمة، وتنوعت خدماته في: دمنهور - ههيا - الزقازيق - الجيزة - شبرا - دمياط، وكذلك في خدمات القرى والافتقاد..  وقد بدأ خدمته مع أ. فريد عطية، وهو شاب أكبر منه قليلًا في السن، سيم بعد ذلك كاهنًا باسم أبونا ميخائيل عطية (والد الأنبا دانيال الأنبا بولا).

رأى أ. نظير جيد " البابا شنودة" في منزل أ. وليم شنوده، حيث كان يأتي الشاب نظير للخدمة وإلقاء الكلمات، وكان ذلك عام 1949/1950 م. تقريبًا.  ثم بعدها لفت نظره كيف يدير فصل مدارس الأحد بحكمة وهو بعد فتى حديث السن، وكان يسأل عنه من لآن آخر.  وذلك إلى أن رآه مرة أخرى بعدها بسنوات حين حضر إليه -قبل رهبنته- مجموعة من الشباب يريدون عمل أسرة جامعية، وذكَّره بنفسه أنه هو نفس ذلك الفتى.

خدم كمسئول لاجتماع الشبان بالجامعة، وفكروا بعمل مجلة باسم خريجي مدارس أحد الزقازيق، وتواصلوا مع أ. نظير جيد سكرتير مجلة مدارس الأحد ليرشدهم في الأمر.  كما كان يخدم بقرى الجيزة من 1952 م، كان يعترف عند القمص مكاري السرياني (لاحقًا: الأنبا صموئيل أسقف الخدمات).

نال بكالوريوس التجارة من جامعة عين شمس عام 1956 م. (أول دفعة من جامعة عين شمس بعد إنشائها، حيث كان اسمها جامعة هليوبوليس).

عُيِّنَ سكرتيرًا للجنة العامة لمدارس الأحد (يونيو 1956 م.، بدعوة من الأب مكاري السرياني - وكان يسبقه في تلك المسئولية القمص أنطونيوس أمين قبل رسامته كاهنًا)، ومشرفًا على بيت الشمامسة بالجيزة بعد إنشاءه مباشرةً (1959-1960-1961 م.، وذلك مع أ. فؤاد كامل [لاحقًا أبونا أنطونيوس كامل بيروكلين]).

ثم درس الإكليريكية من 1959 إلى 1961 م، درس بقسم الاجتماع بمعهد الدراسات القبطية.

عمل فترة في وزارة الخزانة (وزارة المالية بعدها)، دمياط، فبراير 1957 م. (أول دفعة)، كوكيل للحسابات تحت التمرين، ثم عاد في أكتوبر 1959 م.  وبعدها عمل كمدير حسابات في وزارة الصحة ببنها.

قرَّر الاستقالة، ولكن نصحه د. كمال رمزي استينو وزير التموين بغير هذا، وتم إعارته من الدولة للكنيسة كأول حالة في هذا الأمر.
كان أول شماس يخدم بالكويت سنة 1961 م. مع القمص أنجيلوس المحرقي (نيافة الأنبا مكسيموس)، بدعوة من البابا كيرلس، وكانت أول كنيسة رعوية تُنْشأ بالخارج (ذهبوا يوم 6 إبريل 1961 م.).

عاد من الكويت في 2/3 مايو 1962 م.، وعُرض عليه الكهنوت من أكثر من مكان، ولكنه كان لا يريد الارتباط بأسرة لئلا يقل اهتمامه بالخدمة، فآثر أن يكون كاهنًا بتولًا، ثم أخذ قرار الرهبنة في شهر سبتمبر من نفس العام.
•    حياته الرهبانية
حضر إلى دير العذراء السريان بوادي النطرون، وترهب مع الراهب ميصائيل السرياني (الأنبا ميصائيل أسقف برمنجهام) في نفس اليوم في11 نوفمبر 1962 م..رُسِمَ قسًا (تاريخ الكهنوت) في الأحد الرابع من كيهك 2 يناير 1966م. مع القمص اوغريس السرياني، والقس متياس السرياني.

في يوم 6 فبراير 1966م بدأ خدمته لمعهد إعداد الخدام الأفريقيين بكوتسيكا؛ حيث أشرف على المركز البابوي للكرازة لإعداد الخدام الأفريقيين.بعدها خدم بالسودان من سنة 1967 إلى مايو 1971، وقام بتعميد كثير من الوثنيين بجبال النوبة (وكان يخدم في السودان حينها أيضًا أبونا القمص موسى فوزي الأمجد).
وهناك رسمه الأنبا دانيال قمصًا في 28 يوليو 1968م باسم أبونا الراهب القمص أنطونيوس السرياني، أوفده قداسة البابا كيرلس السادس إلى إثيوبيا عام 1971.

أسس الكنيسة القبطية في لندن، ثم تابَع العمل القمص متياس السرياني عام 1971، مُثَّل الكنيسة القبطية في عدة مؤتمرات دينية بالخارج، واختير عضوًا في مجلس الكنائس العالمي، ومجلس كنائس الشرق الأوسط، ومجلس كنائس كل أفريقيا.

•    الرسامة اسقفًا
سامه قداسة البابا شنوده 12 ديسمبر 1971 م. أسقفًا للبحيرة وتوابعها الخمس مدن الغربية في الأحد الأول من كيهك مع نيافة الأنبا يؤانس أسقف الغربية.  فكانا باكورة الأساقفة الذين سامهم قداسة البابا شنودة الثالث. ليتم تجليسه على ايبارشية البحيرة كإيبارشية مستقلة عن إيبارشية الغربية، والتي أصبحت من أكبر الإيبارشيات في تاريخ الكرازة المرقسية .

تم  ترقيته مطرانًا في 2 سبتمبر 1990 م، مع نيافة الأنبا بيشوى مطران كفر الشيخ ودمياط والبراري
وإيبارشيته تضم محافظة البحيرة ومطروح والساحل الشمالي ومقر المطرانية بدمنهور بالإضافة لبرج العرب - العامرية - كنج مريوط - بهيج - مدينة السادات – الهوكرية وأيضا قام نيافته بتأسيس الخدمة وبناء الكنائس في دولة ليبيا قبل تدمير أغلبها بعد سقوط معمر القذافي على يد التنظيمات الإسلامية.
أحضر نيافته جزءًا من رفات القديس أغسطينوس في عام 1987 من الجزائر، وأودعه كاتدرائية العذراء والقديس أثناسيوس بدمنهور، وعديد من الكنائس. ويُحْتَفَل به سنويًا.

بعد نياحة مثلث الرحمات قداسة البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث في 17 مارس 2012، أصبح هو القائم مقام البطريركي (وذلك بعد اعتذار الأنبا ميخائيل مطران أسيوط لِكِبَر سنه).  واستمر في المنصب حوالي ثمانية أشهر، حتى تجليس قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس في نوفمبر من نفس العام.

•    محاور خدمته
كشف نيافة الأنبا باخوميوس في حوار سابق مع " وطني" عن أهم محاور خدمته التي أسس على أساسها الخدمة

وقال قمت بوضع 10 محاور للخدمة: لا يحرم جائع من طعام لا يحرم مريض من علاج لا تحرم فتاة من زواج لا يحرم معوق من عناية لا يحرم طالب من تعليم لا يحرم سجين من رعاية لا يحرم عاطل من عمل لا

ولا يحرم مؤمن من إيمان لا يحرم خدمة روحية من أن تقام لا يحرم انسان من مأوى وهى تشكل خبرات عملية أثناء الخدمة وكل خبرة منهم تحوي دروس كثيرة وكان الرب يرسل لنا الاحتياجات ويسدد احتياجات هذه الفئات ويعطينا نعمة لسد احتياجات الآخرين وحتى في بناء الكنائس كنا نعمل بقول الكتاب كل مكان تدوسه بطون أقدامكم يكون لكم، فالرعاية السليمة تحتاج إلى مدبر ساهر وأمين في الرعاية، كما أن هناك علم الإدارة يساعد على الرعاية الروحية فالإدارة علم نقدم من خلاله أفضل خدمة بأقل وقت وبأقل مجهود ومع استخدام الآخرين والرب يدبر احتياجاتنا والخدام الذين يخدمون.

•    ملفات ومحطات
يملك نيافة الأنبا باخوميوس تراث كبير على كافة المستويات وملفات عديدة سوف نطرحها خلال حلقات قادمة في خدمته ورعايته وأهم المواقف الوطنية والكنسية.